في ليلة مازال يتذكرها تاريخ مصر والمنطقة العربية كافة، وقع في القاهرة حدث غيّر تاريخها جذريا ومازلنا نشهد آثاره إلى اليوم، إنها ليلة 23 يوليو عام 1952 حينما خرج الجيش من ثكناته معلنًا غضبه عما يحدث في البلاد.
فى صباح اليوم، انطلق الضابط الأحرار، واستولوا على الأجهزة والهيئات الحكومة، ومبنى الإذاعة، والمرافق العامة، وأعلنوا للشعب إنتهاء الملكية والاستعباد وبداية لعصر جديد ليس فى مصر وحدها بل وفى الشرق الأوسط ودول العالم الثالث.
وخطط الضباط الأحرار، للإطاحة بالملكية فى عام 1952، لتحقيق عدة أهداف، منها القضاء على الاستعمار والاقطاع، وعلى سيطرة رأس المال، وإقامة جيش وطني قوي، وحياة ديمقراطية سلمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
محمد نجيب يعلن بيان الثورة
هذه الأهداف الستة منها ما تحقق على مدار الأيام التى الثورة مباشرة، ومنها ما تحقق فى غضون السنوات التالية، ومنها أيضًا ما لم يتحقق حتى هذه اللحظة، ومازال ينتظر القيادة التى تعمل على تنفيذ الأهداف التى قامت من أجلها ثورة يوليو قبل 62 عامًا.
أهداف تحققت
ومن الأهداف التى قامت من أجلها ثورة يوليو، وتحققت هو التخلص من النظام الملكي بعزل الملك فاروق، وإعلان مصر دولة جمهورية فى 18 يونيو 1953، وتعيين الرئيس محمد نجيب أول رئيس رسمي للبلاد، ومفجر الثورة لدرجة أن صحيفة "المصري" كتبت على صدر صفحتها الأولي مانشيت "نجيب يقوم بتطهير الجيش".
تحقق هدف آخر وهو بناء جيش قوى احتل هذه الأيام الترتيب الحادى عشر بين أقوى جيوش العالم خلال تصنيف مجلة GLOBAL FIRE POWER تقدم الجيش المصرى مركزا فى تصنيف أقوى الجيوش بالعالم، حيث احتل الجيش المصرى المركز الـ11 عالميًا والأول عربيًا.
كما تحققت أهداف الثورة بالقضاء على الإقطاع، وسيطرة رأس المال والاحتكار، وقتها وقامت بتأميم قناة السويس، وتوزيع الأراضي على صغار المزارعين، والتوسع فى رأسمالية الدولة، عبر إقامة المصانع المملوكة للدولة.
أهداف لم تتحقق
بينما نجحت الثورة خلال سنواتها الأولي في تحقيق عدد من أهدافها مثل العدالة الاجتماعية، والقضاء على الإقطاع، لكن بمرور الوقت ومع سوء استغلال السلطة، تراجع هدف العدالة الاجتماعية وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الثورة، وظلت العدالة الاجتماعية غائبة إلى أن قامت ثورة 25 يناير2011 ومن بعدها ثورة 30 يونيو، وتحول الإقطاع من صورته القديمة إلى مجموعات رأسمالية من أصحاب المصالح الخاصة.
كما لم تتمكن ثورة يوليو من بناء الديمقراطية التى سعت لها، وإن كان ما ظهر منها هى ديمقراطية منقوصة لم تدم طويلًا، سوى بعزل الملك وتنصيب رئيس دون تداول حقيقي للسلطة، وكرس الرؤساء أنفسهم أوليا على الشعب المصري، تارة بالاستفتاء وتارة بانتخابات شابها العوار والزيف، وأصبحت المناصب حكرًا على فئات معينة قريبة من الرئيس وحاشيته، وأصبحت ولاية الرؤساء الذين مروا على مصر تنتهى إما بالموت أو القتل بالرصاص أو نتيجة لثورة تعزل أو تخلع الرئيس.
وظهرت الرغبة فى السلطة جليًا عندما دعا الرئيس الراحل محمد نجيب فى عام 1954 وطالب بعودة الجيش إلى ثكناته العسكرية، وهى الدعوة التى قوبلت بغضب من الضباط الأحرار ومجلس قيادة الثورة، التى ارتأت إن دعوات نجيب تهدد مصالحها وقامت بعزله عن الحكم.