"أم الثورات".. "23 يوليو" الشرارة التي ألهبت مشاعر الشعوب العربية حتى نالت حريتها

بعد النجاح التى حققته ثورة يوليو 1952، كانت شرارة تلهم باقي الشعوب العربية، وتحثهم على التحرك ورفض الظلم والاستبداد والثورة على الاستعمار، فنار الثورة التي اندلعت في مصر طالت عددا من الدول العربية كالجزائر واليمن وليبيا.

في 1 نوفمبر عام 1954 كانت شرارة الثورة المصرية التي قام بها الضباط الأحرار قد وصلت إلى الجزائر بعد عامين من اندلاعها، لتستمر ثورة المليون شهيد لمدة 7 سنوات ضد المستعمر الفرنسي، بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية، حتى سقط الاستعمار في 5 يوليو 1962.

كان دعم مصر للثورة الجزائرة منذ الخمسينات والستينات واضحًا للجميع، ما دفع كريستيان بينو وزير خارجية فرنسا وقتئذ إلى التأكيد أن التمرد في الجزائر لا تحركه سوى المساعدات المصرية، فإذا توقفت هذه المساعدات فإن الأمور كلها سوف تهدأ، لوجود مليون مستوطن فرنسي في الجزائر، ولأن فرنسا اعتبرت الجزائر جزءًا لا يتجزأ منها، بحسب ما جاء في كتاب "حرب الثلاثين عاما" للكاتب محمد حسنين هيكل، وهو ما ترتب عليه اشتراك فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر.

دعم مصر لثورة الجزائر دفع بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل إلى قول: "على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن عبد الناصر الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر"، وبحسب هيكل فإن الثورة الجزائرية تلقت أكبر شحنة من السلاح المصري أثناء القتال على الجبهة المصرية وقت العدوان الثلاثي الذي تعرضت له مصر.

اليمن هي الأخرى استلهمت ثورتها التي قام بها ضباط الجيش مما حدث في 23 يوليو في مصر، ففي 26 سبتمبر عام 1962، كانت الخطة التي وضعها المشير عبدالله السلال مع عدد من ضباط الجيش اليمني جاهزة للتنفيذ، للانقلاب على الإمام محمد البدر حميد الدين، وإعلان قيام الجمهورية اليمنية، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، حيث كانت هذه الحركة التي عرفت بحرب اليمن أو ثورة 16 سبتمبر سببًا في دخول اليمن في صراع استمر حتى ثماني سنوات بين دعم السعودية للإمام، ودعم مصر بقيادة عبدالناصر للثورة من جهة أخرى.

كان الضباط في اليمن يسعون إلى تكرار تجربة ثورة 23 يوليو في مصر، ضد حكم الإمام محمد البدر الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد واستشرى الفساد في نظام حكمه، حيث رفع الضباط اليمنيون نفس الشعارات التي رفعها الجيش المصري أثناء ثورة 23 يوليو، منها ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻣﺨﻠﻔﺎﺗﻬﺎ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ ﺟﻤﻬﻮﺭﻱ ﻋﺎﺩﻝ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﻭﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ، وﺑﻨﺎﺀ ﺟﻴﺶ ﻭﻃﻨﻲ ﻗﻮﻱ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺣﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ، وﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ.

"ثورة الفاتح" في ليبيا هي الأخرى استمدت روحها من ثورة 23 يوليو، ففي 1 سبتمبر عام 1969، تحرك الملازم معمر القذافي ومعه ما عرفوا بالضباط الوحدويين الأحرار في الجيش الليبي، تجاه مدينة بنغازي لتحرير مبنى الإذاعة ومحاصرة القصر الملكي، ومن ثم سارع ولي العهد وممثل الملك بالتنازل عن الحكم، حيث كان الملك محمد إدريس السنوسي خارج البلاد في رحلة لتلقي العلاج في تركيا.

كان جمال عبدالناصر ورجاله يراقبون الوضع وتطوارته في ليبيا باهتمام، وكانوا على اتصال مع قيادة الثورة الليبية ومعمر القذافي، الذي قبل اقتراح جمال عبد الناصر، بخصوص إقامة الملك السابق إدريس السنوسي في القاهرة، حتى لا يصبح عرضة للتأثير الأمريكي في أثينا، وركَّز مجلس قيادة الثورة كلَّ السلطات بيده، ووزَّعت داخله الاختصاصات بمساعدة مصرية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً