ذكرى 23 يوليو.. ليلة في بيت عبد الناصر

23 يوليو

ناصر خالف قانون العسكرية لإلحاقى بالكلية الحربية

خالد عبد الناصر أهدانى «طائرة» بالريموت فى عيد ميلادى

هدى ومنى عبد الناصر من أكثر فتيات جيلهن احتشاماً ورقى

أهديت خالد ساعة غالية السعر فى عيد ميلاده.. وهذه تفاصيل ليلة وفاته

لواء محمد صالح مكرم، حفيد عائلة المناضل المصرى «عمر مكرم»، وقت حكم المماليك والعثمانيين وأحد الشهود على صراع الاثنين على حكم مصر والمقاوم الشعبى، الذى حارب الغزو الفرنسى للبلاد ونقيب الأشراف بعدها.. يحمل مكرم «الحفيد» ذكريات ثرية عن فترة من أهم الفترات، التى عاشتها مصر، فقد كان زميلاً فى الصف لحفنة من أبناء حكام ومشاهير البلاد، ومنهم خالد جمال عبد الناصر وأبناء المشير عبد الحكيم عامر وأيضاً الابن الوحيد للفنان إسماعيل يس وغيرهم ممن أثروا فى تاريخ هذا البلد فى كل المجالات.

ويسرد اللواء طيار محمد صالح مكرم فى (حلقته الثانية) قصته مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وكيف كانت صداقته بنجله خالد، حيث كانا صديقان وقت الدراسة، وعن الطريقة التى أصبح بها زميلاً دراسياً له ,وإلى النص.

*مدارس الأعيان

والدى مثل كل أعيان وأغنياء البلد، كان يفضل أن يدخل أطفاله أفضل مدارس فى الدولة، وكان يبحث عن المدارس التى يدرس فيها أولاد الأغنياء والزعماء والمشاهير ويلحق أولاده بها، وهو ما حدث معى وأشقائى.

وصداقتي بخالد جمال عبد الناصر، كانت بحكم الصف الدراسى الذى جمع بيننا، وكان شخصية هادئة يفكر أكثر مما يتكلم، وكان نموذج الشاب الذى يصلح تماماً ليكون نجلاً لزعيم بقدر جمال عبد الناصر، لأنه تربى على خطى والده وشرب من شخصيته وصفاته التى أهلته للزعامة وجعلته معشوقاً من الشعب حتى الآن.

وكان والدى يملك فيلا ضخمة مترامية الأطراف، مقامة وسط أرض مساحتها خمسة آلاف متر، وهى مترامية الأطراف وتحتوى حمام للسباحة، وهو كان تقليداً غير منتشراً وقتها، ولكن لأن أبى كان يعمل بمجال الهندسة، صمم الفيلا بشكل مختلف، وساعده على مزيد من الإبهار المساحة الشاسعة التى تحيط بالمبنى نفسه، وكان حمام السباحة سبباً فى إقبال الكثير من الأطفال على زيارتنا للاستمتاع بهذا الحمام الخاص، حيث يمكنهم السباحة فى أى وقت يشاءون.

وحين قررت الاحتفال بعيد مولدى مثل كل عام، وقتها كنت شاباً صغيراً، طلبت من والدى دعوة خالد جمال عبد الناصر صديقى للحفل، ورحب والدى بالفكرة، وبالفعل قام بدعوته وكذلك أبناء عبد الحكيم عامر، وغيرهم من أصدقاء الدراسة وقتها، وأذكر من بينهم نجل الموسيقار رياض السنباطى.

*حرس جمهورى وهدية نادرة

أتت مجموعة من الحرس الجمهورى قبل حضور"خالد" لتأمين المكان، وذلك بأوامر من عبد الناصر شخصياً، وحتى يضمنوا مستوى المكان وتدابيره التأمينية، وهو الأمر الذى أبهر الحرس، وكانوا يفكرون كيف يمكن تأمين هذه المساحة الكبيرة لوجود خالد بعيد مولد صديقه، وحين أتى "خالد" أهدانى شيئاً غير مألوف على الإطلاق، وكان عبارة عن طائرة طولها متر تعمل بالريموت كنترول، فى وقت كانت ألعاب الريموت كنترول لا وجود لها إلا فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هدية أكثر من رائعة ومميزة، وعرفت بعدها أن الطائرة هى واحدة من عشر طائرات كانت هدية من الرئيس الأمريكى جون كينيدى لوالد خالد، وهى الطائرات التى احتفظ "خالد" منها بواحدة وقرر أن يهدى التسع طائرات الأخرى لأصدقائه المقربين، وكنت أنا من بينهم، واعتبر والدى المهندس الشهير أن الهدية رائعة ومبتكرة وتليق بوضع خالد وتظهر مدى القرب بين ابنه محمد وخالد جمال عبد الناصر.

*حكاية عيد ميلاد

مرت الأيام وحل الاحتفال بعيد ميلاد «خالد» وكنت أنا أول المدعوين له، وعرفت أن الوقت حان لرد الهدية، وجلست أفكر ماذا أهدى صديقى، ليكون بقدر هديته السابقة بعيد مولدى، واقترح والدى وقتها أن تكون الهدية ساعة يد قيمة وباهظة السعر، وكانت الهدايا الباهظة الثمن يترك معها مكان الشراء والسعر وقسيمة البيع، حتى يستطيع صاحبها أن يعود إلى المحل فى حال تعطلت، أو أراد تغيير أو تعديل شئ ما فيها، وبالفعل حصل على ساعة باهظة الثمن وكان سعرها 30 جنيهاً، وهو سعر عال جداً فى ذلك الوقت.

*ليلة فى بيت عبد الناصر

دخلت إلى بيت خالد عبد الناصر، وجدت فى استقبالى حرس يصطحبونى حتى مكان وجود عبد الناصر شخصياً، وكان الزعيم يسلم باليد ووجهه بشوش مع كل المدعوين، والحفل حضره كبار رجال الدولة فى أزياء العمل من حربية وملكية وشرطية، وكأنها حفل يحضره سفراء عن الدول، حيث تميز بالأناقة والرقي، وصافحنى عبد الناصر وسألنى عن والدى وعمله، وطلب منى الانضمام للأطفال حيث تقاليد الحفل المعروفة.

*بنات ناصر

منى وهدى عبد الناصر من أكثر سيدات مصر احتشاماً وأناقة ورقى فى هذه الوقت، كانتا أكبر من خالد، وتميزتا بالرقة والجمال الذى كان يميزهما بين الحضور، وكانتا ترتديان أزياءً مبهجة تدعو للتفاؤل وتناسب عمرهما، وقابلا الجميع بالابتسامات الرقيقة، وكانتا تتمتعان بالطول والرشاقة أيضاً بالنسبة لطول الأولاد أصدقاء خالد فى الحفل لأنهم أقل منهما عمراً.

*واسطة عبد الناصر

ظلت علاقة الصداقة تربط بينى وبين خالد حتى وصلنا للجامعة، وفى هذا الحين كانت رغبتى أن أدخل الكلية الحربية، ولكن لم يكن مسموحاً لى برغم لياقتى وثراء أسرتى بسبب جنسية والدتى الأرمينية، وهنا لم يكن أمامى إلا أن أطلب من صديقى "خالد" أن يتدخل ويطلب من والده أول وأخر استثناء فى حياته، وهو أن يسمح لى بدخول الكلية الحربية، وطلب جمال عبد الناصر أن يقابل هذا الصديق المقرب من ابنه، وبالفعل ذهبت للقاء الزعيم المصرى فسألني، لماذا تريد الالتحاق بالكلية الحربية حيث الشقاء والتعب؟، ولم لا أختار كلية سهلة، مثلما فعل أصدقاء دراستى، فقلت له إنها رغبة والدى أن أصبح عسكرياً، حيث يجد فى العسكرية شرفاً وكرامة وفرصة لإثبات الذات لا توجد فى أى مهنة أخرى فى رأيه، وسألنى مجدداً، وماذا لو فشلت؟، فأجبته سأكون خضت التجربة، فقط أريد الفرصة، وبالفعل منحنى عبد الناصر الاستثناء، ودخلت الكلية الحربية، اجتزت الاختبارات الصعبة، واستطعت التفوق فيها حتى أصبحت أحد أشهر طلابها.

تسببت الدراسة في البعد بينى وبين صديقى خالد وفرقت بيننا الأيام، برغم من أننا على اتصال قدر المستطاع، وظلت العلاقة تربط بيننا حتى أصيب خالد بالمرض الخبيث "السرطان"، ورحيله فى أثناء رحلته للعلاج بأحد المستشفيات في بريطانيا.

نقلا عن العدد الورقي

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً