كل عصر وله اهتماماته وظروفه المحيطة به من حيث اختلاف العادات والتقاليد واختلاف الشكل والمظهر والبيئة العامة عموما، كما أن لاختلاف عنصر الزمان والمكان أثره في اختلاف اختيار أماكن العطلات والاجازات والرحلات وحتى اختلاف القدرة على أداء مثل تلك الرحلات أو العطلات أو الأجازات فالطبقة التي كانت قادرة على السفر إلى خارج مصر في عصر من العصور لا تتوافر لديها تلك القدرة الآن والعكس صحيح.
كما أن سبل السفر والترحال كانت تختلف من حيث سهولتها وصعوبتها من عصر لآخر ولأننا كلنا نتغنى بروعة مصر وأهل مصر في عصر الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي ونلقبه دائما بعصر الزمن الجميل فقررنا أن ندخل سويا في عالم من الأحلام ونعرف سويا كيف وأين كان يقضي المصريون في تلك الحقبة أجازاتهم وعطلاتهم.
1 – العائلة المالكة
قبل ثورة 23 يوليو كانت مصر خاضعة للحكم الملكي بطبيعة الحال وكل ملك من ملوك مصر كان ينحدر من عائلة تسمى العائلة المالكة أي العائلة المنحدرة من سلالة محمد علي باشا، أفراد تلك العائلة كانوا دائما ما يخصصون وقتا معينا من كل عام للسفر فيه إلى أي قطر من الأقطار خارج الوطن وغالبا ما يكون فرنسا او انجلترا، وأحيانا كانوا يذهبون إلى الإسماعيلية حيث كانت وقتها مزار كبار القوم وأغنياء الشعب. كما أن غالبية سكانها كانوا من الأجانب المقيمين في مصر هذا بالنسبة للمصائف؛ أما بالنسبة للسياحة التاريخية فكان الأمر الطبيعي هو الذهاب إلى الأقصر وأسوان لما فيها من معابد وآثار زاخرة بعبق التاريخ المصري.
بعد ثورة 23 يوليو أصبحت مزارات الأغنياء في السياحة الداخلية في مصر قليلة جدًا حيث لم تكن هناك مصايف كشرم الشيخ والغردقة والساحل كما هو الحال الآن فكانت عناصر الطبقة الغنية والتي تحولت من قبضة يد العائلة المالكة التي سلبت منها أموالها بفعل التأميم إلى رجالات الجيش ورؤساء القطاعات الكبيرة في الدولة فاصبح هؤلاء الأغنياء يصيفون في رأس البر أو أماكن معينة مثل الإسكندرية هذا بجانب الأهرامات وأبو الهول في الجيزة والأقصر وأسوان.
2 – عامة الشعب
لم يكن هناك في مصر في عهد الدولة الملكية ما يعرف بالطبقة المتوسطة فكان الأغنياء والفقراء فقط وفقراء مصر لم يكونوا يحلموا بشئ مثل المصيف فكانوا لايعيشون معنى العطلات فالعطلات الصيفية عند فقراء مصر وقتها كانت مقتصرة على أهالي المدن الساحلية القاطنين بجوار البحر فقط.
ولكن بعد ثورة 23 يوليو أصبح من السهل على الطبقات المتوسطة والطبقات الأقل فقرا الذهاب إلى الأسكندرية في وقت قليل من العام كما هو يحدث الأن ولكن طبعا السياحة الخارجية لم يكن لها نصيب لفقراء مصر او حتى اصحاب الطبقة المتوسطة نظرا لضيق الحال بالنسبة لهم في مثل تلك الأمور.
3 – الانفتاح
إبان فترة الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات تطورت فكرة السياحة والعطلات بالنسبة للمصريين بشكل كبير وتعدد المصايف والسفريات المتاحة للمصريين داخل القطر حيث بدأ المصريون يسمعوا عن جمصة ورأس البر كما تسهلت فرص السفر إلى الاسكندرية بشكل كبير والتي أضحت المصيف الشعبي الأول بالنسبة للمصريين.
4 – العصر الحالي
أما حاليا فلا يختلف كثيرا عن عصر الانفتاح ولكن كل الاختلاف أنه أصبح في مقدرة المصريين أن يذهبوا للسياحة وقضاء العطلات في شواطئ شرم الشيخ والغردقة تلك المصايف التي كانت بعيدا عن المصريين إبان عصر الثمانينات والتسعينات وأوائل الألفية الجديدة.
5 – السياحة الداخلية
السياحة في مصر وخاصة في الأقصر وأسوان كانت متاحة في كل العصور بعد ثورة 23 يوليو لشريحة كبيرة من المصريين وإن كان البعض إلى الأن يتكبد عناء جمع الأموال للقيام بمثل تلك العطلات.
6- السياحة الخارجية
فالطبقة المتوسطة المصرية على مر العصور لم يك في إستطاعتها السفر إلى خارج البلاد اللهم إلا إذا كانت بغرض السياحة الدينية أو أداء مناسك الحج والعمرة في السعودية وهذا أيضا بعد قضاء سنوات في جمع مصاريف السفر بالنسبة لشريحة كبيرة من الشعب المصري.