صناعة الخوص.. "مهنة الغلابة" مهددة بالاندثار (صور)

صناعة الخوص يدوية لا تحتاج إلى آلات كبيرة وتعتبر أهم مصادر الدخل للفقراء الذين لم ينالوا حظهم فى الحصول على وظيفة مناسبة تنتشلهم من الضياع والفقر والجوع.

ومع تجاهل المسؤلين لتلك الصناعات التراثية سوف يؤدى لانقراضها عاجلا أم آجلا، فعلى المسئولين الانتباه، والاهتمام بتلك الموروثات الحرفية وتنميتها كونها تحظى باهتمام العديد من السياح الأجانب عند زيارتهم للنوبة في محافظة أسوان، وتعتبر من الأساسيات التي تشتهر بها بعض المحافظات كأسوان والوادى الجديد والفيوم أمام السياح من مختلف الجنسيات.

ويعتبر الخوص فى محافظة الوادى الجديد حرفة للنساء فقط انتقلت هذه الصناعة بالوراثة كالعادات والتقاليد وتقوم الأم بتعليم بناتها هذة الصناعة نظرا لأنها المهنة الانسب للنساء والتى توارثوها من أهالى الواحات، كما أنها صناعة يدوية بسيطة موادها الخام متوفر فى الطبيعة ومحافظتم بها أكثر من مليونى نخلة."المقاطف، والعلايق، والقواديس، والملقون، والشادوف، والبرش، والمراوح، والشنط، والبرنيطة".. منتجات خفيفة الوزن، تصنع من الخوص ومعظمها تحفظ الأطعمة من العفن، لمقاومتها الرطوبة.

تشتهر قرى وأسر بأكملها في الوادي الجديد بتصنيع الخوص، كقرية البشندى التابعة لمركز بلاط وقرية المنيرة بالخارجة، وهي من أشهر القرى التي تصنع الخوص وتدرب الفتيات الراغبات في تعلم الحرفة اليدوية.تقول الحاجة فتحية ربة منزل، أنها كانت تقوم بصناعة منتجات الخوص لسد احتياجات منزلها فى بادىء الأمر، ولكنها وجدت منها حرفة وطلب على تلك المنتجات من قبل السياح الزائرين للقرية كل شتاء فقامت بتشغيل اكتر من 3 فتيات لسد المطلوب منها.ومن المعروف أن صناعة الخوص حرفة جميلة ومتقنة تصنعها الأيدى بدون تدخل أى آلة مما يجعلها حرفة رائعة ودقيقة، وتنال إعجاب العديد من السياح الأجانب، ولكنها لا تلقى اهتمام المحافظة بها.

"‘أم سيد"، امرأة ساعدتها صناعة الخوص على تربية أبنائها، بعد وفاة زوجها الذي كان عاطلًا عن العمل، واستطاعت من خلال بيع إنتاجها للتجار من مختلف المحافظات أن تعبر بأولادها إلى ‘‘بر الأمان’’، كما قالت، فعلمتهم تعليما جامعيا عاليا، وزوجت الفتيات منهن على أكمل وجه، وبعد أن ‘‘ارتاح قلبها من ناحيتهم’’، حجّت واعتمرت لبيت الله الحرام، وكل ذلك من مكسب الخوص.أما ‘‘الحاجة أم عبد الله’’، فكان دخلها لا يتعدى 250 جنيها، هو قيمة معاش زوجها، حتى بدأت في العمل بصناعة الخوص، وكان بالنسبة لها بابا واسعا للرزق، أتمت من خلاله زواج أبنائها الثلاثة، وظلت تعمل في المهنة حتى أصبحت محترفة، فتقول إنها استُدعيت أكثر من مرة لتُدرِب الفتيات، وبالفعل قامت بمنح عدة دورات تدريبية لعدد كبير من الفتيات، منهن كثيرات أبدعن في المهنة، من ذوات المؤهلات المتوسطة والعليا، وأصبحن يحققن دخلا جيدا، من خلال بيع أعمالهم في معارض الخوص المتكررة في المحافظة.

الخوص في بلد القفاصين "بلد القفاصين " وهى قرية بسيطة تقع فى أول طريق الصعيد تابعة لمركز البدرشين بمحافظة 6 أكتوبر وتدعى قرية المرازيق، يوجد بها كم هائل من النخيل، فقد رزقها الله المواد الخام والتى يستغلها أصحاب القرية للبحث عن لقمة عيشهم. فأستطاعوا أن يستخرجوا السعف من النخيل ويصنعون منه الأقفاص والكراسى ويبيعون بعضهم لتجار الأثاث لصنع الصالونات.يقول حسن 32 سنة، أن الدخل بيتوقف على طلب التجار على شراء الأقفاص والدخل لا يكفى سوى أن يصرف الفرد ع نفسه فقط.وقال محمد 18 سنة، كثرة النخيل فى القرية جعلنا نعمل فى هذه المهنة من قديم الأزل، وذكر "أنه تعلم هذه المهنة منذ الطفولة بعد قص السعف من النخيل بيتم نشره فى الشمس لفترة طويلة ويتم تقشيره ونأخذ البعض لتخريمه وعمل أقفاص العيش وموسم قص السعف لدينا هو موسم الشتاء".وأوضح سيد 35 سنة، أن القفاص لا يستطيع أن يستمر فى عمله بعد أن يتم 40 سنة لأنها مهنة مؤلمة لفقرات الضهر.كما يوجد فى القرية العديد من الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم 9 سنوات ويحصلون على مكسب من جنيه إلى 4 جنيهات فى اليوم.

وقال الحاج أحمد عبد العزيز 51 سنة ولديه 4 أولاد، إنه يعمل فى هذه المهنة منذ 7 سنوات بعد إصابة عمل فى قدميه منعته من الحركة، فلا يجد سبيل غير عمله فى أى صناعة يدوية، ولم يورث هذه المهنة كالآخرين بل تعلمها بالممارسة، قائلا: "نحصل على الخوص وريش النعام الذين يصنعون به منتجاتهم من أحد المزارع فى طريق إسكندرية الصحرواى ومن الإسماعيلية ويوجد بعض من هذه المواد الخام المستوردة من الصين والتى تباع فى وسط البلد ولكنها ليست بنفس الجودة المصرية فهم يصنعوها من الخيوط ونحن نعيد تصنيعها باستخدام الأسلاك، ويعتبر مكسبهم حسب الانتاج فحسب الكمية المنتجة يتقاضون أجرهم.كما قال الحاج فرح، إن العمل فى هذه الصناعة ليس أمرا سهلا وهى حرفة متعبة ومؤلمة فتحتاج للجلوس فترات طويلة وتسبب آلم فى فقرات الضهر وآلم فى العين وهو يعمل فى هذه المهنة منذ 8 سنوات، موضحًا أن الاقبال على شراء هذه المنتجات أصبح ضعيفا وقطاعى وليس جملة فحاليا ظهرت المكنسة بدلا من السعافة الليف فتشتري الفتيات سعافة بلاستيك لأنها أجمل شكلا وأحدث ويشترون سبت بلاستيك وشنط وعربات للسوق، مضيفًا "الست زمان كان بتمسك سبت الخضار وفرحانة بيه وكمان كانت بتستخدم سبت الكحك والبسكويت وسبت علشان العيش بعد ما تخبزه دلوقتى خلاص راحت أيام الحاجات دى وطلع حاجات شيك".وأوضح محمود 24 سنة، "أنه شاب وفى مقتبل الحياة ولم يجد وظيفة بمؤهله وهو بحاجة لجلب مصاريف لنفسه، منوهًا بأن العمل ليس به تأمين ويتقاضى أجره باليومية واليوم الذى لا يعمل فيه أو يتعب لا يجد راتب كالموظفين فى آخر الشهر".

الخوص وأنواعه هناك نوعان من الخوص الأول هو لب الخوص الجمان وهو يستخدم لنويه معينة من الانتاج ويتميز اللب ببياضه نتيجة تعرضه للشمس يتميز بصغر حجمه ومرونته وسهولة تشكيله.أما النوع الثاني فهو من بقية أوراق النخيل العادية وهي أوراق أكثر خشونة وطولا ويتم غمرها بالماء لتطريها حتى يسهل تشكيلها، كما يتم تلوين الخوص بألوان عديدة مثل الأخضر والعنابي والبنفسجي، الجدران تعود إلى ما قبل الميلاد.. وكانت هذه الأصباغ تتوفر عند البياع الجوالة على الحمار في موسم حصاد التمر أوكانت تجلب غالبا من مصر أو من العطارين في حلفا القديمة.الأدوات الضرورية لصناعة الخوص ومن الأدوات الضرورية وعاء تغمر فيه أوراق النخيل لتبتل وتقوى وتكون طرية تسهل استخدامها وتشكيلها في التجديل، وورق النخيل من النوع المركب واستعمالاته عديدة حسب موقعه من النخلة فالذي في القلب ولونه أبيض ويسمى (القرى) يصنع منه السلال والبروش، والنوع الذي يليه أخضر اللون يستعمل في صناعة السلات (القفة)،للتخزين وشبكة صيد السمك.عند تصنيع الخوص نسجا وحياكة لا بد من نقع خيوطه في الماء لتلينه سواء كان خوصا عاديا أو ملونا فهذه الصبغة لا تزول بالماء وبعد تطرية الخوص يسهل تشكيله ويبدأ التصنيع بعمل جديلة طويلة وعريضة متقنة الصنع متناسقة الألوان ويختلف عرض الجديلة حسب نوع الإنتاج وكلما زاد العرض كلما زاد عدد أوراق الخوص المستعملة وباتت الصناعة أصعب. وبعد صناعة الجديلة يتم تشكيل الخوص بالإستعانة بإبرة عريضة وطويلة وسلالة من شرايح سبيط التمر الطوال التي كانت تنسل إلى خيوط قبل أن تنشف في موسم حصاد التمر وتحفظ كمواد خام للإنتاج تخيط وتشبك مع بعضها بتغليفها بسعف الدوم (النج) بشكل حلزوني مع الأخرى لتأخذ الشكل أو الشيء المطلوب سوى كان برشا أو قفة أو سباته أو طبق شوير وكنتى كصفرة أو كماعون لوضع وعرض وتقديم الأشياء الثمينة مثل شيلة العريس وتغطية الأكل حتى لا يتعرض للتراب والحشرات ولعرض مقدرة ومهارة ربة البيت في هذا الجانب التي كانت تعتبر من أهم المقتنيات الاجتماعية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً