رصدت "أهل مصر" انتشار ظاهرة تزويغ الأطباء من نوبتجياتهم بالمستشفيات الحكومية ببني سويف، للعمل بعياداتهم الخاصة، الأمر الذى أدى لمضاعفة معاناة المرضي وذويهم، حيث يهرب أغلب الأطباء من العمل بالمستشفيات العامة والمركزية والوحدات الصحية ويتغيبون عن الحضور، خاصة فى النوبتجيات المسائية والليلية، كما يقوم بعضهم بالاتفاق مع طلاب بكلية الطب على التواجد فى أماكنهم بالنوبتجيات مقابل الحصول على قيمتها المالية، فى مخالفة واضحة للقانون من الجانبين.
يقول "علي محروس جابر"، محام: إن معظم الأطباء يتغيبون عن النوبتجيات للاهتمام بعياداتهم الخاصة فى مخالفة واضحة للقانون، وهؤلاء يحتاجون إلى متابعة من لجان التفتيش بمديرية الصحة لإثبات تواجدهم بالعيادات فى أوقات نوبتجياتهم بالمستشفى، لتوقيع الجزاء الرادع عليهم، ليكونوا عبرة لغيرهم.
وقال منصور عامر بهلول، مهندس زراعى: إن غياب الأطباء عن النوبتجيات الليلية يبدو واضحا عند استقبال المستشفى لمصابى حوادث الطريقين الصحراوى الغربى والشرقى والمشاجرات، وكذلك حالات المغص المعوى والتسمم والكلى المفاجئة واحتياج بعضها لإجراء جراحات عاجلة.
وأشار محمد شعبان حسن، طالب جامعى من قرية أبوصالح إلى ذلك قائلًا: لدينا بالقرية مستشفى كامل المرافق والتجهيزات ومزود بأحدث التجهيزات الطبية والمعملية، لكننا لا نجد بداخله إلا حارسه جالسًا على فراش من البلاسيتك ينتظر وصول أطباء وممرضات المستشفى، لكن دائما ما يطول انتظاره لعدم التزام الأطباء بالحضور.
وقال محمود حمد، موظف: إنه توجه أكثر من مرة لمستشفى إهناسيا المركزى، وفوجئ بأن الطبيب المتواجد بالاستقبال، ما زال "طالبًا" بكلية الطب، ولم يحصل على ترخيص مزاولة المهنة، ويقوم بفحص الحالات المترددة على المستشفى ويوقع الكشف الطبى عليها ويشخص الحالات ويقرر العلاج، وعندما بحثت فى الأمر اكتشفت أن تواجده غير قانونى، فهو بمثابة البديل غير القانونى للطبيب النوباتجى.
وطالب محسن عبدالبصير، طبيب، بضرورة تطوير الزمالة المصرية، لاستيعاب خريجى كليات الطب، الذين يصلون لـ11 ألف سنويًا، مؤكدًا أن تصوره هو دخول 8 آلاف بصورة مباشرة هيدخلوا برنامج الزمالة، وتدريب 3 آلاف منهم لتأهيلهم لطب الأسرة "زمالة طب الأسرة" لسد عجز الأطباء فى الوحدات الصحية، قائلًا: "عندنا 5 آلاف وحدة صحية، محتاجين 10 آلاف دكتور طب أسرة، فى تطبيق الزمالة سيمكن تغطية الوحدات خلال 3 سنوات".
وشدد على ضرورة التأكيد على أن يغطى الاستشاريون والأخصائيون عيادة أو اثنتين على الأقل أسبوعيًا، للاستفادة من طاقاتهم وخبرتهم، مضيفًا "فى حالة الوفرة يجب أن يذهب الاستشاريون والأخصائيون لتغطية العيادات فى مستشفيات أخرى للاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم".
وأكد على ضرورة التحضير لمنظومة التأمين الصحى الشامل، والبدء فى الإصلاح الطبى الشامل، مؤكدًا على ضرورة إنشاء مستشفيات خاصة خارج الحيز العمرانى على أعلى مستوى، وستكون وسيلة لإلغاء العيادات الخاصة فيما بعد ـ بحسب قوله.
وقالت "م.ن" طبيبة ـ فضلت عدم الإفصاح عن اسمها: إن الأطباء فى مصر غير مقدرين ماديًا، رغم الضغوط التى يتعرضون لها فى المستشفيات والوحدات الصحية، مشيرة إلى أن المرتبات الهزيلة هى سبب هروب الأطباء من المستشفيات العامة، موضحة أن النقابة طالبت وزير الصحة بزيادة مرتبات الأطباء، لربطهم بالمستشفيات الحكومية، وعدم اتجاههم للمستشفيات الخاصة لتحقيق مستوى مادى جيد، قائلة: الطبيب يظل يدرس 84 شهرًا، عشان يطلع ياخد 1500 جنيه كراتب، وده ضعيف جدًا فى ظل الضغوط الجسدية والجسمانية".
وقال الدكتور مصطفي قارون، عضو نقابة الأطباء: إن زيادة الحوافز المادية هى الحل، لمواجهة أزمة تهرب الأطباء من المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية، خاصة فى الصعيد، مضيفًا أن معظم الأطباء يفضلون التواجد بالقرب من أهاليهم والمناطق التى يألفونها، ويجب تعويضهم ماديًا ومعنويًا لكى يختاروا المناطق البعيدة، والتى بها عجز بالأطباء، فى معظم التخصصات.
وطالب بضرورة تعويض الأطباء ماديًا، ومعنويًا، وإعطائهم ميزة فى اختيار التخصص الذى يرغبون به حتى لو مجموعهم أقل لتحفيزهم على الذهاب للمناطق النائية، ومنع تسربهم من المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية، للمستشفيات الخاصة وغيرها، مشيرًا لتوفير الأجواء لهم ومن ثم الاتجاه لمعاقبة المخالفين والمهملين.
وقال النائب على بدر، عضو مجلس النواب وكيل لجنة حقوق الإنسان، إن حل ظاهرة اختفاء وغياب الأطباء عن المستشفيات العامة والحكومية والوحدات الصحية يتمثل فى إصلاح المنظومة الطبية ككل، مشيرًا لضرورة انشاء "هيئة عليا للصحة" تكون مشرفة بصورة كاملة على المستشفيات والمنظومة ككل، وتلعب دور تنسيقى بين مستشفيات الجامعة والتعليمية والعامة والتأمين الصحى ومستشفيات الشرطة وغيرها، لضمان عدم وجود قصور فى الأطباء فى أى مستشفى.
فيما أكد الدكتور عبدالناصر حميدة، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، أن الإدارات المعنية بالمديرية تقوم بالتفتيش الدورى على المستشفيات والحدات الصحية فى نطاق دائرة المحافظة، ودائما ما ترصد عدم تواج الأطباء ويتم إحالتهم للشئون القانونية ومجازاتهم طبقا للوائح والقوانين التى تؤدي فى النهاية إلى فصل الطبيب المُقصر، لافتًا إلى أن تقارير لجان المتابعة التابعة لمديرية الشئون الصحية عن غياب عشرات الأطباء من المستشفيات بشكل يومى وتم إحالة مايقرب من 850 طبيبًا على مدار العام الماضي للتحقيق بسبب غيابهم عن عملهم بدون إذن.