"زي النهارده" شهدت السينما المصرية رحيل "الدنجوان" رشدي أباظة، الذي رحل عن عمر يناهز 54 عامًا بعد صراعه الطويل مع مرض "سرطان المخ".
"أباظة" ولد يوم 2 أغسطس عام 1927 في القاهرة لأب مصري يعمل ضابطًا في الشرطة، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة لواء، وأم إيطالية تُدعى "ليلى جورجنجينو"، اتسمت بالصرامة والشدة في تربية أبنائها، تلقى تعليمه في مدرستي سان مارك بالإسكندرية ومدرسة الفرير بالقاهرة وأجاد أكثر من لغة، وعقب حصوله على الشهادة الثانوية التحق بكلية الطيران، ولكنه لم يحتمل حياة العسكرية، فانتقل بعد ثلاث سنوات إلى كلية التجارة، إلا أنه لم يكمل دراسته الجامعية بسبب عشقه للرياضة، فكانت الرياضة هي بوابته لدخول عالم السينما، عندما شاهده المخرج كمال بركات وهو يلعب البلياردو في أحد أندية الإسكندرية، ورأى فيه مقومات الممثل السينمائي، فعرض عليه المشاركة في فيلمه الجديد آنذاك، «المليونيرة الصغيرة»، فقبله وأخفى الخبر عن والده، الذي علم باشتغال ابنه بالتمثيل وهو يقرأ أحد الأخبار الفنية في إحدى الصحف، الأمر الذي أثار استياءه وغضبه، حيث لم تكن السينما محل احترام وتقدير الطبقات الراقية وقتها.ِوواصل "الدنجوان" مسيرته بأداء الأدوار الصغيرة مثلما في "دليلة"، و"رد قلبى" و"موعد غرام" و"جعلوني مجرما"، إلى أن تحققت نجوميته بدوره في "امرأة في الطريق" في ١٩٥٨، وتتابعت أفلامه المهمة، ومنها "جميلة" و"في بيتنا رجل" و"الطريق" و"لا وقت للحب" و"الزوجة رقم ١٣" و"تمر حنة" و"صغيرة على الحب" و"صراع في النيل" و"عروس النيل"، "الرجل الثاني".
كما اشتهر رشدي أباظه بكثرة زيجاته، التي كان أولها عام 1952م من الفنانة "تحية كاريوكا"، واستمر زواجهما حوالي 3 سنوات، ثم تزوج من الأمريكية "بربارا"، التي أنجب منها ابنته الوحيدة "قسمت"، ثم انفصلا بعد 4 سنوات زواجا، بينما كانت زوجته الثالثة هي الفنانة "سامية جمال" التي تزوجها عام 1962م، وعلى الرغم من استمرار زواجهما قرابة 18 عامًا، إلا أنه انتهى أيضًا بالطلاق عام 1977م، كما لم يستمر زواجه من الفنانة "صباح"، والتي تزوجها عام 1967م سوى أسبوعين، وكانت سامية جمال لا تزال على ذمته، وأخيرًا تزوج قبل وفاته بسنتين من ابنة عمه "نبيلة أباظة"، التي رعته أثناء مرضه حتى توفى في 27 أغسطس 1980، وكان آخر فيلم انتهى من تصويره قبل وفاته "سأعود بلا دموع" ثم اشترك في فيلم "الأقوياء"، الذي مات أثناء تصويره ولم يستطع إنهاءه، فأكمله الفنان القدير "صلاح نظمي" بدلًا عنه، وتم استخدام زوايا بعيدة حتى لا يلاحظ المشاهدون وجود فرق واضح بينهما.وكانت الصدمة غير المتوقعة هى أن أحدا لم يكن يعرف أن والدته الإيطالية كانت السبب في وفاته، فبعدما أوصت بتوزيع ثروتها مناصفة بينه وبين ابنته الوحيدة "قسمت"، علمت بإصابته بمرض سرطان الدماغ، وأنه لم يتبق له سوى أشهر قليلة ليفارق الحياة، فأيقنت بأن أشقاءه لأبيه سيرثونه، فطلبت على الفور استعادة أملاكها، دون علم "أباظة" بالسبب فرفض على الفور، فقامت بتسريب التقرير الطبي له، الذي يشير إلى أنه سيرحل عن الدنيا بعد 6 أشهر، حتى توفي على الفور من هول الصدمة.
وكان لرشدي أباظة قبل وفاته وصية غريبة لم يتم الكشف عن سرها إلى الآن، وهي عندما اشتد عليه المرض في المستشفى، طلب أن يبحثوا له عن عامل إكسسوار عمل معه كثيرًا في أفلامه اسمه "عم دنجل"، وكان قد ترك العمل، لكن الراحل إبراهيم خان صديق رشدي استطاع أن يصل إليه في منزله بإحدى القرى، وجاء الرجل مهرولًا، وطلب رشدي أن يجلس معه وحدهما، وحدث ذلك بالفعل لمدة ساعة، وخرج الرجل صامتا لا يتحدث، فقط طلب من فكرى شقيق رشدي الصغير ألا يتم دفن النجم الكبير إذا توفى إلا بعد أن يستدعوه، وعندما توفي استدعوه ونزل عم دنجل إلي المقبره وملأها بالحنة وأعواد الريحان، وكلما سأله أحد عن سر هذا يقول كانت وصيته.