تظل العادات والتقاليد والموروثات القديمة، تصاحب الآلاف من أهالي محافظات الصعيد، وذلك على الرغم من التطور التكنولوجي والتعليمي والطبي في القرن الواحد والعشرين، إلا أنهم مازالوا يعتقدون بالعادات القديمة في محافظات الجنوب.
ولعل أبرز تلك الطقوس القديمة، عادات أهالى محافظة قنا لدى الشجرة المبروكة الواقعة داخل ضريح الشيخ سليمان، أحد من يعتبرونه الأهالي من "أولياء الله الصالحين" في مقابر مركز قنا، الواقعة بمنطقة الشؤون، وذلك على بعد أمتار قليلة من ضريح الأسد القناوي السيد عبد الرحيم القنائي، أحد أشهر المقامات والأضرحة في صعيد مصر.
- شجرة مبروكة عمرها 100 عام:
هنا الشجرة المبروكة داخل ضريح الشيخ سليمان في مقابر مركز قنا، والتى يتخطي عمرها الـ100 عامًا، والتى يبلغ طولها قرابة 10 أمتار ويتراوح سمكها مابين 10 إلى 20 سم، والتى يتبارك بها المواطنين، ويمارس إلى جانبها العديد من العادات والتقاليد والطقوس القديمة.
اتخذ المئات بل الآلاف من أهالي محافظة قنا، تلك الشجرة نموذجًا للتبرك ونيل المراد، كنوع من الموروثات الشعبية، فهم يتقربون إليها طمعا في تلبية حاجاتهم، وتحقيق أمنياتهم، بل ومساعدتهم في حل مشكلاتهم، وازداد تقرب المواطنين واقتناعهم بتلك الشجرة، بعد أن قام بقطعها أحد الرافضين لمثل هذه المعتقدات الشعبية، وبدأت الشجرة في إسالة الدماء عند بدء عملية البتر.
- طقوس غريبة:
بحسب المريديين وزوار الشجرة المبركة، فإن الشجرة تستقبل العشرات من النساء العقيمات، والمتأخرات عن الزواج، والمقبلات علي الزواج، والأشخاص الذين قد تعرضوا للظلم، والأشخاص الذين يفقتدون أشياءً هامة، ويتباركون بالشجرة لقضاء حوائجهم وطلباتهم.
- 7 لفات:
تقول حسنية فتحي، البالغة من العمر 44 عامًا، أصولها في الأصل تعود إلى محافظة أسوان وتقيم في محافظة قنا، إن الشجرة المبركة يتردد عليها النساء العقيمات اللاتي لا ينجبن، والسيدات اللاتي يعانين من تأخر الزواج، فضلًا عن المتعرضين للظلم أو الذين فقدوا أي شيئًا.
وأوضحت السيدة الأربعينية في حديثها لـ"أهل مصر" أن جميع المترددين يتنوعوا مابين الذكور والإناث، وإن كانت نسبة الإناث تتخطى الذكور، ويقومون بممارسة طقوس خاصة بالقرب من الشجرة، حيث يقومون بالدوران حول الشجرة قرابة 7 مرات، ضمن الطقوس التى يعتقدون أنها من أجل نيل البركة وقضاء حوائجهم.
- المقبلات على الزواج:
وأشار السيد صبري، 35 عامًا، أحد المقيمين بجوار الشجرة المبركة، إلى أن الشجرة تستقبل أيضًا النساء المقبلات على الزواج خاصةً في ليلة الحنة، حيث يقمن باللف والدوران حول الشجرة، وذلك من أجل التبارك بالشجرة، فضلًا عن تسهيل ليلة الدخلة بعد الزواج، وأن يكرمهم الله في حياتهم الزوجية.
- "شالله ياشيخ سليمان":
وأضاف صبري في سياق تصريحاته، أن النساء أثناء قيامهن بالدوران حول الشجرة، يقمن بترديد عبارات أبرزها "شالله يا شيخ سليمان، والله لو تحققت المطالب ندرًا عليا أدبحلك دبيحة كبيرة في ضريحك يا مولانا، بس والنبي حققلي امنياتي وطلبي".
- المظاليم يثقبون الشجرة بالمسامير:
وتابع صبري، أن الشجرة المبروكة تستقبل أيضًا، الأشخاص الذين قد يتعرضون لظلم كبير يقع عليهم سواء كانوا من الذكور أو الإناث، ويقومون بالدوران حول الشجرة، فضلًا عن ثقب ووضع مسامير صغيرة يقومون بشراؤها من محلات الحدايد والبويا داخل الشجرة المبروكة، وذلك في اعتقاد منهم أن الله سوف يأتي بحقوقهم ويعوضهم عن الظلم الذين قد يتعرضون إليه من خلال المسامير التى يتم "دقها داخل الشجرة".
- تقديم الذبائح والنذور:
وفي السياق ذاته، ذكرت أم أحمد، مسؤولة ضريح الشيخ سليمان، أن المريدين من النساء والرجال، يقدمون النذور داخل الضريح بسبب الشجرة المبروكة التى تشفي العليل وتقضي الحوائج، فضلًا عن ذبح العجول والخرفان داخل الضريح بعد قضاء حوائج العديد من الأشخاص، عقب تبركهم بالشجرة المبروكة، التى يعقد عليها العشرات أمالًا كبيرة.
- الشجرة تنزف دماءً:
وأكد مسؤولة الضريح، أن الشجرة المبروكة شهدت العديد من المحاولات لقطعها من العشرات من المواطنين الرافضين لتلك الطقوس، والتي يعتبرونها طقوسًا خارجة عن مفاهيم الدين الإسلامي، حسبما ذكروا في العديد من المرات، وفي أحد المرات حاول احدهم قطعها الي أن الشجرة المبروكة نزفت الدماء، عند بدء قطعها ومن هنا تركوها المواطنين خوفًا من إصابتهم باللعنة.