حادث قتل الأردنيين.. تهديد عماني بالتصعيد.. والقانون الدولي يشجع إسرائيل على استفزاز عمان

شهد الأسبوع الماضي حادثة قتل حارس إسرائيلي تابع للسفارة الإسرائيلية في عمان لأردنيين اثنين، بعد إشكال وقع بين الحارس ونجار أردني أدى إلى مقتل الأخير، وطبيب أردني كان مرافق لهما، ليغادر الحارس الإسرائيلي بعدها العاصمة عمان إلى تل أبيب، بعلم وحماية من السلطات الأردنية واستقبال رسمي إسرائيلي.

مما لا شك فيه أن القاتل المتعمد في أي قانون من القوانين العالمية يلقى العقاب على فعلته، وإن كانت العقوبة تختلف من دولة إلى أخرى إلا أنها تجتمع في معاقبة المجرم لتكون رادع له ولغيره ممن يفكر في ارتكاب الفعل نفسه.

حادثة قتل الإسرائيلي للأردنيين الاثنين في مبنى سكني تابع للسفارة الإسرائيلية في عمان، أثارت في الفترة الأخيرة موجة من الجدل حول العقاب الذي يجب أن يعاقب به القاتل، وهل يتم عقابه من قبل السلطات الأردنية، أم الإسرائيلية أو في المحاكم الدولية؟

اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961) وهي اتفاقية دولية تحدد العلاقات والامتيازات والحصانات الدبلوماسية، والإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية.

وتنص المادة 29 على أن للممثل الدبلوماسي حرمة، فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه، وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره.

كما تنص المادة 31 على:

-لا يجوز إجبار الممثل الدبلوماسي على الإدلاء بالشهادة.

- لا يجوز اتخاذ أي إجراء تنفيذي ضد الممثل الدبلوماسي إلا في حالات (لا تشمل حالة القاتل).

وما ذكر في السابق لا يعني أن للمبعوث الدبلوماسي الحق في قتل من يريد دون أن يحاكم أو تتم معاقبته من أحد فالمالدة 31 المذكورة سابقا وإن كانت تشير في الفقرة(4)، إلى عدم خضوع الممثل الدبلوماسي لاختصاص قضاء الدولة المعتمد لديها إلا أن ذلك لا يعفيه من الخضوع لقضاء الدولة المعتمدة.

بهذا يتضح لنا الوضع القانوني للحادثة، أنه ليس للسطات الأردنية الحق في اعتقال القاتل الإسرائيلي، أو حتى محاكمته ضمن محاكمها، وكل ما يمكن أن تفعله هو مطالبة الجهات الإسرائيلية بمحاكمة قاتلها وإطلاعها على نتائج ما توصل إليه القضاء.

هذا الأمر لا يعني بأن لموظفي السفارات الحق في فعل مايشاءون في البدان التي يعملون بها دون أية محاكمة وعقاب، فالاتفاقية وإن كانت تنص في المادة 31 على أن لايتم محاسبة موظفي السفارات في البلدان المضيفة، إلا أن المادة نفسها تقول بمحاكمة من ارتكب جرماَ في بلده وضمن محاكمها، وتجبر الدول على ذلك.

تهديد يقابله استفزاز بالتصريحات والأفعال

كان من المتوقع بعد أن سمحت السلطات الأردنية للقاتل الإسرائيلي بالعودة إلى تل أبيب دون محاكمة، أن تتجه لاتخاذ خطوات في سبيل أخذ حق شهدائها، خاصة بعد الضغوطات الشعبية الكبيرة عليها، تمثلت بتشيع مهيب ومطالبة عشيرة الدوايمة وعددا من النواب الأردنيين السلطات الأردنية بالتحرك في اتجاه القصاص لابنهم.

فخرجت عمان عن صمتها وطالبت تل أبيب بالتحرك ومحاكمة قاتلها وإلا فإنها لن تسمح للسفيرة "عينات شلاين" وطاقم السفارة بالعودة قبل فتح إسرائيل تحقيقًا جديًا في الحادث. وكان الأردن سمح الاثنين للديبلوماسي الذي أطلق النار بالسفر مع السفيرة شلاين الى بلده بعد استجوابه.

كما طالب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحاكمة حارس الأمن محذرًا من أن أسلوب التعامل مع الواقعة سيكون له أثر مباشر على العلاقات بين البلدين.

وتضمن بيان للديوان الملكي، انتقادًا شديدًا من العاهل الأردني لسلوك نتنياهو حيال حارس الأمن الذي استقبله "استقبال الأبطال" لدى عودته إلى إسرائيل.

وجاء في البيان: "هذا التصرف المرفوض والمستفز على كل الصعد يفجر غضبنا جميعًا ويؤدي الى زعزعة الأمن ويغذي التطرف في المنطقة".

وأضاف: "رئيس الوزراء الإسرائيلي مطالب بالتزام مسؤولياته واتخاذ الإجراءات القانونية التي تضمن محاكمة القاتل وتحقيق العدالة بدلا من التعامل مع هذه الجريمة بأسلوب الاستعراض السياسي بغية تحقيق مكاسب سياسية شخصية".

وكان مسؤولا إسرائيلي قد صرح في وقت سابق أن إسرائيل لن تتخذ أي إجراء بحق مواطنها وأن على الأردنيين أن يتأدبوا وأن لا يعبثوا معنا.

إذًا أمام التهديد الأردني وعدم الاكتراث الإسرائيلي واستفزازه تارة ومراضاته للجانب الأردني تارة أخرى بتصريحات على لسان مسؤوليها، سيتخذ القضاء قريبا إجراءات في محاكمة "زييف" قاتل الأردنيين، لنجد أنفسنا أمام خيار واحد، وهو الانتظار لأيام قادمة لمعرفة ما ستؤول إليه أحداث القضيية، وإن كان البعض يرجح أن تتم معاقبة القاتل بحبسه لسنوات قليلة مع تعويض مالي لذوي القتيل، يغلق الباب أمام قضية أصبحت حديث الجميع في الأيام الماضية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً