احتفل الجيش اللبناني اليوم الثلاثاء، بعيد تأسيسه الذي يصادف الأول من أغسطس وذلك بحضور الرئيس اللبناني العماد ميشال عون.
وقال قائد الجيش اللبناني، العماد جوزاف عون، إن ضباط وجنود الجيش اللبناني، هم من يضعون الخطوط الحمراء أمام كل من يحاول زعزعة الأمن والنظام وضرب المؤسسات والعبث بالحياة الديمقراطية روحا وممارسة.
وأضاف قائد الجيش اللبناني، في الكلمة، التي وجهها إلى الضباط والجنود بالجيش اللبناني، بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس الجيش،"كما حميتم الاستقرار الوطني طوال مدة فراغ موقع رئاسة الجمهورية، وصولا إلى انتخاب العماد ميشال عون، رئيسًا للبلاد، أنتم مدعوون اليوم إلى الرعاية الأمنية اللازمة للانتخابات النيابية المقبلة بعيدًا عن أي تدخل خارج المهمة الموكلة إليكم ما يضمن إجرائه في مناخ من الأمان والحرية والديمقراطية".
ويتكون الجيش النظامي للجمهورية اللبنانية، من ثلاثة فروع القوات البرية والجوية والبحرية، ويتمثل شعار الجيش اللبناني فى "شرف تضحية ووفاء" ويتألف الرمز من شجرة الأرز الرمز الوطني للبنان محاطة بإكليلي غار ومتمركزة فوق رموز الفروع الثلاثة: الأرض قوات يمثلها السيفان والبحرية ممثلة مرساة والقوة الجوية ممثلة من قبل اثنين من الأجنحة.
ولو تعمقنا بالذاكرة في تاريخ الجيش اللبناني، سنجد أن عام 1916 شكّلت الحكومة الفرنسيّة "فرقة الشرق"، ومنها تأسّس أوّل فوج من "القنّاصة اللبنانيّة" وهو نواة الجيش اللبناني، وعام 1943 تمّ دمج أفواج القنّاصة والوحدات العسكريّة المختلفة وشكّل أوّل لواء في تاريخ الجيش وهو اللواء الخامس بقيادة فؤاد شهاب وكان يومها برتبة عقيد، وفى عام 1945 وضمن المفاوضات التي تمّت بين الحكومة اللبنانيّة وسلطات الانتداب الفرنسي بشأن تسلّم المصالح المشتركة، تمّ الاتّفاق على نقل مسؤوليّة قيادة القوّات العسكريّة من الفرنسيين إلى الدولة اللبنانيّة.
وفي 1 ابريل 1945 إنتقلت رسميّا قيادة القوات المسلّحة اللبنانيّة إلى السلطات اللبنانيّة، وإستمرّت تشكيلات الجيش العسكريّة موزّعة على أساس أفواج قنّاصة وعددها ثلاثة، إلى أن تحوّل في أوائل الثمانينات مع العماد ابراهيم طنّوس بشكل كامل إلى تشكيلات موزّعة على أساس الالوية وعددها 12.
وقد تصدى الجيش اللبناني عام 1948 بواسطة فوج القنّاصة الثالث للقوّات الاسرائيليّة وطردها من قرية المالكيّة التي كانت جزءً من لبنان حتى عام 1923 يوم ألحقت بفلسطين بعد ترسيم الحدود الجنوبيّة بين فرنسا وبريطانيا.
عام 1958 رفض قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب إقحامه في المعارك الداخليّة، إلا أنّه خلق توازنا دقيقا قائمًا على احتواء المعارك وعدم امتدادها إلى مناطق أخرى وعلى استمرار عمل السلطات الدستوريّة، وكان من نتيجته أن استمر رئيس الجمهوريّة كميل شمعون في منصبه حتى انتهاء ولايته.
وعام 1974 لم يُزج الجيش في المعارك الداخليّةأ لكنّه تواجه مع كل من الجيشين الاسرائيلي والسوري، فعقب الاجتياح الاسرائيلي الاوّل عام 1978، أرسل الجيش اللبناني تطبيقا للقرار 425 فرقة عسكريّة إلى الجنوب لمشاركة قوّات الامم المتّحدة التي نُشرت هناك. وفي بلدة كوكبا حصلت مواجهة بين هذه الفرقة والجيش الاسرائيلي.
وبين عامي 1982 و1990 عانى الجيش اللبناني من إقحامه في المعارك الداخليّة، ووصلت فيه الامور عام 1988 إلى انقسام قيادته نتيجة انقسام البلاد بين حكومة العماد عون العسكرية وحكومة الرئيس الحص، وفي 13 تشرين الاوّل عام 1990 جرت عمليّة عسكريّة لبنانيّة سوريّة بغطاء دولي ضد مناطق نفوذ العماد عون نجم عنها الإطاحة بعون ونفيه إلى باريس ومن ثمّ جرى توحيد الجيش الذي كان قائده العماد إميل لحّود.
وبعد انتهاء الحرب اللبنانيّة تمّ تطوير الجيش فأنشأت أفواج التدخّل وعددها خمسة كما أنشئ فوج مغاوير البحر والفوج المجوقل وسريّة القتال الجبلي، وهي فرق زادت من عملانيّة الجيش ومن قوّة تحرّكه وسرعتها.
عام 2005 كان الجيش على موعد مع استحقاق مصيري جديد هزّ الكيان اللبناني. ففي 14 شباط تم اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الأمر الذي نتج عنه تحرّكات شعبيّة كبيرة في وجه الوجود السوري ونظامه الامني في لبنان، حينها رفض الجيش مواجهة أو قمع المواطنين المعتصمين والمتظاهرين، وفي 26 نيسان من العام نفسه إنسحب الجيش السوري من لبنان تحت وطأة ضغط شعبي ودولي كبير.
خلال حرب تمّوز 2006 ساند الجيش اللبناني المقاومة في تصدّيها للاعتداءات الاسرائيليّة والتي أسفرت عن استشهاد 49 جنديًا لبنانيًا.
وفي صيف عام 2007 خاض الجيش اللبناني معارك شرسة في مواجهة تنظيم إرهابي متمركز في مخيم نهر البارد لللاجئين الفلسطينيين يطلق على نفسه إسم "فتح الاسلام" وأدت المواجهات إلى القضاء على التنظيم الارهابي واستئصاله بالكامل من المخيّم. وقد سقط للجيش اللبناني وقتها 168 شهيدًا.
لقد أرخت التدخّلات والاطماع الخارجيّة كما الحروب والاضطرابات الأهليّة اللبنانيّة (التي كان آخرها في أيار عام 2008) بثقلها على الجيش اللبناني إلا أنه نجح حتى الآن في المحافظة على كيانه ووحدة صفوفه في ظلّ تطلّع الشعب اللبناني نحو دور المؤسسة العسكرية وما تشكله من تكريس لمبدأ سيادة واستقلال لبنان واعتبارها الملاذ الأخير لجميع اللبنانيين والمصدر الوحيد لأمنهم والضامن الأساس لوحدة الدولة وأبنائها.
قادة الجيش اللبناني
منذ انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية في 25 أيار 2008 يتولى اللواء الركن شوقي المصري منصب قائد الجيش بالنيابة.
وكان توالى على قيادة الجيش اللبناني 12 قائدًا أصيلًا، القادة الثلاثة الأول كانوا برتبة لواء والباقون برتبة عماد، في حين تبوأ ثلاثة من قادة الجيش اللبناني سدّة رئاسة الجمهوريّة.