يحاول الكثيرون تحويل موسم الحج إلى تظاهرة سياسية في اللحظة الحرجة التي تستقبل فيها المملكة قرابة الثلاثة ملايين حاج من مختلف أقطار العالم خلال أيام معدودة، في مساحة مكانية ضيقة لأداء شعائر خامس أركان الإسلام.
وغالباً ما كان التباين السياسي السعودي – الإيراني يجد صداه في موسم الحج، باعتباره نقطة التقاء مباشرة بين الحجاج الإيرانيين والسلطات السعودية، حيث تتكرر بصورة مستمرة تصريحات المسؤولين الإيرانيين الناقدة للسعودية خلال موسم الحج بسبب مواقفها السياسية والدينية.
-الصواريخ تستهدف مكة
وأطلقت ميليشيات الحوثيين في اليمن صاروخًا باليستيًا بإتجاه مكة المكرمة، مؤكدة أنها محاولة يائسة لإفساد الحج.
حيث أقدم عليه الحوثيون باطلاق صاروخ باليستي نحو مكة المكرمة لترويع المعتمرين وإفساد موسم الحج.
وجاء ذلك في ظل غياب الرقابة على ميناء الحديدة وسوء استخدام التصاريح التي يمنحها التحالف للبضائع والشحنات الإغاثية، وتلك الصواريخ الباليستية من صنع ايراني يمد حكام طهران بها تلك الزمرة الحاقدة على الاسلام والمسلمين لاطلاقها نحو مكة المكرمة،وقد رفضت تلك الميليشيات الارهابية وضع ميناء الحديدة تحت رقابة دولية ليتسنى لها العدوان في أي وقت على المدن اليمنية من جانب وعلى أراضي المملكة من جانب آخر، وهو رفض يعود بسبب قطع أي رقابة لعمليات تهريب الأسلحة للحوثيين من قبل طهران عبر ميناء الحديدة.
-تهديدات الحوثيين
لكن هذا العام دخل طرف إضافي يتمثل في الحوثيين وتهديدات المحسوبين عليهم في ظل استمرار الحرب في اليمن، والتي تشكل السعودية طرفاً أساسياً فيها عبر قيادتها للتحالف العربي الذي بدأ عملياته العسكرية ضد الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أواخر شهر مارس الماضي.
وقد جاء التهديد الأبرز على لسان محمد المقالح ، المحسوب على جماعة الحوثيين على الرغم من تسريبه قبل أسابيع خبر تعليق عضويته في اللجنة الثورية التابعة لها.
وكتب المقالح في السابع من شهر آغسطس الماضي، عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، أنه "في موسم الحج سيكون هناك أمور لم يشهد لها التاريخ مثيلاً دقوا يا رجال الله قبل الموسم ليتتوج نصركم يوم الوقوف على جبل عرفة.
-العداء الإيراني
أما التصريحات الإيرانية فلطالما كانت تركز على انتقاد تنظيم السعودية لمواسم الحج والعمرة، حد المطالبة بتدويل الحرمين في مكة والمدينة.
فعلى سبيل المثال، وخلال خطبة عيد الأضحى في العام الماضي، انتقد أحد رجال الدين الإيرانيين البارزين، محمد علي موحدي كرماني، بشدة سلطة السعودية على الحرمين الشريفين وتحكمها بموسم الحج. واعتبر كرماني أن الحج وبيت الله الحرام "أسيران بيد الوهابيين" وأن السعودية لا تسمح للمسلمين بتأدية مناسك الحج كما ينبغي.
وتتكرر بشكل سنوي الدعوات من الجانب الإيراني لتظاهرة "البراءة من المشركين" والتي تعتبرها السلطات السعودية تظاهرة سياسية تسيء لروحانية شعائر الحج وتؤدي إلى شغب ينعكس على سلامة الحجاج.
وقبيل انطلاق موسم الحج لهذا العام، توترت العلاقات السعودية – الإيرانية في أعقاب الأنباء عن التحرش بشابين إيرانيين في مطار جدة الدولي، كانا في زيارة إلى المملكة لأداء مناسك العمرة. وهو ما أدى إلى تعليق إيران لزيارات العمرة، وإعادة السعودية لطائرة إيرانية قيل بأنها لم تمتلك تصريحاً. لكن الأمور بدأت تتغير إيجابياً بعد إعلان السعودية لمحاكمة المتحرشين بالإيرانيين، إذ ما تزال القضية منظورة في المحاكم السعودية.
وكان قاضي عسكر، ممثل المرشد الإيراني لشؤون الحج والزيارة، قد صرح لوكالة "ارنا" الإيرانية قبل يومين بأهمية عزل الحج عن العلاقات السياسية السعودية – الإيرانية، مشيراً إلى "ضرورة تيقظ الحجاج إزاء مؤامرات الأعداء" الهادفة إلى بثّ الفرقة بينهم.
وأشار عسكر إلى إصدار 25 ألف تأشيرة للحجاج الإيرانيين حتى الآن، من دون وجود أي إشكاليات مع السلطات السعودية.
-أزمة الكوليرا
أكدت منظمة الصحة العالمية إن وباء الكوليرا في اليمن الذي أصاب أكثر من 332 ألف شخص قد ينتشر خلال موسم الحج الحالي، على الرغم من الاستعدادات الجيدة للسلطات السعودية.
وقالت المنظمة إن ما بين مليونين وأربعة ملايين مسلم يؤدون فريضة الحج كل عام، منهم بين 1.5 مليون إلى مليونين من خارج السعودية، مما يزيد خطر انتشار الأمراض مثل حمى الدنج والحمى الصفراء وفيروس زيكا وعدوى المكورات السحائية وكذلك الكوليرا.
وقال دومينيك ليجرو خبير مكافحة الكوليرا في المنظمة، إن السعودية لم تشهد أي حالات للكوليرا منذ سنوات طويلة بفضل الرقابة الشديدة والاختبارات السريعة لرصد حالات الإصابة مبكرا.
ويمكن للكوليرا أن تقتل الإنسان خلال ساعات إذا لم يتلق العلاج المناسب، والأشخاص الذين يصابون بالأعراض هم مجرد قمة جبل الجليد لأن 80 % من المرضى لا تظهر عليهم الأعراض.
وتلقي الأمم المتحدة على الأطراف المتحاربة في اليمن وحلفائهم الدوليين ومن بينهم السعودية اللوم في استمرار تفشي الكوليرا، الذي بدأ قبل 11 أسبوعًا ودفع ملايين الأشخاص لحافة المجاعة وعرقل توصيل المساعدات الإنسانية.