لم يكن التسجيل الصوتي الذي تناقل عبر مواقع الانترنت قبل أكثر من شهر لوزير الثقافة السوري السابق والمعارض حاليا "رياض نعسان آغا" والذي تحدث فيه عن الإبادة التي تنتظر محافظة إدلب كما أخبره وزير الخارجية الإمريكي الأسبق "جون كيري"، إلا ليبث الرعب والقلق في قلوب السوريين، التي اعتادوا عليه في السنوات الست الأخيرة.
سيطرة القاعدة
بسطت "هيئة تحرير الشام" والمعروفة سابقا بـ "جبهة النصرة" فرع القاعدة في سوريا سيطرتها على مدينة إدلب، بعد انسحاب "حركة أحرار الشام" منها في 23 الشهر الماضي.
وسيطرت الهيئة بعد دعم وتغاض وتسهيل تركي لها في سبيل السيطرة على المدينة، التي أصبحت مركزا ومغناطيس جذب للمتطرفين في سوريا، إذ يقدر عدد المسلحين المتواجدين فيها ب6000 مسلح تابعين للنصرة، عدا عن المسلحين المتواجدين في البلدات والقرى المحيطة بها.
واندلع في الفترة الأخيرة توتر ما بين تركيا والولايات المتحدة الإمريكية، سببه سيطرة الهيئة على المدينة واتهام واشنطن لأنقرة بالضلوع وراء ذلك، عبر الدعم الخفي لعناصرالقاعدة، بحسب الاتهام الذي وجهه الموفد الأمريكى لدى التحالف الدولى ضد تنظيم "داعش" "بريت ماكجورك"، فى خطاب ألقاه، الخميس، فى معهد الشرق الأوسط فى واشنطن، إلى أن أنشطة تركيا سمحت بطريقة غير مباشرة لفصائل مرتبطة بالقاعدة، مثل "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا)، بالسيطرة على محافظة إدلب فى شمال سوريا.
توعّد أمريكي
توعد مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى سوريا، "مايكل راتني" في بيان صدر عن مكتبه، اليوم الأربعاء جبهة النصرة بالعقاب الشديد إثر سيطرتها الأخيرة على مدينة إدلب قائلًا: يتعين على الجميع أن يعرف أنّ الجولاني (أبو محمد الجولاني القائد العسكري العام للنصرة) وعصابته، هم من يتحملون مسؤولية العواقب الوخيمة التي ستلحق بإدلب.
ونصحت الخارجية الأمريكية الأطراف التي انضمت إلى "هيئة تحرير الشام" لأسباب تكتيكية "بالابتعاد عن عصابة الجولاني قبل فوات الأوان.
وختمت بيانها بالقول بأنه من الصعب على الولايات المتحدة، إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة في المدينة بعد سيطرة المتطرفين عليها.
الحلقة الأضعف
يعيش اليوم في المدينة أكثر من مليون ونصف نسمة بعد نزوح عدد كبير من المدنيين والمسلحين من البلدات والمحافظات الأخرى وفق اتفاقيات مع الحكومة السورية اقتضى خلالها نقلهم إلى المدينة.
كما من المتوقع وصول اليوم 7800 من النازحين السوريين من بلدة عرسال اللبنانية بالإضافة إلى 120 مسلح إلى المدينة قبل أن يتم وصول ثلاثة آلاف مدني ومسلح في الأيام القادمة.
ويعاني المدنيون الذي مازالو بعيشيون في المدينة ظروفا ليست بالجيدة، مع سيطرة المتطرفين عليها والتشديد عليهم في الحريات وفرض نظام تعليمي متشدد خاص بهم.
ويقبع السكان لرحمة السلطات التركية التي تتحكم بمعبر "باب الهوى" المصدر الرئيسي الذي يمد المدينة بمعظم مستلزماتها الصحية والغذائية، إذ يتعرض المعبر للإغلاق لفترات متقطعة.
السيناريو المتوقع
يتوقع عدد من المحللين العسكريين أن معركة استعادة إدلب من الجماعات المتشددة قادمة لا محالة، فالطريق مغلق أمام الحوار مع القاعدة، ومرفوض من كل الجهات الدولية، سواء كانت روسيا أو الولايات المتحدة والأطراف المدعومة من قبلهما، كما يشير خبراء سوريون بأن القوات الحكومية مدعومة من موسكو ستبدأ قريبا المعركة لتوسع من قبضة سيطرتها على الأراضي، بعد أن نجحت مؤخرا في طرد المعارضة من حلب وحققت تقدما كبيرا في البادية على حساب تنظيم "داعش" الإرهابي.