شكاوى بقالى التموين والمواطنين من رداءة الأرز الهندى المصروف على بطاقات التموين كشفت تفاصيل صفقة مشبوهة وقعتها وزارة التموين، كلفت خزينة الدولة ما يقارب المليار جنيه.
التفاصيل بدأت مع تعاقد الهيئة العامة للسلع التموينية على شراء 120 ألف طن من الأرز الهندى، بتكفلة بلغت 780 مليون جنيه، بسعر 6500 جنيه للطن الواحد، خلال مناقصة عالمية، وذلك نيابة عن وزارة التموين والتجارة الداخلية.
وعقب طرح الأرز الهندى ضمن مقررات السلع التموينية، لم يجد إقبالًا من المواطنين على شرائه من خلال بطاقات التموين، مقارنة بالأرز الأبيض المصرى، وذلك بسبب تغير طعمه، والشكوك حول فساده وانتهاء صلاحية استخدامه، الأمر الذى مثل خسارة لتجار التموين، نتيجة العزوف عن الشراء.
مسؤولو وزارة التموين والتجارة الداخلية حاولوا التغطية على الصفقة المضروبة بتخفيض سعر "الهندى" مرتين، الأولى بداية شهر مارس الماضى، ليصل سعر الكيلو 650 بدلاً من 750 قرشًا، والمرة الثانية بطرحه لتجار الجملة بسعر 550 قرشًا للكيلو، بعد تراجع المواطنين عن شرائه على مدار الأشهر المنقضية.
وقالت "هيئة السلع": إنها لجأت لاستيراد الأرز الهندى، عقب امتناع التجار وأصحاب المضارب عن توريد الأرز لصالحها، وذلك بهدف تعطيش الأسواق لرفع الأسعار، الأمر الذى دفع الهيئة للتعاقد على كميات كبيرة تجاوزت 100 ألف طن هندى، لتوزيعها على بقالى التموين.
من ناحيتهم كذب تجار الأرز ما وصفوها بمزاعم مسؤولى التموين، وقال أحمد الخطيب تاجر أرز: إن كل ما قالته وزارة التموين حول رفض أصحاب المضارب تسليم الأرز، رغبة منهم فى احتكاره ورفع سعره عار عن الحقيقة، مضيفًا: "محدش امتنع ومحدش يقدر يمتنع عنه.. طول ما أنا بكسب همتنع ليه؟"، لافتًا إلى أن السبب الوحيد الدافع للامتناع هو إجبار الوزارة لهم على سعر يكبدهم الخسائر.
وفى السياق نفسه، قال محمد سويد المتحدث الإعلامى لوزارة التموين: إن قرار استيراد الأرز الهندى جاء فى فترة الوزير السابق محمد على مصيلحى، وإن الوزارة الآن تتجه نحو تعديل الأخطاء التى وقع فيها الوزير السابق.
وأضاف "سويد" فى تصريحات خاصة قائلًا: إن الوزارة وضعت خطة محكمة لعدم تكرار خطأ استيراد الأرز الهندى، وهى عمل عقد مع التجار لشراء الأرز المحلى، وينص على عقوبات لمن يمتنع عن تسليم الأرز، منوها أنه تم الاتفاق على سعر للتوريد وهو 630 قرشًا للكيلو، ليتم طرحه للمواطنين بسعر 650 قرشًا، وأشار متحدث التموين إلى التزام 80 شركة من القطاع الخاص ببنود العقد، لافتًا إلى أن الشركات قامت بتوريد الكميات المطلوبة من الأرز البلدى.
ووصف رضا عيسى، الباحث الاقتصادى وخبير الأسواق والتجارة، كل ما يحدث بـ"الكوميديا"، قائلًا: "كل واحد بيبعد التهمة عن نفسه.. طب مين المسؤول عن إهدار780 مليون جنيه من المال العام؟.
وأضاف "عيسى" قائلًا: إنه كان يجب على الوزارة الوصول لحلول مع التجار وأصحاب المضارب، وذلك فى حالة رفضهم للتوريد، وهى الشراء منهم بدلاً من استيراد سلعة لا تتناسب مع السوق المصرية، لتكبد الدولة خسائر فى المال العام.
من جهته قال ماجد نادى، المتحدث باسم نقابة بقالى التموين: إن نسبة شراء الأرز الهندى من المواطنين، لم تتعد 10% فقط من الكميات المطروحة، موضحًا أن النقابة وضعت خطة "لتسريب" الأرز الهندى، عبر استلام كل بقال تموينى كميات تتراوح ما بين 300 لـ400 كيلو، أملاً منهم فى شراء المواطنين للأرز، محاولة لتفادى الخسائر.
ومن جانبه كشف بقال تموينى عن أن بعض أكياس الأرز الهندى نتيجة التخزين السيئ تنبعث منها روائح كريهة، وذلك دفع المواطنين لرفض شراء هذا النوع من الأرز.
ويقول "محمد رستم" بقال تموينى، بمنطقة دار السلام: إن الإقبال على سلعة الأرز الهندى يكاد يكون منعدمًا، مشيرًا إلى أن المخزون من الأرز الهندى لديه لا يزال موجوداً لحين استرجاعه.
وقالت نادية أحمد، موظفة: إنها فضلت شراء الأرز من الخارج، ووصفت أرز التموين بـ "الفاسد" وقالت: "خسارة فيه الفلوس".
نقلا عن العدد الورقي.