بعد غد السبت يكتمل الشهر الثاني لعزلة قطر التي اختارت دعم الإرهاب في الوقت الذى يدفع فيه اقتصاده خسائر يومية تستنزف مدخرات واحتياطيات الشعب القطري والمتوقع تآكلها خلال الفترة المقبلة، وفقاً لمراقبين.
مخاطر
في الوقت الذي استقر فيه العائد على أدوات الدين الحكومية المقومة بالدولار في الدول الخليجية الأشهر الماضية، ارتفعت مخاطر السندات القطرية المقومة بالدولار بنحو 15 نقطة أساس، ليصل الفارق في العائد بين السندات القطرية لأجل 10 سنوات، ونظيرتها الأمريكية لنفس الآجل إلى نحو 108 نقاط.
وبالنسبة للعملة- الريال- تحاول قطر دعم عملتها من رصيد احتياطياتها، وتظهر تلك المحاولات في تدخل قطر في دعم السعر الذي لامس مستوى 3.72 ريال قطري بعد عزلتها الاقتصادية، ما يرجح أن قطر ستستنزف جزءاً كبيراً من احتياطياتها في دعم عملتها.
الاقتصاد القطري يندفع نحو السقوط
ما يدلل على ذلك، ما أظهرته بيانات مصرف قطر المركزي التي تشير إلى أن صافي احتياطي النقد الأجنبي لديه تراجع 10.4 مليار دولار في يونيو إلى 24.4 مليار دولار، بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بلدان عربية على الدوحة. ووصلت الاحتياطيات لأدنى مستوى في 5 أعوام.
وضخ أيضاً صندوق الثروة السيادي القطري إيداعات دولارية في بعض البنوك المحلية، كإجراء احترازي، خشية التعرض لنقص في السيولة، إذا استمرت المقاطعة العربية لها.
أسهم وسندات
وعانى القطاع المصرفي من أضرار بالغة تعد الأخطر في تاريخه، وقالت وكالة بلومبرج، إن خسائر أصول قطر تتفاقم مع تزايد الأزمة، موضحة أن المستثمرين فى الأسهم والسندات والعملات الآجلة القطرية قد أرهقتهم الخسائر، حيث إن متوسط خسائر البورصة القطرية بلغ لكل ساعة تداول إلى نحو 2.6 مليار ريال قطري، إذ بلغ إجمالي الخسائر السوقية نحو 37.15 مليار ريال.
تضاعف مخاطر الاقتصاد القطري وخروج متوقع للمستثمرين الأجانب
وما زالت الأموال الخليجية والأجنبية تغادر البورصة القطرية، إذ سجل صافي مبيعات الخليجيين والأجانب منذ بدء الأزمة بنحو 820.28 مليون ريال، منها 584.6 مليون ريال أموال خليجية مقابل 235.7 مليون ريال قطري أموال أجنبية، في حين تعاني مكاتب الصرافة في قطر من شح وجود الدولار، وهو ما صعب على العمال الأجانب إرسال أموال لبلادهم.
التضخم
أما السلع الغذائية فرغم أن الدوحة حاولت تعويض المنتجات الإماراتية والسعودية بأخرى من إيران وتركيا، إلا أن المراقبين أكدوا أن السوق القطرية مقدمة على مرحلة تضخم وارتفاع للأسعار غير مسبوقة، فاعتماد الدوحة بشكل أكبر على الجو في استيراد السلع سيزيد من كلفة البضائع المستوردة، كما أنها ستحتاج إلى التعاقد مع موردين جدد لتوفير السلع لها بشكل سريع، وهو ما سيؤثر على أسعارها المرجح أن تزداد خلال الفترة المقبلة.
التصنيف الائتماني
عدلت جميع وكالات التصنيف الائتماني نظرتها للاقتصاد القطري إلى سلبية وخفضتها بعضها التصنيف الائتماني لها، وقالت إنها تضع الإمارة الصغيرة تحت المراقبة لمعرفة أية تأثيرات أخرى للمقاطعة على الاقتصاد.
وخفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لقطر من مستقرة إلى "سلبية"، وقررت وكالة فيتش بوضع التصنيف الائتماني لقطر قيد المراجعة، مع احتمال الخفض مستقبلاً. وبحسب فيتش، فإن قطع العلاقات مع قطر جعلها في عزلة، الأمر الذي ستكون له انعكاسات سلبية على بيئة الأعمال، إذا ما استمرت هذه العزلة لفترة أطول، إذ إنها ستضر بنموذج أعمال الشركات القطرية، بما فيها الشركات المملوكة للدولة. وخفضت وكالة ستنادرد أند بورز العالمية تصنيف قطر، من مستوى AA إلى مستوى AA-، ووضعتها على قائمة المراقبة ذات التداعيات السلبية.
الطيران القطري
أصيب الطيران القطري بنكسة كبير بعد العزلة، خاصة أن الدوحة كانت تأمل أن يكون مطارها مركزاً خليجياً للنقل الجوي، إذ يشكل ركاب الترانزيت في هذا المطار نحو 90% من المسافرين، فى حين كانت تجني الخطوط القطرية 30% من إيراداتها عبر خطوط الإمارات والسعودية، وهو ما فقدته بسبب المقاطعة.
التقارب الدولي مقابل الأموال
حاولت قطر التقارب دولياً مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الأخيرة، لكنها على ما يبدو تقاربها تدفع الدوحة مقابلة كثيراً، على بعض المستلزمات التي قد لا تكون في حاجة إليها.
مشاريع المونديال
تحتاج قطر إلى توفير سيولة نقدية بنحو 96 مليار دولار خلال العام الجاري والسنوات المقبلة حتى إقامة كأس عام 2022، وهو الأمر الذي قد يكون صعباً بسبب مقاطعة الدوحة.
صعوبة تسييل الأصول
قالت قطر قبل الأزمة إن لديها احتياطيات تقدر بنحو 340 مليار دولار، تشمل احتياطيات لدى المركزي بنحو 40 مليار دولار، إضافة إلى الذهب، و300 مليار دولار لدى جهاز قطر للاستثمار.
ومع وصول الاحتياطيات لدى المركزي 24 مليار دولار بعد الأزمة، لم يبقَ لدى قطر سوى 7 مليارات دولار سائلة لتوفير احتياطاتها الحالية، إذ تحتاج إلى أن تبقي لديها على 17 مليار دولار، للحفاظ على قيمة عملتها ثابتة.
وبجانب 7 مليارات دولار، فإن جهاز قطر الوطني سيجد صعوبة في توفير سيولة دولارية كبيرة لمواجهة احتياجات الإمارة المتزايدة، وتشمل هذه الأصول أسهماً محلية في شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري والخطوط الجوية القطرية وغيرها، تقدر بـ50 إلى 75 مليار دولار، وهي حيازات صعبة التسييل.
وفي وقت سابق هذا العام، حولت قطر ما يزيد عن 30 مليار دولار من حيازات الأسهم المحلية إلى وزارة المالية، وبالتالي ذلك يترك للصندوق السيادي أصولاً أجنبية بنحو 225 مليار دولار.
ولكن أغلب الأصول التي يمتلكها الصندوق أصولاً تحتاج إلى وقت طويل لتحويلها إلى سيولة، وسيكون مدى قدرة قطر على تحويل تلك الأصول إلى أموال سائلة صعبة، وإما ستكون خسائرها كبيرة من جراء بيع تلك الأصول.