أكد أسامة المجدوب سفير مصر لدى الصين، أن ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 تمثل معلما في تاريخ مصر الحديث ليس فقط على الصعيد المحلي، ولكن أيضا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقال المجدوب في كلمته أثناء الاحتفال الكبير الذي أقامته السفارة بمقرها، إن ثورة يوليو ساعدت على إعادة تشكيل دور مصر وتأثيرها في العالم العربي وفي قارتي أفريقيا وآسيا، وعززت من اندماجها مع بقية العالم، مشيرًا إلى أن الثورة أدت إلى إنهاء الاحتلال البريطاني لمصر، وتحول مصر من الملكية إلى الجمهورية وعززت من تواصلها مع العالم الخارجى لتدعو إلى الوحدة العربية والإفريقية والى تآزر وتكاتف البلدان النامية ولتقوم بعد هذا جنبا إلى جنب مع تلك البلدان بتأسيس حركة عدم الانحياز وبناء جسور من الصداقة والتعاون تمتد من آسيا شرقا إلى أمريكا اللاتينية غربا.
وشدد المجدوب على أن أحد أهم نتائج هذه الثورة كانت إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين في عام 1956، لتكون مصر أول دولة عربية وإفريقية ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، مضيفًا أنه على الرغم من أننا في العام الماضي احتفلنا بالذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلا أن الحقيقة هى أن العلاقات بين البلدين تعود إلى آلاف السنين، حيث قام البلدان اللذان يعدان من أقدم الحضارات في تاريخ البشرية، بتبادل المعرفة والتجارة والثقافة في الماضي البعيد من خلال طريق الحرير القديم.
واستطرد المجدوب، قائلا: أنه وانطلاقا من هذا الأساس القوى المرتكز على ما يربط بين البلدين من سمات وأهداف مشتركة وتعاون مثمر عبرالقرون، ارتقت العلاقات المصرية الصينية لتصل إلى مستوى جديد من التفاعل ففي ديسمبر 2014، خلال أول زيارة قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين وقع مع نظيره الصينى شى جين بينغ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التى كان نتاجها إقامة عدة مشاريع هامة في مجال القدرات الصناعية.
ونوه السفير المصري بما تبع تلك الزيارة من زيارات رئاسية حيث زار السيسي بكين مرة ثانية في سبتمبر 2015 للمشاركة في احتفالات الصين بالذكرى السبعين للنصر في الحرب العالمية الثانية ثم قام بزيارة الصين مرة ثالثة شارك خلالها فى قمة مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة هانغتشو في سبتمبر 2016 بناء على دعوة من الرئاسة الصينية للمجموعة.
ووفقا للمجدوب، فإنه من المنتظر أن يقوم الرئيس السيسي بزيارة جديدة إلى الصين في شهر سبتمبر من هذا العام للمشاركة في فعاليات الحوار الاستراتيجي حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية الذي سيقام على المستوى الرئاسى على هامش قمة مجموعة بريكس التى ستستضيفها الصين في مدينة شيامن.
وأكد السفير أهمية الزيارة التى قام الرئيس الصينى لمصر في أول جولة خارجية له خلال عام 2016، حيث اتفق الرئيسان وقتئذ على تعزيز الشراكة المصرية الصينية من خلال إقرار اتفاقية حول خارطة طريق بشأن تعزيز العلاقات الثنائية خلال السنوات الخمس القادمة، مشيرًا إلى أنه تمت ترجمة خارطة الطريق تلك من خلال تعزيز التجارة البينية ليبلغ حجمها نحو 11 مليار دولار أمريكى فى 2016، فضلا عن الدفع قدما بالتعاون الاستثماري حيث تعتزم الشركات الصينية ضخ استثمارات بأكثر من 15 مليار دولار في المشاريع الاستراتيجية في مصر مثل مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة فى قناة السويس، والتى تضم كوكبة من المشاريع الهامة من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر المناطق الصناعية والمحطات اللوجستية والموانئ البحرية وأحواض السفن الجافة ومراكز الترفيه.
كما تم ترجمة خارطة الطريق من خلال المشروع الضخم لبناء العاصمة الادارية الجديدة لمصر، وهو المشروع الذي تشارك اثنتان من كبرى الشركات الصينية المعروفة بحسن السمعة في إقامة مرحلتيه الأولى والثانية اللتان تضمان الحي التجاري المركزى، والمناطق الصناعية، ومناطق سكنية، ومدارس ومستشفيات، ومراكز مالية وثقافية ومرافق رياضية، منوها بأنه يتم خلال بناء تلك المشروعات جميعها تطبيق أحدث التقنيات التى تتميزبها المدن الآمنة والذكية.
وأكد المجدوب، أنه كان للروابط القوية بين البلدين، تأثير كبير على العلاقات على المستوى الشعبي، حيث شهدت السنوات القليلة الماضية تعاونا واسعا في مجال الثقافة، وقال إنه خلال عام 2016 الذي كان عامًا للثقافة المصرية الصينية استضاف البلدان أكثر من 100 نشاط ثقافي، كما زاد حجم التعاون بين البلدين فى قطاع التعليم سواء من حيث تبادل المنح الدراسية أو البرامج التدريبية أو الزيارات التي تمت ومذكرات التفاهم التي وقعت بين الجامعات المصرية والصينية البارزة.
وسلط المجدوب، الضوء على التعاون المشترك في مجال ترجمة الأعمال الأدبية من العربية إلى الصينية ومن الصينية إلى العربية، مؤكدًا أن مجالات التعاون الثقافي بين البلدين لا حدود لها، منوها بزيادة حجم السياحة بين البلدين بسرعة خلال السنوات القليلة الماضية، وأنه اعتبارا من هذا العام، أصبحت الصين رابع أكبر مصدر للسياح إلى مصر، حيث ارتفع عدد السياح الصينيين الذين زاروا مصر في النصف الأول من عام 2017 بنسبة 94 فى المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2016.
وقال إنه من المتوقع أن يزداد هذا الاتجاه المتصاعد للسياحة الصينية إلى أبعد من ذلك، حيث تجري الآن مفاوضات بين وزارتي الطيران المدني في البلدين لتشغيل ثلاث رحلات أسبوعية بين القاهرة وشنغهاي، بالإضافة إلى ثلاث رحلات أسبوعية بين القاهرة وبكين، فضلا عن الرحلات اليومية بين القاهرة وقوانغتشو، ناهيك عن الرحلات الجوية التي تربط العديد من المدن الصينية ومدينتي الأقصر والغردقة.