استدعي 1.3 مليون ناخب موريتانيا، اليوم السبت، للتصويت في استفتاء شعبي على تعديلات دستورية مقترحة من طرف رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز، وترفضها المعارضة التي دعت لمقاطعة الاستفتاء لأنه غير دستوري.
وسبق أن أدلى 27 ألف عسكري موريتاني بأصواتهم في الاستفتاء، أمس الخميس، الذي يأتي في ظل أزمة سياسية خانقة تعيشها موريتانيا منذ عدة سنوات، بسبب القطيعة بين النظام الحاكم والمعارضة.
وتشرف لجنة وطنية مستقلة للانتخابات على الاستفتاء، وسبق أن نظمت عدة انتخابات، من ضمنها انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية، ولكنها المرة الأولى التي تنظم استفتاء شعبيًا، بعد أن أضيف لصلاحياتها بموجب مرسوم جديد.
وتؤكد اللجنة التي استعادت طواقمها القديمة، أنها جاهزة من الناحية الفنية والبشرية لتنظيم الاستفتاء، ولكنها تواجه تشكيك المعارضة في قدرتها وشرعيتها.
- خطط المعارضة:
في المقابل سبق أن اتهم الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، المعارضة بالتورط في مخططات لزعزعة الاستقرار في البلاد، وقال إن لديه ملفات تثبت اتهاماته، مشيرًا في الوقت نفسه إلى تسريبات عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده التي اعتبر أنها تثبت كلامه.
وأكد "ولد عبد العزيز" أنه سيضمن الاستقرار والأمن في موريتانيا، لأن ذلك هو مسؤوليته ومسؤولية الأجهزة الأمنية والجيش، وقال إن المواطن الموريتاني أصبح يعرف خطط المعارضة وسيصوت لصالح التعديلات الدستورية..
- تحذير من التزوير:
واتهمت المعارضة على لسان جميل منصور، الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، هذه اللجنة بالانحياز لرغبة السلطة في "تزوير" الاستفتاء.
وقال منصور في مؤتمر صحفي أمس إن السلطات العمومية "لا تتصف بالحياد"، متهمًا النظام باستغلال وسائل الدولة وأموالها من أجل تمرير التعديلات الدستورية، محذرًا من "عمليات تزوير واسعة".
واتهم "ولد منصور" النظام الحاكم في موريتانيا بدفع البلاد نحو "العنف"، ولكنه شدد على أن المعارضة لن تنجرف للعنف وستحافظ على نهجها المعارض السلمي.
- قلق دولي:
وفي أول تعليق خارجي على ما تعيشه موريتانيا، قال مكتب حقوق الإنسان في موريتانيا، التابع للأمم المتحدة، إنه قلق حيال ما سماه "الاضطرابات" التي تعيشها موريتانيا.
وطلب المكتب في بيان رسمي أصدره مساء الخميس الماضي، من الحكومة الموريتانية أن "يكون تجاوبها مع الاحتجاجات مطابقًا لالتزاماتها بالقانون الدولي لحقوق الإنسان وأن تضمن احترام حرية التجمع السلمي وحرية التعبير عن الرأي".
ودعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى "عدم اللجوء إلى العنف، واتخاذ التدابير اللازمة من أجل منع تدهور الوضع"، كما شددت على أن "مسؤولية الحكومة هي التأكد من إجراء انتخابات وفقا للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان لموريتانيا، وينبغي أن تتخذ الحكومة جميع التدابير اللازمة لضمان إجراء انتخابات حرة وشفافة وذات مصداقية".
- اعتصام مجلس الشيوخ:
ويزداد تعقيد المشهد السياسي في موريتانيا مع دخول عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان، في اعتصام مفتوح داخل مبنى المجلس احتجاجًا على تصريحات لرئيس الجمهورية اتهم فيها الشيوخ بالرشوة.
كما يرفض الشيوخ المعتصمون تنظيم الاستفتاء الشعبي ويعتبرونه غير دستوري، لأنه يعرض تعديلات دستوري سبق أن أسقطها الشيوخ شهر مارس الماضي، عندما صوتوا ضدها بأغلبية ساحقة.
ودخل الشيوخ في صراع قوي مع الرئيس، فيما بدا وكأنه صراع محتدم ما بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، خاصة وأن مجلس الشيوخ يعد الغرفة البرلمانية التي لا يحق لرئيس الجمهورية حلها..
- التعديلات الغائبة:
وفي ظل هذا التأزم السياسي يغيب الحديث عن مضمون التعديلات الدستورية، ما عدا النقطة المتعلقة بتعديل "العلم الوطني" عبر إضافة خطين أحمرين للعلم الحالي، وإلغاء مجلس الشيوخ.
وتحول الاستفتاء على هذه التعديلات إلى استفتاء دعا الرئيس أنصاره للمشاركة فيه، ودعت المعارضة جماهيرها لمقاطعته، وبالتالي فإن نسبة المشاركة هي مركز الصراع.
وكان الرئيس الموريتاني خلال أسبوعين من الحملة الانتخابية يدعو جميع الموريتانيين للتصويت، بينما حاولت المعارضة إقناع الموريتانيين بخطورة التصويت في الاستفتاء على تعديلات وصفتها بأنها "غير توافقية".