قال أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري - في المؤتمر الصحفي - إن "اختيار مصر كدولة راعية لاتفاقيتي وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، لم يأت ترضيةً أو لمصلحةٍ ضيقة بل كانَ نتيجةً طبيعيةً وضروريةً انطلاقا من أنها كانت ولا تزالُ وستبقى، هي الأكثرُ حِرصًا على حُرمةِ الدّمِ السوري، ولم تُشارك بأيِّ وسيلةٍ من الوسائلِ في سفكِ الدماء، بل على العكس سعت وبكُلِ صدقٍ وتفانٍ على أن تكونَ جِسرًا للتواصلِ بين السوريين، ومنطلقا لحل يرضي جميع الأطراف بما فيه خيرٌ لمستقبل بلادنا".
وأضاف الجربا أن مصر، ورئيسها عبد الفتاح السيسي، تنظر إلى سوريا من قناعة راسخة لدى الوجدان الشعبي والرسمي المصري، مفادها أن سوريا جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر وعزتها وسلامة أمنها القومي إلى جانب عدم وجود صراعٍ بين مصر، وأي فصيل سوري فاعل في مناطق الاتفاقات، إضافةً إلى عدم دعم مصر لأي طرفٍ عسكري، الأمر الذي يشكل حساسية لأطرافٍ أخرى.
وأكد الجربا على علاقة الثقة المتينة بين مصر وروسيا، والتي رسّخت بدورها، ثقتنا نحن، وكانت دافعًا إيجابيًا لنا كجانب سوري كما أن الجانبَ المِصري لم يتجاوز في أي تفصيل حدودَ الوساطةِ والرعاية، بل كان داعمًا دومًا ومتبنيًا لكل ما نطرحُهُ في المفاوضات.
ووجه الجربا رسالة إلى الشعب السوري قائلا: "أتوجهُ بهذا المؤتمر - أولًا وأخيرًا - إلى شعبنا السوري الموزع، بين أرضِ النار في الداخلِ ونكبةِ الشتاتِ الكُبرى في زوايا الأرض الأربع، أننا في مرحلةٍ حساسة، ولكنها مهمة بل الأهمُ في تاريخِ ثورتنا التي قدمت وما زالت تُقدمُ نموذجًا للعالم حول التضحية والوفاء والصبر والعزيمة وحتى لا نكونَ رقمًا هامشيًا على مذبح المصالحِ الكبرى للقوى الدولية والإقليمية بأننا قررننا في هذه المرحلة أن نتخذ القرار الصعب، انطلاقًا من ثوابت المصلحةِ السورية، ولكي لا يقع أي التباس، من خلال استراتيجية ترتكز على ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة، وعدم التضحية بالدماء والجهود التي بذلت وما زالت تبذل من شعبنا المرابط الصابر".
كما أكد الجربا "أهمية حماية المدنيين والثوار في مختلفِ المناطقِ السوريةِ، من بطشِ الآلةِ العسكريةِ للنظامِ وحلفائه، مع حفظ الكرامة ومكتسباتِ الثوار، عبر اتفاقات واضحة وشفافة تخدم قضيتنا العادلة وتعيدُ الطريق أمام الشعب السوري للوصولِ إلى الأهدافِ الأساسيةِ التي رسمتها الثورة - قبل أن يشوهها بعضُ الدخلاء - بدءًا بالحريةِ والكرامة، مرورًا بالتغيير السياسي، وصولًا إلى سوريا ذات سيادة مستقلة وديموقراطية نعيش فيها بأمانٍ واستقرار، كما تطمحُ كلُ الشعوبِ الحرةِ في هذا العالم".
وأوضح أن الاستراتيجية ترتكز على التشاور المتواصِلُ مع "الثوار" بمختلفِ المناطق، وعلى تنوعِ انتمائاتهم ومشاربهم، من أجلِ رسم خريطة طريق، للوصولٍ سياسيًا إلى "الأهدافِ التي عملنا عليها من اليومِ الأولِ للثورة. ولم نتجاوز أو نستثني فصيلًا صغُرَ أم كَبُر، إلا من استثنى نفسهُ لغاياتٍ ومآربَ لا شأنَّ لنا بها".
ونوه الجربا إلى "التواصلُ اليومي الحثيث مع أهلنا في الداخل، الأمرُ الذي أفضى إلى بلورةِ مناخٍ عام حول أوضاعهم التفصيلية وحاجاتهم الراهنة، إضافةً إلى تطلُعاتِهم المستقبلية".
وقال: استنادًا إلى هذه الثوابت، وبناءً عليها وعلى موازينِ القوى، التي أرخت بأثقالها على الواقعِ السوري، شَرعنا باتفاقاتٍ بدأت بالغوطة وانتقلت الى حمص، مضيفا "أن هَمُنا الأولُ والأخير، الوصولُ الى أهدافِ شعبنا التي سطّرها بالدمِ في ثورةِ الكرامة".
وتابع: درسنا كُلَ الاحتمالاتِ للوصولِ الى نتيجةٍ عملية، وبعدما تفحصنا مع الشركاءِ السياسيينَ، والفصائلِ ومرجعياتِ الأهالي كُلَ السُبلِ المتاحة، وجدنا أنَّ أقصر الطُرقِ، وأقلها ضررًا، وأكثُرها فاعليةً التواصُلُ مع الطرفِ الروسي للوصولِ الى نتيجةٍ مرضية، وهذا كما يعلمُ ويخبَرُ الجميع هو السبيلُ الوحيد المتوفِرُ حاليًا".