جريمة فساد عمرها 16 عامًا، ولا تزال جدرانه تحكي عن مشاهد إهدار المال العام والاستهتار بالأملاك العامة، التى منعت المرضى من استغلال مبنى مستشفى الأمراض النفسية فى السويس، الذى تكلف الملايين وصار خرابة تؤوى البوم والخفافيش، بسبب روتين بال وتجاهل المسؤولين.. والتفاصيل حصلت عليها "أهل مصر" فى السطور التالية.
في البداية جاءت فكرة إنشاء مستشفى الصحة النفسية فى السويس، بهدف خدمة نحو مليونى مواطن في مدن القناة الثلاث، والتى لا تتوافر لديها خدمة العلاج النفسى، وانتهى العمل بالمستشفى، الذى كان مقررًا أن تستلمه مديرية الصحة بالسويس فى نهاية عام 2001، لكن المديرية اكتشفت وجود أخطاء جسيمة فى المبنى تمنع تشغيل المستشفى، تتعلق بسلامة الإنشاءات والمعايير الفنية، وحينها قرر اللواء سيف الدين جلال محافظ السويس وقتها تشكيل لجنة لوضع مقايسة بتلك الأعمال، حتى يتم إصلاحها وتشغيل المستشفى، لكن اللجنة لم تنته إلى شىء.
وعقب اندلاع ثورة 25 يناير وبعدها 30 يوينو، طالب أهالى السويس بضروة تشغيل المستشفى، وقدم الآلاف من أهالى المدينة الباسلة مذكرات عرض على وزراء الصحة المتلاحقين، فى 2013 تقرر تشغيل لجنة من الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، وعقدت اجتماعًا مع لجنة أخرى، مشكلة من مديرية الصحة لمعاينة المبنى، وخلال الاجتماعات، التى لا تنتهى تم الاتفاق على إعداد تقرير سلامة إنشائية المبنى من قبل مديرية الصحة وتحديد مدى إمكانية إنشاء دور ثان علوى، على أن تتحمل الأمانة العامة للصحة النفسية تكاليف إنشاء الدور، كما تم الاتفاق على الانتهاء من إعداد تقرير السلامة الإنشائية من قبل مديرية الشؤون الصحية بالمحافظة من خلال إعداد المستندات الخاصة بالمستشفى وخطاب التخصيص وملكية الأرض المنشأ عليها، مع تجهيز تلك المستندات وقت تسليم المستشفى، لإتمام إجراءات التسليم ونقل الملكية.
وفى نهاية أغسطس 2015 أرسلت مديرية الشؤون الصحية تقرير السلامة الإنشائية وإمكانية إنشاء دور آخر، وقررت الأمانة العامة للمديرية فور وصول التقرير تشكيل لجنة تسليم، وحددت موعدًا لانعقاد اللجنة، وبعد شهرين فقط من تاريخ موافاتها بالتقرير.
وعقدت اللجنة المشتركة من الأمانة العامة ومديرية الصحة فى 26 أكتوبر 2015 ، من أجل استلام المبنى، إلا أن المديرية الصحة لم تستكمل المستندات المطلوب عرضها على وزير الصحة ومحافظ السويس، لاتخاذ إجراءات الموافقة على نقل ملكية المستشفى للأمانة العامة، بالرغم من أن تلك المستندات طلبتها الأمانة قبل 22 شهرًا من ذلك اليوم.
وافق وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين فى نهاية 2015، على نقل ملكية المستشفى إلى الأمانة العامة للصحة النفسية، بناء على ذلك تمت مخاطبة مديرية الصحة بعد الموافقة للعرض على محافظ السويس باعتباره السلطة المختصة، مع تحديد موعد وموافاة لجنة الأمانة به لانعقاد لجنة مشتركة لإتمام إجراءات نقل الملكية من المحافظة للأمانة العامة.
فى نهاية 2015 اجتمعت اللجنة، ومع بدء الإجراءات القانونية اللازمة للاستلام، وجدوا للمرة الثانية أن المستندات غير مستوفية خطاب ملكية الأرض وخطاب التخصيص ورخصة المبنى ومحضر استلام المبنى إداريًا، وهى مستندات لا يمكن استلام المبنى بدونها، ولم توفرها مديرية الصحة، وتم تأجيل استلام المبنى لحين استيفاء المستندات المطلوبة.
ومن جانبه قال الدكتور لطفى عبدالسميع ، وكيل وزارة الصحة والسكان فى السويس: إن المديرية توصلت مع رئاسة حى السويس الذى يقع فيه المستشفى من أجل الحصول على التقرير الإنشائى وخطاب ملكية الأرض وخطاب التخصيص ورخصة المبنى ومحضر استلام المبنى من المقاول.
وتابع الدكتور عبدالسميع، أن رئاسة الحى أرسلت لهم ردًا بأنهم لم يستدلوا على الملفات والأوراق المطلوبة الخاصة بمبنى المستشفى، مشيرًا إلى أن المديرية مستعدة لتسليم المستشفى وتشغيلها، إلا أن الملف بالكامل فى النيابة الإدارية تجرى فيه تحقيقًا فيه بسبب وقائع الفساد.
نقلا عن العدد الورقي.