المؤرخ ضياء القاضى يكشف عن تاريخ قناة السويس

شهدت محافظة بورسعيد ضرب أول معول لحفر قناة السويس في 25 أبريل 1859 الموافق 21 رمضان 1275 في عهد الخديوي سعيد، واستمر حفر القناة أطول ممر مائي صناعي على مستوى العالم بطول 193كم لمدة 10سنوات بسواعد أكثر من مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، وتم افتتاحها للملاحة في 17 نوفمبر 1896 في حفل إسطورى دعا إليه الخديوي إسماعيل عدد كبير من ملوك وأمراء العالم ونخبة رجال السياسة والعلم والأدب.

في البداية أكد المؤرخ ضياء القاضي عضو اتحاد المؤرخين العرب أن الخديوي إسماعيل أقام حفل اسطورى لافتتاح القناة بدأ من بورسعيد يوم 16 ابريل 1859.. حيث سافر إلى أوروبا قبل الافتتاح بعدة أشهر لدعوة الملوك والأمراء لحضور الافتتاح، وأمر ببناء ثلاث منصات كبرى أمام قنصلية فرنسا ببورسعيد متحف قناة السويس حاليا، واصطحب الإمبراطورة أوجيني زوجة الإمبراطور نابليون الثالث إمبراطور فرنسا التي وصلت للميناء على متن اليخت إيجل " النسر" والإمبراطور فرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا والمجر، وعدد كبير الأمراء علماء وفناني أوروبا لمكان الاحتفال ببورسعيد، ثم توجه الجميع إلى مدينة الإسماعيلية في اليوم التالي لاستكمال الاحتفالات بهذه المناسبة، وقد سجل النحات الفرنسي المشهور " ريو " جميع الاحتفالات بطريقة الجرافير " الحفر " وكانت هناك مجموعات من مختلف محافظات مصر على طول القناة " النوبة، وبدو سيناء، والعرب، والفلاحين، والصعيد " بملابسهم وعاداتهم وتقاليدهم وحيواناتهم في كرنفال مفتوح لاستقبال الضيوف.

وأضاف أن فردناند ديليسبس استغل نتاج حفر القناة في ردم البرك والمستنقعات بالمدينة المرتقبة " بورسعيد " بارتفاع 2متر ونصف، وأقام مصنعا للكتل الخراسانية، نظرا لتكاليف الباهظة وصعوبة نقل الأحجار الطبيعية من جبل عتاقة، وأقام الحاجز الغربي للأمواج بشارع المعروف حتى اليوم بشارع أوجيني، والحاجز الشرقي بمدينة بورفؤاد، ورصيف " جوزيف " شارع فلسطين الآن.

كما كلف 40 عامل من أوروبا في أول سنة للحفر عام 1859 ببناء فنار خشبي بمنطقة الرسوة بارتفاع 20 متر، وكان يضيء لمسافة 25 ميل لهداية سفن القادمة بمواد الحفر والبناء من أوروبا، وتنفيذ رصيف خشبي داخل البحر المتوسط لاستقبال السفن، وفى عام 1868 وقبل افتتاح القناة بعام تم بناء فنار بورسعيد وهو أول بناء خراساني ببورسعيد على شكل ثماني بارتفاع 56 متر، وكان أعلى الفنار كرة سوداء كانت تستخدم لضبط الوقت، وكانت متصلة اتصالًا كهربائيًا بمرصد حلوان بالقاهرة.

وألمح المؤرخ البورسعيدي إلى أن الإمبراطورة أوجيني انبهرت بالاحتفال الاسطورى وفور عودتها إلى فرنسا كلفت المثال الفرنسي الايطالي الأصل " بارتولدى " بصنع تمثال ليوضع بالمدخل الشمالي للقناة، وبالفعل تم تنفيذ تمثال بارتفاع 46 متر لسيدة ترمز للحرية وتحمل بيديها شعلة، ألا أن الثورة الفرنسية قامت قبل نقل التمثال إلى مصر، وظل التمثال بالمخازن إلى أن قامت الرابطة الفرنسية الأمريكية بإهداء التمثال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتم وضعه على قاعدة بارتفاع 45 متر ليصل ارتفاعه إلى 91 متر ليطل على المحيط الأطلنطي بمدخل مدينة نيويورك، وأزيح الستار عن التمثال عام 1886.. كما تم وضع حجر الأساس لمبنى الهيئة قناة السويس الحالي ببورسعيد " القبة " عام 1893، وتم تزين القباب الثلاثة أعلي المبنى الذي يعتبر تحفة معمارية بالفسيفساء الخضراء والزرقاء، وكان مرسى لكبار الزوار من الملوك والأمراء على مر العصور، واستخدم " استكويل " قائد العدوان الثلاثي الغاشم على ارض مصر عام 1956 المبنى لقيادة القوات الانجليزية والفرنسية عند غزو بورسعيد.

وأوضح القاضي أن مهندسو القناة اقترحوا في العيد الثلاثيني لافتتاح قناة السويس، تخليد ذكرى فردناند ديليسبس الذي توفى في 7 ديسمبر عام 1894، ووضع تمثال له بمدخل القناة وإنشاء رصيف كمتنزه لأهالي المدينة، وتم تهذيب الكتل الخراسانية بالحاجز الغربي، وقام المثال الفرنسي " فرميه " بتصنيع تمثال من البرنز، وجاء مفكك من فرنسا داخل 4 صناديق خشبية وتم تجميعه بورش القناة ببورسعيد وإنشاء قاعدة حجرية بارتفاع 9 متر و40 سم وضع عليها التمثال بارتفاع 7 متر و10 سم بإجمالي 19 متر ونصف ارتفاع، وقام الخديوي عباس حلمي الثاني بصحبة اللورد كرومر، وشارل ابن ديليسبس وزوجته الثانية التي تزوجها بعد افتتاح القناة بإزاحة الستار عن التمثال عام 1899، وقامت الحكومة المصرية بمد خطوط السكك الحديدية إلى بورسعيد وافتتح الخديوي عباس حلمي الثاني المحطة عام 1894.

وقام العمال حفر القناة عام 1860 ببناء مسجد لهم في قرية العرب، وقد كان هذا المسجد عبارة عن شونة للأغلال عليها مئذنة، إلى أن اصدر الخديوي توفيق أمرا إلى ديوان الأوقاف بإنشاء مسجد آخر وإنشاء مدرسة ملحقة به لتربية الأطفال، وقد أحتفل في السابع من ديسمبر عام 1882 بإقامة أساس المسجد التوفيقي في موكب ضخم سار في أنحاء بورسعيد يتقدمه العلماء وعلى رأسهم الشيخ عبد الرحمن أبو الحسن شيخ علماء المسلمين ببورسعيد، والقاضي وأعيان المدينة وأرباب الطرق وإمامهم الموسيقى.

وفى عام 1905 اصدر الخديوي عباس حلمي الثاني قرارا بتخصيص أربعة آلاف متر لإنشاء المسجد العباسي الذي أقيم على عشر المساحة فقط.. فيما أصدر الملك فؤاد الأول مرسوم رقم 60 عام 1934، ببناء كاتدرائية الاتينى " AVE MARIA "بالمدخل الشمالي للقناة بشارع 23 يوليو، وتم ضع حجر الأساس في نفس العام، وقام المهندس الإيطالي الشهير " اَلبرتى " ببناء الكنيسة تحت إشراف مبعوث بابوي من بابا الفاتيكان، وتم تكليف المثال " هيرال " بتصميم تمثال للسيدة العذراء ليوضع أعلى برج الجرس، إلا أن المشرفين على القناة أوصوا بعدم وضع التمثال أعلى البرج حتى لا يحجب الأشعة الضوئية عن السفن، وتم نقل إلى الحديقة الكاتدرائية ومازال موجود حتى الآن.

وقال إن السنة الثانية لحفر القناة شهدت وجود تجمع بدوية شرق القناة للعرب القادمين من سيناء بالأسماك المملحة والتمر، والخبز ومياه الشرب للعاملين بحفر القناة، وأطلق عليها البعض " قرية العرب " وانتقل هذا التجمع إلى غرب القناة في بداية إنشاء المدينة وظل هذا الاسم قائم حتى ألان لحى العرب بوسط المدينة، كما سمى حي المناخ باسم القوافل التي كانت تأتى بالجمال والإبل التي تحمل الأطعمة، واخذ اسم المناخ من إناخة الجمل اى جلوسه على الأرض.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
غزيرة تؤدي لـ تجمعات المياه.. التنمية المحلية تحذر من سقوط الأمطار على المحافظات