أزمة بين الصيادلة والصحة.. والدواء منتهي الصلاحية كلمة السر.. الوزارة:الجشع هو السبب.. والصيادلة: "حاميها حراميها"

معركة حامية الوطيس بين الصيادلة ووزارة الصحة، تدور رحاها منذ شهور طويلة، فبينما خرج الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، بقرارات قد تكون صادمة لغالبية الصيادلة، خرج أيضا الصيادلة ومن يمثلهم في نقابتهم العامة بتصريحات شديدة اللهجة، تعبر عن حالة من الغضب الشديد، والذي يتسبب به وزير الصحة أو متحدثه الدكتور خالد مجاهد، فالاتهامات متبادلة ما بين الطرفين، والمعركة تزيد حدتها يوميًا.

ومنذ أيام، أعلنت نقابة الصيادلة، اعتصامًا مفتوحًا، رغبة في الضغط على وزارة الصحة، لتنفيذ عدد من المطالب التي تراها مشروعة، متمثلة في استمرار التكليف لخريجي كليات الصيدلة، والالتزام بآخر تسعيرة جبرية، صادرة عن الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بوزارة الصحة، والعودة إلى قرار 200 لسنة 2012 والخاص بتنظيم فتح الصيدليات، إضافة إلى إلغاء إنشاء معاهد خاصة بالتصنيع الدوائي لاعتدائه على قانون مزاولة مهنة الصيدلة "القرار رقم 378"، وسحب الأدوية منتهية الصلاحية من السوق، تنفيذا للقرار 115 لسنة 2017.

وتأتي مطالبة نقابة الصيادلة، وزارة الصحة، بسحب الأدوية منتهية الصلاحية من السوق، تنفيذا للقرار 115 لسنة 2017، والذي أصدره وزير الصحة في بداية العام، ويلزم فيه أصحاب الشركات بمختلف أنواعها، باسترجاع الأدوية منتهية الصلاحية خلال عام فقط من تاريخ إصدار القرار، إلا أن وزارة الصحة والتي لم تبدأ بعد في تنفيذ القرار الصادر عنها، اتهمت خلال محدثها الدكتور خالد مجاهد في أحد البرامج التليفزيونية، الصيادلة من أصحاب الصيدليات، بالجشع، والتعامل مع المخازن غير المرخصة والتي تصدر لها أدوية منتهية الصلاحية، وألقت بالصيادلة في قفص الاتهام.

وجاء الرد سريعًا من نقيب الصيادلة الدكتور محيي عبيد، والذي اتهم تصدير أدوية فاسدة لمستشفيات التأمين الصحي، مؤكدًا أن الوزارة قامت بتوزيع 49 ألف علبة فاسدة من أدوية فيروس سي، على مستشفيات التأمين وتلاعبت بصحة المرضى، وذلك في مداخلة هاتفية بأحد البرامج التليفزيونية، واستمرار لمسلسل الشد والجذب الذي يدور بين الكيانين، هاجم الدكتور خالد مجاهد المتحدث باسم الصحة، نقيب الصيادلة، متوعدًا إياه بمقاضاته أمام النيابة العامة، متهمًا إياه بإثارة البلبة وبث معلومات كاذبة.

وما بين الاتهامات المتبادلة بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة، يقف المواطن وأصحاب الصيدليات -على حد سواء- في حيرة من أمرهم، ينتظرون الكلمة الأخيرة.

صيدلانية: المرضى أصبح لديهم وعي كامل

قالت هالة وهبة، صيدلانية، إن دور وزارة الصحة هام للغاية، فالرقابة المستمرة على الصيدليات هي الحل الوحيد لمنع توافر الأدوية منتهية الصلاحية بها، مؤكدة أنها بدأت بالفعل في الأشهر الأخير، في إرسال لجان التفتيش على الصيدليات والتي تمر بواقع مرة كل يومين.

وأكدت "وهبة" أن المنشأة التي تعرض أدوية فاسدة منتهية الصلاحية أو قاربت على الانتهاء، تعرض نفسها للمساءلة القانونية، مضيفة أن العملاء من المرضى أصبح لديهم من الثقافة ما يجعلهم يبحثون وهم وقوف داخل الصيدلية عن تاريخ الانتهاء، مشددة على نزاهة الصيادلة وضرورة عدم إلقاء التهم من الوزارة بشكل مستمر عليهم.

بينما قال بخيت صابر، صيدلاني، إن مخازن المحروق التي يتعامل معها مرخصة وتعطي للصيدليات الأدوية بفواتير مختومة بسجل تجاري، وبطاقات ضريبية، داعيًا وزارة الصحة إلى البحث في أسباب الأزمة وعدم إلقاء الاتهامات بدون دليل.

جامعي: انعدام الرقابة والتفتيش.. سببًا في الأزمة

وتحدث حسام مصطفى، معيد بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، عن مشاكل الدواء، قائلا إن الدواء المهرب الغير مرخص ولا مسعر يعد من أهم المشكلات التي تواجه المنظومة من صيادلة ومرضى على حد سواء، كما أن عدم ثبات أسعار الأدوية يسبب مشكلة للمريض ويأتي هذا نتيجة لانعدام الرقابة على الصيدليات وانعدام التفتيش من وزارة الصحة، والقدرة على تهريب شحنات من الأدوية عبر الجمارك دون رقيب، وكلها مشكلات تؤدى لخلل كبير في المنظومة الدوائية بمصر، كما أن مصانع الأدوية المحلية غير مطابقة للمواصفات، وتحيد عن قواعد التصنيع الجيد وهناك فقر في الرقابة عليها، مما أدى لظهور ما يسمى بمصانع "تحت بير السلم".

فيما قال الدكتور إيهاب على، مرشح سابق على نقابة الصيادلة وعضو لجنة الصيدليات بالنقابة، إن مهنة الصيدلة في مصر في حال متردية للغاية، سواء كانوا صيادلة عاملين بالحكومة أو أصحاب صيدليات صغيرة أو العاملين بالدعاية الطبية، مضيفًا أن تعنت شركات الأدوية وعدم قبولها للأدوية منتهية الصلاحية والتي تراكمت بالأطنان في الصيدليات والبالغ عددها حوالي 60 ألف صيدلية، تمثل أكبر مشكلة.

وأشار"علي" إلى أن الخسائر المادية تقدر بمئات الملايين، كما أنها تمثل خطر على حياة المواطن عن طريق ما يعرف بإعادة تدوير هذه الأدوية، والموضوع ببساطة يتلخص في أن الشركات تأخذ نسبة 2 % من المسحوبات، بمعنى أن الصيدلي مطالب بشراء أدوية بما يعادل عشرة آلاف جنيه - علي سبيل المثال- فتقبل منه الشركة مرتجعات بما يوازى 200 جنيه فقط، لذا فنسبة المرتجع قليل جدا، ولهذا يلجأ البعض، لإعادة تدوير الدواء وبيعه من جديد، مضيفا: "قمنا بحملة الكيس الأسود لتجميع الأدوية منتهية الصلاحية، وإجبار الوزارة على معالجة الأمر، العام الماضي"، لكنها لم تبدأ في الخل لشهور طويلة.

وأبدى محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اعتراضه على تصريحات المسئولين بوزارة الصحة، قائلا إن الوزارة تتهم الصيادلة بالجشع علنًا، وقيامهم بشراء أدوية منتهية الصلاحية "إكسبير"، من مخازن الدواء بدون فواتير، وهو ما يساعدهم على عدم استرجاع الدواء قبيل انتهاء صلاحيتهم أو انتهائه فعليًا، مشيرًا إلى أن تصريحات الوزارة تتهم الصيادلة بأن هدفهم من تلك الصفقات هو التهرب من الضرائب.

وتساءل مدير المركز المصري للحق في الدواء: "من المصرح له بمنح تصاريح العمل للمخازن، ولماذا تركتموها تعمل في بيع الأدوية غير المسجلة من البداية؟".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً