مع إجراء 4 انتخابات في شهر واحد، تظهر التعقيدات التي تواجه الديمقراطية في أفريقيا، خاصة مع قيام عدد من الرؤساء بتعديل الدستور في بلادهم حتى يتمكنوا من الترشح لفترات رئاسية جديدة.
ففي 4 أغسطس فاز "بول كاجامي" في رواندا بفترة رئاسية جديدة، وفي 8 أغسطس سوف يسعى رئيس كينيا "أوهورو كينياتا" للاحتفاظ بالسلطة بعد تعديل الدستور، وفي أنجولا، مع تقاعد الرئيس السابق "خوسيه إدواردو دوس سانتوس"، التصويت الذي يبدأ في 23 أغسطس لن يحدث فرقًا كبيرًا في البلد الذي لا يزيد قليلا عن دولة الحزب الواحد، كذلك تنتظر موريتانيا نتيجة الاستفتاء على الدستور أجرته السبت 5 أغسطس ويمهد الطريق لتعديل مدة الولاية الرئاسة المحددة بسنتين حالياً.
ويحكم رواندا وأنجولا حكومات استبدادية يقبلها السكان الذين ما زالوا يتذكرون الحروب الأهلية الأخيرة، والإبادة الجماعية، ولا يمكن لتلك الدول تنظم انتخابات نزيهة، خاصة أن الاتحاد الأوروبي أكد أنه لن يرسل مراقبين إلى أنجولا لأن الشروط التي يتعين توافرها لم تتحقق.
العديد من المراقبين الذين يحضرون سيعلنون بلا شك أن هذه الانتخابات "سلمية وذات مصداقية"، ومن الناحية الفنية، فإن الحكومات تعلمت كيف تلعب لعبة الانتخابات، وتديرها بمهارة ضمن جهودها للعلاقات العامة مع العالم، بحسب موقع "كوارتز أفريقيا"، المعني بشؤون القارة السمراء.
ويبدو أن الجميع حاليًا تبنى النمط السنغافوري، حيث يسمح للمعارضة الصغيرة بالعمل وليس الفوز، والمعارضة التي لا حول لها ولا قوة، تقدم أدلة على أن "الديمقراطية" على قيد الحياة، وكذلك تساهم في الحفاظ على العلاقات مع الدول الخارجية، ويقبل الغرب سنغافورة كحليف ديمقراطي، وهو نفس الوضع الذي تسعى إليه العديد من الحكومات الأفريقية حالياً.
وتعتبر الانتخابات الكينية الأكثر أهمية التي تجري في 8 أغسطس، الحكومة والمعارضة بينهما اشتباكات، وتسعى جميع الأطراف لتجنب العنف الذي وقع عام 2007، مما أدى إلى قيام كوفي عنان بالتوسط في تشكيل حكومة ائتلافية وإصدار لائحة اتهام ضد الرئيس كينياتا أمام المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه تمت تبرئته بسبب قلة الأدلة الموثوقة.
هذا التاريخ يترك علامات سيئة في أذهان جميع اﻷطراف، ولكن مع تنافس كينياتا ورايلا أودينجا، اللذين عملا في الحكومة الائتلافية من 2007 إلى 2012 و يعرفون بعضهم جيدًا، اﻷمور تختلف.
ووفقا لموقع "كونفزيشن" اﻷفريقي، الانتخابات الكينية تعيد للأذهان الانتخابات السابقة، ليس فقط الأخيرة التي خاضها الرجلين، ولكن إلى الانتخابات الماضية في فترة ما بعد الاستقلال بين آبائهم، ففي بعض النواحي، يبدو أن الديمقراطية الكينية لم تتقدم، في ظل تزايد حجم الفساد.
ولكن بطرق أخرى، لم تشهد كينيا أبدا مثل هذه الانتخابات، وسيجري تسليط الضوء عليها، وبدأ المراقبون الأوروبيون في الانتشار، وجميع الأطراف تسير في طريقها للقضاء على اي احتمالات للعنف.
وبنظرة شمولية، فهذه أوقات فوضوية للديمقراطيات الأفريقية، فقد وصل بعض الحكام للسلطة بانتخابات "سليمة"، ثم تحولوا إلى السلطة الاستبدادية مثل زامبيا، خلال انتخابات عام 2016، بين "إدغر لونجو" وزعيم المعارضة "هاكندي هيشيليما"، عندما خرج لونجو منتصرًا، رفض هيشيلما النتيجة دون جدوى، وحاليًا مسجون بتهمة الخيانة.
وتتوقع زيمبابوي إجراء انتخابات في 2018، ومع انقسام المعارضة، "روبرت موجابي" عازم على الاستمرار، وقال إنه سوف يبلغ الـ 94 يوم الاقتراع، وراء أبواب مغلقة، حزبه يجري مناقشة شرسة حول من سيخلفه، لأنه لا يمكن التأكد إن كان سيكمل فترته الرئاسية أم لا.