أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، برئاسة المستشار يحيى دكروري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، فتوى قضائية انتهت فيها إلى جواز إبرام عقود بيع نهائية لقطع الأراضي السابق تخصيصها لبعض المستثمرين بالمنطقة الاستثمارية بالقطامية وجنوب مدينة نصر، في ضوء تنفيذ هؤلاء المستثمرين للمشروعات الصادر من أجلها قرار التخصيص وسدادهم كامل المستحقات للمحافظة.
صدرت الفتوى رداً على الطلب المقدم للجمعية من وزير التنمية المحلية، والذي أكد فيه أن بعض المستثمرين تقدموا إلى محافظة القاهرة بطلبات لتخصيص قطع أراضي لإقامة مشروعات استثمارية عليها، وبناء عليه أصدرت المحافظة عدة قرارات في الفترة من 6 يونيو 1998 حتى 8 فبراير 2003 بتخصيص قطع أراضي لهم من الأراضي المملوكة للمحافظة بالمنطقة الاستثمارية بالقطامية وجنوب مدينة نصر.
وأضاف الوزير في طلبه أنه بعد انتهاء المستثمرين من تنفيذ التزاماتهم الواردة بقرارات التخصيص وتنفيذ المشروعات الصادر من أجلها التخصيص، وسداد ثمن الأرض، طلبوا من المحافظة تحرير عقود نهائية بالبيع لهم فقامت المحافظة باستطلاع رأي إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية والتي انتهت بفتواها إلى عدم جواز تحرير تلك العقود على سند أن الأراض آلت للمستثمرين بطريق التخصيص دون اتباع الطريق القانوني الذي حدده قانون تنظيم المناقصات والمزايدات لبيع العقارات المملوكة للدولة.
وأشار المحافظ إلى أنه لما كان تخصيص تلك الأراضي قد تم وفقاً لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار، كما أن إجراءات تخصيص تلك الأراضي بدأت فعليا قبل العمل بأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، ومن ثم لا يطبق بشأنها فقد ثار الخلاف بشأن تحرير تلك العقود.
وأكدت الجمعية العمومية في أسباب فتوها، أن أياً ما كان وجه البطلان الذي لحق بالإجراءات السابقة على العاقد، فإنه إذا ما انعقد العقد مستوفياً أركانه يكون ملزم لطرفيه، ويكون من الواجب على الجهات الحكومية الاستمرار في تنفيذه حتى نهاية مدته؛ حفاظاً على مصداقية الدولة في الوفاء بتعاقداتها، وتحقيقاً لمبدأ استقرار المعاملات، خاصة وأنه سيترتب على إنهاء العمل بالعقد أثناء تنفيذه ضرر بالغ بالمصلحة العامة كفوات فرصة الاستفادة من المبالغ التي تم صرفها بالفعل، أو تُكلف الدولة مبالغ باهظة تتحملها الخزانة العامة، وذلك كله دون الإخلال بقواعد المسئولية ضد من اتخذ الإجراءات المخالفة للقانون.
واعتبرت الفتوى أن طلبات التخصيص التي تقدم بها المستثمرون إلى محافظة القاهرة لتخصيص قطع أراضي لإقامة مشروعات استثمارية عليها في الحالة المعروضة تعد إيجاباً، وأن قرارات محافظ القاهرة بتخصيص قطع الأراضي المشار إليها تعد قبولاً مطابقاً لهذا الإيجاب انعقد به عقد البيع بين الطرفين، وحمل توقيعهما حتى وإن اتخذ شكل التخصيص.
ونوهت الفتوى إلى أن الثابت من الإطلاع على قرارات التخصيص المشار إليها، أنها صدرت محددة التزامات الطرفين تحديداً جامعاً، حيث جاء البند 10منها ناصاً على أحقية الطرف الثاني في شراء الأرض المخصصة له في حالة إتمام المشروع خلال المدة المحددة، وبعد سداد الثمن المنصوص عليه بقرار التخصيص، وهو ما يعد بيعاً معلقاً على شرط واقف يترتب على تحققه وجود الالتزام، ومن ثم فإنه بتحقق هذين الشرطين – واللذين يترتب على تحققهما أن تكون الجهة الحكومية ملزمة بتحرير عقود بيع الأراضي محل التخصيص للمستثمرين- يجب على السلطات إبرام عقود بيع نهائية لمن جرى التخصيص لهم في الحالات المعروضة.
وشددت الجمعية على أنه لا يقلل مما انتهى إليه فتوها أن محافظة القاهرة أصدرت قرارات التخصيص المشار إليها في ظل العمل بأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه دون الالتزام بالإجراءات السابقة على التعاقد والتي استوجبتها هذه الأحكام، إذ أنه على الرغم من مخالفة الإجراءات السابقة على تلك القرارات والتي تكونت بموجبها العقود آنفة الذكر لأحكام ذلك القانون، إلا أن هذه العقود استوفت أركانها، ومن ثم فإنها تكون ملزمة لأطرافها بما يوجب الاستمرار في تنفيذها مادام لا يوجد مبرر لفسخها أو إنهاءها.