قال الأديب فكري باشا أباظة في إحدى روايته عن التحرش، "إن الشاب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى البجاحة ويقول لها دون سابق معرفة بونسوار يا هانم".
في الثلاثينات كان الناس لا يزالون يحافظون علي القيم والأخلاق، لذلك كان هذا هو مفهوم التحرش عندهم، أما اليوم فانقلب الحال وأصبح الشباب بدون سابق إنذار يتحرشون باليد بدلًا من الكلام، وهناك أسباب كثيرة في ظهور هذه الآفة التي أفسدت المجتمع.
1_ ارتفاع تكاليف الزواج
كانت العادة عند المصريين علي مر التاريخ المغالاة في المهور وكان الشاب المقبل علي الزواج عليه أن يقدح ويتحدي الصعاب من أجل أن يدبر تكاليف زواجه، والتاريخ يوثق هذه الحالة في فيلم " عنترة ابن شداد" عندما أراد أن يتزوج عنتر ابنة عمة "عبلة " قال له عمه مهرها 1000 من النوق الحمر وكان عنتر في هذا التوقبت لازال عبدا، وكانت هذه النوق لا توجد إلا عند الملك نعمان فذهب اليه وأحضر هذه النوق لكن بعد معاناه وذل، وقدمها مهرا وتزوج عبلة؛ إلا أن كل هذا إنعكس بشكل سلبي علي المجتمع وتم توارثة من قبل البعض من الناس حتي أصبح الكثيرين من الناس يفضل أن تبقي ابته عانس ولاتتزوج إلا بشروط.
علي الجانب الآخر عزوف كثير من الشباب عن الزواج بسبب هذه الممارسات التي إنتهجها البعض، وعمل ذلك علي إنتشار مايعرف التحرش...وتفاحلت هذه الأزمة أكثر اليوم أكثر من ماسبق ففي ظل الأزمة الإقتصادية والعادات القديمة الموروثة،
وقدرت نسبة العنوسة وفق إحصائيات 10 مليون من الشباب والفتيات الذين تعدوا سن الزواج.
2_ البطالة
تعد سبب من أسباب التحرش أيضا فهناك الكثير من الشباب الذين لا يمتلكون وظيفىة، ولا يجد ما يشغله طوال النهار يكون عرضة لجميع أنواع التأثيرات، لكن البطالة وحدها لا تعني تحول الرجل إلى متحرش، بل يجب ربط البطالة هنا بخلفيته الاجتماعية والثقافية.
علي الرغم من تفشي البطالة في مجتمعنا نتيجة الحالة الإقتصادية، إلا أن المجتمع يحاول أن يقاوم هذه الظاهرة من خلال حملات أظلقها الأزهر حملت عنوان " اليسر في الزواج" وذلك للحد من هذه الظاهرة في ظل الأزمات الإقتصادية، وإنتشار البطالة بشكل كبير في المجتمع، ومن خلال فرص العمل التي أطلقها بعض رجال الأعمال.
3_ التفكك الأسري
التفكك الأسري من أبرز العوامل التي تساعد علي إنتشار التحرش في المجتمع، وينتج التفكك الأسري نتيجة الخلافات القائمة بين الأب والأم مما يجعل كلاهما ينفصل علي الآخر، وينشأ الأطفال عندهم الإحساس بعدم الرغبة في الإنتماء للآباء فلا يشعرون بالأحزان ولا الأفراح وبالتالي يتحولوا إلي اطفال عدوانين، ويسلكوا سبيل التخريب والتدمير وكافة السبل التي تخرب المجتمع، وحالات الطلاق التي يشهدها المجتمع بشكل كبير خير دليل علي التفكك الأسري الذي يعد المعبر الأول لخلق شخص عدواني يمكن استغلاله جنسيا أو ماديا.
4_ مشاهدة الأفلام الإباحية
في ظل إنشغال الأباء والأمهات ومع التطور التكنولجي بعد أن أصبح في كل بيت علي الأقل جهاز كمبيوتر وعدد من التيلفونات الحديثة، وترك أبناءهم في خلواتهم فإن هؤلاء الأبناء ينتهجون هذا السلوك الخاطئ الذي يجعلهم يفكرون في جسد المرأة بإعتبارها وعاء جنسي يتمني أن يفرغ شهوته بأي طريقة إن كانت.
وحسب بعض الإحصائيات فإن مصر من أكثر الدول العربية مشاهدة للمواقع الإباحية، وأجري الكثيرين مجموعة من الأبحاث حول مشاهدة الأفلام الإباحية وأضرارها علي الاشخاص فكان من أبرزها تحول الشخص إلي العنف والسعي الي تنفيذه مع الجنس الآخر.