اعلان

شهادة صحفي ميداني عن "اعتصام رابعة": قضيت 40 يوما متنكرا داخل خيام الإخوان.. عرفت معنى الرعب بمعسكرات تدريب الميلشيات.. و"رولا خرسا" كادت تسلمني لمسؤلي التعذيب..والمطبخ أنقذني من محاكمة " صفوت حجازي"

كنت طالبًا وشغوفًا، بعالم صاحبة الجلالة، كنت أنتظر الفرصة، التي من خلالها أثبت لنفسي أولًا قبل غيري بأن أكون واحدًا من أساطير أبناء السلطة الرابعة، ولكن سرعان ما وجدت نفسي في مسرح مختلف ملئ بالأحداث، فقد تميز بالسرعة في تطوراته نظرًا للانفلاتات الأخلاقية المتنوعة سواء اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو حتى أمنيًا، التي شهدتها مصر في الفترة من 2011 إلى 2013.

قررت خوض تجربة الإثارة حتى وإن كانت على حساب حياتي، انطلقت مسرعًا نحو نوعًا مختلفًا من الأحداث بعد أن تم تكليفي من قبل رؤسائي في إحدى الجرائد، بتغطية أعنف وأشرس "تفكير" عرفته مصر على الأقل من وجهة نظري، وهو اعتصام رابعة العدوية الذي بدأ في يوم 28 يونيو 2013، الذي أقامه تنظيم الإخوان المسلمين، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، حيث شارك في الاعتصام آلاف الإخوان، تواجد الاعتصام في وسط منطقة سكنية في شرق القاهرة، ساحة رابعة العدوية على تقاطع شارعي "الطيران" و"طريق النصر".

- اللحظات الأولى لدخول الميدانفبمجرد دخولي تم تفتيشي جيدا، وقد لاحظت قبل دخولي شئ هام وهو أن كل من يدخل يجب أن يكون في حقيبته أدوات وهمية، مثل "دندانة" تحمل شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله" تربط حول الرأس، والكارت الأحمر الشهير علي غرار مباريات كرة القدم.. الذي كان يشير آنذاك إلي استخدامه في طرد معارضي "المعزول" أيضًا الحظاظات التي كانت تحمل اللونين الأخضر والأسود، وتحمل اسم المعزول، وأيضا بعض الصور والكتيبات الصغيرة التي تحمل صورته وبعض المشروعات التي تمت في عهده كلها أدوات أجبرتني علي اقتنائها، قبل الدخول لأتفادي الشك في شخصي، خاصة أنني لست من سكان القاهرة وأنني مغترب، وهويتي ومحل إقامتي أول ما سأسأل عنه من "حكومة الاعتصام" مما قد يكشف مهمتي. 

 شاهد ايضا..في ذكرى فض رابعة.. "أهل مصر" ترصد وقائع الإخوان في قنا (تقرير)

-طلب الانضمام..تعجبت بعد التفتيش من طلب بعض من يقومون بالتأمين أن أقوم معهم بنفس الدور ولكني"صحفي" دوري أكبر من ذلك في أقل من دقيقه اتخذت قراري بألا أنصت إلي لصوت بطني، ادعيت الإعياء وأنني لا أقدر علي العمل، قبل تناول الطعام فأنا مازال أمامي الكثير حتي أسترد بعض من قوتي وأقدر علي العمل فأنا الآن كل ما أملكه هو صوتي للهتاف أو المشاركة في المسيرات، عندها شعرت بأنني في موقف مريب قد يعرضني للخطر، ولكن سرعان ما لفت انتباهي شئ آخر فغادرت تلك اللحظة التي لأول مرة أشعرتني بأنني محاصر بعزرائيل، ثم ذهبت مسرعا ولذت بالفرار والهروب نحو المطبخ الكبير الذي كان يقع في وجه المسجد، فوجئت وأنا في البوفيه، أن لكل عمل يقوم به القائمين علي الاعتصام يحتاج إلي تدعيم في صفوفه، حتي أذهب من جزء المطبخ "فوجئت بأن الطعام والوجبات لها توقيت محدد أي ثلاث مرات في اليوم: فطار، وغداء، وعشاء" علي طريقة القوات المسلحة وتلك أجبرتني علي تغيير دفة أفكاري تجاه " سارقي ومقلدي" حراس الوطن، التي جعلتني أحدد أنا مع من وماذا أريد، فقررت قراري النهائي بأن أجعل لنفسي دستورا خاصًا، أبرز قوانينه، هو أن لا أتأثر بأي مشاهد داخل الاعتصام سواء إنسانية أو حتي أخلاقيه، أو فكرة دعوية يقوم بها كبار الإخوان._تجولي في الاعتصام" والبحث عن الحقيقة"..تجولت في الاعتصام وبين الخيم، لأجد نفسي أمام تدريبات مصغرة "لمليشيات الإخوان" إذ أن الكثير من الشباب يقوم باستعراض عضلاته علي الآخر، ومنهم من يصفق بحرارة علي حركة يمين وحركة شمال، وعندما سألت أحدهم، لماذ تفعلون ذلك قال دون تردد ودون أي مقدمات "لنصرة الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي"، شعرت أنه سيبتلعني في فمه، انطلقت في دهشه نحو البوابات لأرصد المغامرة التي بالفعل اكسبتني صلابة وقوة عند تغطيتي لأي حدث، علي مقربة نحو 3 أمتار تقربيا من إحدي بوابات شارع صلاح سالم، دخلت سيارة دون استيقاف قائدها، أو التأكد من هويتها والجميع يقوم بالنظر إليها بامتنان، علي ما يبدو أنها سيارة لشخصية مهمة، سألت واحد تلو الآخر، من ذاك الشخص ولمن هذه السيارة، لم أسمع سوي الهتافات كـهتافات فيلم "أفاتار".. عندما انتصروا علي قائد قوات ما فوق الأرض، علمت أنه، محمد بديع عبد المجيد محمد سامي، المرشد العام الثامن لجماعة الإخوان المسلمين، لأول مرة أقابل خاقان الإخوان حتي ولو لحظات، أسرعت خلف سيارته كمناصر له ولفكره في" صورة منمردة".. واختفي بعدها تحت المنصه هو وسيارته، المخبأ السري الذي طالما كان منبع لقرارات الإرهاب، والنعرات الوهمية، وأصبح بعد ذلك كل انشغالي بما وراء المنصة وما فوقها، لم أنس يومًا تصريح صفوت حجازي بنزول جبريل عليه السلام بصلاة العشاء معهم، وما أدهشني حقًا هو التغييب التام الذي كان عليه الأنصار، إذ أنهم قابلوا التصريح بالهتافات والصيحات العالية المؤيدة لكلماته. 

شاهد ايضا.. تصفية الثوار والمسيرات المسلحة.. جرائم إخوان دمياط في الذكرى الرابعة لفض رابعةالخوف من استدعائي..كنت أحاول أن أحصل علي معلومة " أحرر من خلالها "خبرًا" يؤكد هويتي الحقيقية لتواجدي في الاعتصام، وبالفعل تم استدعائي إلي محكمة الاعتصام تحت منصة رابعة "الشهيرة" ووجه إلي سؤالًا من أنت وماذا تفعل، ولمن تنتمي وماذا تريد، هذه الاسئلة توقعت أنها ستكون هي الأبرز إذا تم كشف هويتي. حزني مما أشاهد..فلقد كان محزنًا وملفتًا الذي كنت أشاهده، يمكن القول إن ميدان رابعة العدوية انتقل من ساحة لا تختلف عن غيرها من ساحات القاهرة، إلى مركز ومقر لأنصار مرسي، ومعتصم للمدافعين عن "الشرعية الدستورية" التي أطاح بها ما يصفه هؤلاء بانقلاب الثالث من يوليو 2013، وما أحزنني أكثر هو لجوء أنصار" المعزول” إلى إغلاق شارعي النصر وصلاح سالم، بدعوى إقامة مباراة لكرة القدم، أو لتنظيم فعالية ما، بل ويقومون في كثير من الأحيان بإغلاق كوبري 6 أكتوبر، الذي يربط شرقي العاصمة بغربها، بدعوى أداء الصلاة أعلى الكوبري كانوا يقومون ببناء جدارن أسمنتية في كل المداخل المؤدية اليه بشكل سريع ومريب.رحلة الأخبار والتقارير.." وحبيبتي الوهمية"عندما قررت اتخاذ التدابير اللازمة في حمايتي داخل الاعتصام وطرق الوقاية من مرض تفكير التنظيم الذي قد يطال أي فرد في لحظة ما، انطلقت رحلتي مع التقارير والأخبار الصحفية، التي كانت تتخطي يوميًا الثلاثون خبرًا علي العشرات من التقارير الصحفية، وإلي جانب المداخلات التلفزيونية التي كنت أرفضها، باستمرار رغم رغبتي الشديدة لها، حتي أنني أذكر المداخلة الهاتفية مع الإعلامية رولا خرسا، علي فضائية صدي البلد، في مظاهرة التمثيل بالأكفان، والدوران بها بمحيط الاعتصام الذي كان الإخوان يريدون من ورائه ردود إيجابية لأنصاف قضيتهم، أغلقت معها الهاتف لأني شعرت بأن هناك شخص ما يراقبني ويقترب مني، وقررت بألا أدخل في عالم الصوتيات وأكتفي بالكتابة والهمس مع من يتابعني في "الجريدة" علي أنها حبيبيتي، يا حبيبي احنا النهاردة طالعين مسيرة من الساعة 8 إلي الساعة 12 بالليل هنطلع من شارع صلاح سالم وهنلف شويه في المكان، وهنعمل حاجات لطيفة، فكان بيفهم أقصد ايه.

 شاهد ايضا..اقتحام ديوان محافظة سوهاج وإحراق كنيسة مارجرجس.. أبرز جرائم الإخوان في "فض رابعة"

المواجهات مع أفراد الشرطة والأهالي.. قام معتصمي رابعة بتنظيم مسيرات خارج الميدان، جعلهم دائما في مواجهات دامية، مع الأهالي ومع الشرطة، تحضير الأدوات المولوتوف، كان أبرز خيارات العناصر وسكاكين المطابخ في آخر أيام فض الاعتصام وحينما اشتد الضغط من قوات الأمن والجيش بفض الاعتصام أصبح" كل شئ بالنسبة لهم " حياة أو موت، دخلت أسلحة متنوعة وخطيرة بين المعتصمين، كيف أدخلوها لا أعلم، ولكن رصدناها كلها في الأخبار والتقارير، وفي كل مواجهة كانت تحدث مع الشرطة. والذي أدي إلى تزايد الدعوات بضرورة فض الاعتصام وإعادة الحياة الي ما كانت عليه قبل الاعتصام وإعطاء الضوء الأخضر من الظهير لشعبي للقوات المسلحة والشرطة للتصرف في شأن تنظيم الإخوان والبدء في نهاية تطهير المناطق التي اتخذ منها منبرًا لمسلسل ادعاءاته الوهمية، وإخفاقاته في إدارة حكم البلاد.10_ساعة الصفربدأت القوات المشتركة من الجيش والشرطة، صباح يوم الأربعاء 14 أغسطس، عملية فض اعتصام جماعة الإخوان المسلمين والمتحالفين معهم من الإسلاميين، برابعة العدوية. 

شاهد ايضا..في ذكرى فض اعتصام رابعة.. تفاصيل حرق واقتحام أقسام الشرطة على يد الأخوان (فيديو)بيان الداخليةأعلنت وزارة الداخلية في بيان رسمي أنه إنفاذا لتكليف الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وانطلاقا من المسئولية الوطنية للوزارة في الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين، فقد قامت الأجهزة الأمنية، باتخاذ الإجراءات اللازمة لفض الاعتصامين المشار إليهما"، وأنه" سيسمح بالخروج الآمن للمتواجدين في الاعتصامين من خلال المنافذ المحددة التي تم إعلانهم بها.. متعهدة مجددا بعدم ملاحقة أي منهم عدا أولئك الذين طالتهم قرارات النيابة بالضبط والإحضار".وأكدت وزارة الداخلية أنها “وهي تؤدي واجبها حريصة كل الحرص على سلامة كافة أبناء الوطن وعدم إراقة نقطة دم واحدة، وأنها في ذات الوقت تلتزم بالضوابط المنظمة للتعامل مع الموقف وفقا للقواعد القانونية والإجراءات المتعارف عليها".وحذرت الوزارة من أن أية تصرفات غير مسئولة ستواجه بكل الحزم والحسم وفي إطار ضوابط الدفاع الشرعي عن النفس”.وأعلن مجلس الوزراء عن فرض حظر التجوال في 11 محافظة لمدة شهر اعتبارا من مساء الرابع عشر من أغسطس. وذكر القرار أن فرض حالة الطوارئ يأتي نتيجة تعرض البلاد لحالة من الفوضى والاعتداءات المتواصلة على المنشآت العامة.وكلف القرار القوات المسلحة بمساعدة أجهزة الشرطة في التصدي لأعمال العنف التي تشهدها مناطق مختلفة من مصر.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً