أكثر من اتصال والهاتف مغلق، القلق يتزايد وضربات القلب تتسارع من خوفها على زوجها، تذكرت في تلك اللحظة، آخر لقاء جمعهما، عندما وقف أمامها بكل قوة، قائلًا: "عندي مأمورية مهمة وهغيب 4 أيام، خدي بالك من الأولاد وانتي راجل البيت مكاني".
◄ اقرأ ايضًا: خطة
زيدان في غياب كريستيانو
وسط كلماته سقطت دمعة منها من شدة خوفها عليه، فأمسك يدها مشجعًا إياها على النهوض، وقال: "أنا حاسس أني هموت في أي وقت، أوعي تزعلي لو حصل حاجة، وافتكري دايمًا أن مصر أهم من أي شخص فينا"، عند هذه الجملة توقفت ذاكرتها وعاد القلق، لتُصدم بعد ذلك بخبر استشهاد زوجها الرائد أحمد عبد الفتاح، الذي كان في مهمة لملاحقة العناصر الإرهابية الهاربة في صحراء مركز أبوتشت، فأصرت أن يتقدم طفلها الذي لم يتعدي عمره عامين، جنازة والده الشهيد، ليكون خلفًا له وتعرف على معني كلمة حب الوطن والتضحية من أجله.
ويوافق اليوم مرور أسبوعًا على رحيل الشهيد الرائد أحمد عبدالفتاح، وقبل 24 ساعة من استشهاده، دارت بينه وبين شقيقه آخر مكالمة كان نصها كالآتي: "بص يا محمد، أنا قدمتلك على حج أنت وأمي، بكرة تاخدها وتجهز الورق"، ويتابع محمد، الشهيد لم ينجب إلا طفلين، ياسين الذي تقدم الجنازة، وطفلة تدعي خديجة، 4 سنوات، موضحًا أن طفلته هي أكثر من تأثرت بموته، فهي كانت متعلقة به إلى أبعد الحدود.
◄ اقرأ ايضًا: موعد لقاء الأهلي والمصري في نهائي الكأس
"حسبي الله ونعم الوكيل"، كانت هذه هي الرسالة التي أصر شقيق الشهيد أحمد عبد الفتاح على الإرهابيين الذي تسببوا في مقتل شقيقه، الذي كان في مكانة الأب لديه، موضحًا أنه حتى هذه اللحظة ليس لديه القدرة على تصديق أن شقيقه استشهد.
ويقول محمد يوسف نجل شقيقة الشهيد، أن أحمد كان في مهمة لرصد بعض العناصر الإرهابية المختبئة في المناطق الصحراوية بقرية أبو تشت بقنا، وأثناء المواجهة بين الأمن والإرهابيين، سقط متأثرًا بضربة الرصاص التي تلاقاها إلى أن استشهد.
"ولاده بيموتوا من بعده".. بهذه الكلمات الصعبة وصف يوسف يصف حال أطفال الرائد عبد الفتاح، عقب استشهاد، فالصدمة لازالت تسيطر على أهل الفقيد، الزوجة لا تمتلك القدرة على تصديق إنها فقدت شريك عمرها في غمضة عين.
◄ اقرأ ايضًا: أخر نهائي لكأس مصر جمع بين الأهلي والمصري
وتابع: "أحنا حاولنا نقنعه يسيب الأمن المركزي من خوفنا عليه لكن هو مكنش بيوافق من حبه في مصر وخوفه عليها"، مضيفًا: "كان عارف إنه هيموت شهيد في أي لحظة، وده خوفنا عليه أكتر".
في السادسة صباحًا من اليوم، الذي استشهد فيه الرائد عبد الفتاح، وهو يوم التاسع من أغسطس، كان آخر اتصال بين يوسف والشهيد، ليقول له: "خد بالك من ولادي وحافظ عليهم".
◄ اقرأ ايضًا: موقف زيدان لما حدث مع رونالدو
ويصف ابن عم الشهيد، لحظة تلقيه الخبر، فقال: "لحد دلوقتي مش قادر أصدق، أن شخص زي أحمد مش هيكون في الدنيا، كان مؤدب وحنين على ولاده وكل الناس بتحبه، مقدرش أقول غير الله يرحمه"، معتبرًا أن الشهيد مجاهد في سبيل الله، ولا يمكن الاعتراض على استشهاده.
ويقول أحد أبناء قرية "أبو دياب غرب"، إن القرية خسرت كثيرًا باستشهاد الرائد أحمد، موضحًا أن الشهيد أكمل رسالة ابن عمه الشهيد محمد أنور، الذي استشهد هو الآخر أثناء مواجهة عناصر إرهابية في سيناء، سائلًا الله أن يرحم جميع شهداء الوطن.