تعد الشركة المصرية لتجارة الأدوية – إحدى شركات القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية -، التابعة للقطاع العام، الحصن الأخير للفقراء ومحدودي الدخل، للحصول على أدوية يحتاجونها ولا توفرها إلا الشركة، وهي أدوية ليس لها بدائل في السوق المصرية، فلا تستوردها شركات أخرى أو تنتجها المصانع.
وتُواجه الشركة هذه الأيام ظروفًا صعبة، بسبب المركز المالي المنهار، والكثير من القرارات المتخبطة التي اتخذها الدكتور عادل طلبة، رئيس الشركة السابق، والتي جعلتها تخسر الملايين خاصة بعد تعويم الجنيه، فعلى سبيل المثال فإن مبيعات الشركة في مطلع العام الحالي، من أصناف "أكتيمرا400" خسرت 1.8 مليون جنيه، و"سيلسبت 500" خسر مليون جنيه، وخسائر مماثلة لـ"زيلودا 500"، وخسرت "سيلسبت 250" نحو 850 ألفًا، بالإضافة إلى زيادة المديونية لدى وزارة الصحة إلى أكثر من مليار جنيه، مما دفع الشركة إلى السحب من البنوك وتحمل فوائد دين تتجاوز 300 ألف جنيه يوميًا.
وأخرج الجهاز المركزي للمحاسبات في نهاية 2016، تقريرًا تحدث فيه عن وجود أدوية تنتهي مدة صلاحيتها في شهري مارس ومايو "الماضيين"، وأبرزها دواء "كلاتازيف" الخاص بمرضى فيروس "سي"، بصفقة تجاوزت 66 مليون جنيه مصري، وهو التقرير الذي ساهم في خروج رئيس الشركة الدكتور عادل طلبة مُقالًا، وبحسب مصادر، فإنه تم تعيين الدكتور عادل طلبة، عضوًا منتدبًا للشركة المصرية لتجارة وتوزيع الأدوية، رغم أنه كان مفصولًا من العمل بإحدى الشركات الخاصة والتي تُدعى بـ"نوفارتس للأدوية"، وبعد توليه رئاسة الشركة، أدت قراراته المتخبطة إلى انهيار أرباحها، فمع نهاية عام 2016، انخفضت الأرباح إلى 136.7 مليون جنيه، مقابل مستهدف قدره 210.2 مليون جنيه، بانخفاض قدره 73.5 مليون جنيه، بنسبة انخفاض 35%، عن المستهدف، و27.8% عن العام السابق 2015، وهى أقل نسبة أرباح تحققها الشركة المصرية.
وبعد تصاعد الأزمة، وتأثيرها على حجم توريدات الشركة التي بدأت في الانخفاض، وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي، الحكومة، في مؤتمر الشباب الأخير بالإسكندرية إلى الحفاظ على الشركة، وتسوية أمورها المالية بأسرع وقت، حفاظًا على دورها الحيوي الذي تلعبه لصالح المواطن، لتظل الشركة محافظة على توافر أدوية حيوية بالسوق المصرية، مثل أدوية القلب، والسرطان، والربو والحساسية، والسكـر، والأوعيـة الدموية، ومضادات النزيف، والأنسولين، إضافة إلى أدوية فيروس "سي" التي استوردتها الشركة للمرة الأخيرة، قبل أن تصبح صناعة محلية.
وعلق الدكتور كريم كرم، مستشار رئيس الشركة، ومسئول ملف الدواء بالمركز المصري للحق في الدواء، على أزمة الشركة، في تصريحات سابقة له، قائلا إن الشركة ملتزمة بتوريد احتياجات الوزارة، والمستشفيات الحكومية، والصيدليات، لكن مديونية "الصحة" لديها زادت، فخاطبتها الشركة لإيجاد حل للأزمة، خاصة وأنه تعويضًا للعجز المالي، اضطرت الشركة إلى السحب على المكشوف من البنوك، بفائدة تصل إلى 300 مليون جنيه، إضافة إلى التعويم الذي أدى لانخفاض قيمة الجنيه المصري، وارتفاع سعر الدولار، مضيفًا أن الجيش والرئاسة سيتدخلان، لحل الأزمة، خاصة وأن الوزارة ستعاني نقصًا شديدًا في الأدوية إن تعرضت الشركة لخسائر أخرى.
فيما قال الدكتور شريف السبكي، العضو المنتدب السابق للشركة المصرية لتجارة الأدوية، لـ"أهل مصر": إن مديونيات الشركة لدى وزارة الصحة وصلت إلى مليار جنيه مصري، منذ عامين، وأنها تسعى لجدولة تلك الديون، بما لا يتعارض ومصلحة الشركة، وفي نفس الوقت لا يخل بإلتزامات الشركة تجاه وزارة الصحة، وتوريد الأدوية التي تحتاجها، موضحا أن "الصحة" تستورد من الشركة شهريا أدوية بـ300 مليون جنيه، وتقوم بسدادها وأن المديونية قديمة، وهناك مفاوضات لسدادها سيعلن عن نتائجها قريبًا.
وأوضح "السبكي" أن تعويم الجنيه هو السبب الأضخم في خسارة الشركة، حيث إنها تستورد من الخارج بالدولار، بسعر شراء ثابت وتبيع بسعر ثابت، رغم تغير القيمة الفعلية للجنيه المصري، وهو ما أدى لخسارة كبيرة، ورغم ذلك فإن الشركة لن تستطيع تبديل سياستها، فالشركة تمثل الأمن الدوائي المصري، فهي الحصن الأخير لدواء الفقراء.
وأشار العضو المنتدب السابق للشركة، إلى أن القيادة السياسية، وجهت بإنقاذ الشركة، حتى يستطيع المواطن الفقير الحصول على الأدوية التي يحتاجها في أي وقت.