مناورات "حارس الحرية" تشعل فتيل الحرب النووية .. "ترامب" يتعمد سلوك "متهور".. وكوريا الشمالية تحذر من تصاعد التوتر

كتب : سها صلاح

بدأت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الاثنين، تدريباتهما العسكرية المشتركة، التي حذرت بيونج يانج مسبقا من أنها ستؤدي إلى تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية.

وأعلن الجيش الكوري الجنوبي بدء المناورات، التي يشارك فيها عشرات الآلاف من الجنود وتحمل اسم "أولتشي حارس الحرية" (أولتشي فريدوم جارديان)، وتعتمد هذه المناورات إلى حد كبير على عمليات وهمية بأجهزة الكمبيوتر ويفترض أن تستمر أسبوعين.

وتجري مناورات 2017 في أجواء من التوتر الشديد والحرب الكلامية الحادة بين واشنطن وبيونج يانج.

مناورات دفاعية

وتؤكد واشنطن وسول أن هذه المناورات دفاعية، لكن بيونج يانج ترى فيها تجربة استفزازية لغزو أراضيها، وهي تلوح كل سنة بعمليات انتقامية عسكرية.

وقال الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن المناورات ذات طبيعة دفاعية تماما ولا تهدف إلى زيادة التوترات بشأن شبه الجزيرة الكورية.

وأكد مون قائلاً " على كوريا الشمالية عدم تشويه مساعينا للحفاظ على السلام واستخدام المناورات كمبرر للقيام باستفزازات عسكرية ، وعليها أن تدرك أن استفزازاتها هي السبب في استمرار المناورات العسكرية في الجنوب ".

واشار مون إلى "أن كوريا الشمالية لم توقف خطواتها لتطوير أسلحتها النووية والصاروخية مما دفع المجتمع الدولي لتعزيز عقوباته وضغوطه عليها، حيث يشهد الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية في الآونة الأخيرة حالة أخطر من أي وقت مضى، وينظر شعبنا إلى هذا الوضع بعبء نفسي كثير ".

وأضاف بالقول " نأمل في الحيلولة دون اندلاع حرب أخرى في شبه الجزيرة الكورية وإحلال السلام بصورة دائمة ، موضحا أن الحكومة ستبذل قصارى جهودها لعدم تطور الوضع الحالي إلى أزمة تؤدى إلى الحرب وذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي على أساس التحالف الكوري الأمريكي المتين".

وحث كوريا الشمالية على المشاركة في مرحلة استقرار السلام في شبه الجزيرة الكورية بالكف عن التصرفات التهديدية والاستفزازات الإضافية، قائلا " باب الحوار دائما مفتوح لحل سلمي " .

وأكد على ضرورة اختيار كوريا الشمالية لقرار شجاع يؤدى إلى تخفيف المواجهة العسكرية المخيمة على شبه الجزيرة الكورية مشيرا إلى أن الكوريتين بامكانهما الحفاظ على السلام بأنفسهما في شبه الجزيرة الكورية وتحقيق الازدهار والاستقرار مستقبلا بالتعاون مع المجتمع الدولي.

"حارس الحرية"

وتجري مناورات " أولتشي حارس الحرية " بين القوات الكورية الجنوبية والأمريكية ابتداء من اليوم وحتى 31 أغسطس.

وقالت كوريا الجنوبية أن المناورات تشمل عمليات محاكاة بالكمبيوتر تهدف إلى الاستعداد لأي هجوم محتمل من جانب بيونج يانج المزودة بأسلحة نووية.

وتحمل هذه المناورات، التي تجري سنويا منذ 1976 اسم جنرال دافع عن مملكة كورية سابقة في مواجهة الغزاة الصينيين.

ويشارك في المناورات عدد يصل إلى 50 ألفا من الجنود الكوريين الجنوبيين و17 ألفا و500 عسكري أميركي مقابل 25 ألف جندي أميركي العام الماضي.

وذكرت الصحف الكورية الجنوبية أن واشنطن تنوي أيضا التخلي عن خطتها نشر حاملتي طائرات بالقرب من شبه الجزيرة في إطار هذه التدريبات.

لكن وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، نفى، الأحد، أن تكون واشنطن سعت إلى تهدئة مخاوف بيونج يانج بخفض عدد الجنود المشاركين في التدريبات، وقال على متن الطائرة، التي أقلته إلى عمان أن عددهم تم تخفيضه "عمدا بهدف تحقيق أهداف التدريب".

ووصل، الأدميرال هاري هاريس، قائد قيادة المحيط الهادئ في سلاح البحرية الأميركي، الأحد، إلى كوريا الجنوبية لمتابعة هذه المناورات ومناقشة التهديد، الذي يشكله البرنامجان النووي والباليستي لكوريا الشمالية.

سلوك متهور

وحول تداعيات المناورات ذاتها قالت صحيفة " Rodong Sinmun" الكورية الشمالية الرسمية إن :" إعلان مجموعة ترامب عن مناورات عسكرية ضد كوريا الشمالية عبارة عن سلوك متهور يدفع إلى مرحلة حرب نووية لا يمكن السيطرة عليها".

وتابعت الصحيفة "إن التدريبات المشتركة تمثل أشد مظاهر العداء، الذي تتم ممارسته بشكل واضح ضد كوريا الشمالية، وأضاف المقال، "لا يضمن أحد احتمالية تتطور هذه التدريبات وتحولها إلى حرب حقيقية".

وجاء في المقال أيضا: "إذا أوحى الخيال الجامح لواشنطن أن وقوع الحرب في شبه الجزيرة الكورية يعني اندلاعها في مكان بعيد عنها يفصل بينه وبينها المحيط الهادئ، فهي مخطئة في ظنها أكثر من مما سبق وأخطأت".

ووسط التصعيد الجاري في شبه الجزيرة الكورية، أعلن الجيش الكوري الشمالي أن بإمكانه ضرب أهداف حيوية في الولايات المتحدة بما فيها ولاية هاواي وجزيرة جوام، التابعة للولايات المتحدة، في المحيط الهادئ في أي وقت، ولن تستطيع واشنطن "تفادي الضربة القاسية".

مضيفًا أنه "يجب على الولايات المتحدة أن تحترم بيان حكومتنا بأنها ستستخدم أي وسيلة رد متاحة، وأن الأعمال البغيضة والبربرية للولايات المتحدة لن تجلب إلا التعجيل في الخراب".

وشهدت شبه الجزيرة الكورية تصعيداً حاداً للتوتر في الأسابيع الماضية، بعد نجاح تجربتين نفذتهما كوريا الشمالية لصاروخين باليستيَّين عابرَين للقارات، في انتهاك للحظر الدولي، وهما قادرَان -بحسب الخبراء- على بلوغ الساحل الغربي، وربما الساحل الشرقي، للولايات المتحدة.

وردَّ ترامب على التجربتين اللتين شكَّلتا استفزازاً بالنسبة إلى واشنطن، بنبرة شديدة، متوعداً الرد "بالنار والغضب" على نظام كيم جونغ أون، في إشارة إلى قوة الترسانة الأميركية.

وتضاعفت حدة التوتر عند إعلان الجيش الكوري الشمالي أنه يخطط لإطلاق 4 صواريخ متوسطة المدى فوق اليابان تجاه "غوام" الصغيرة التابعة للأراضي الأميركية في المحيط الهادئ والتي تستقبل قاعدة جوية استراتيجية لعمليات واشنطن في المنطقة.

لكن كيم هدأ الوضع، بإعلان أنه سيجمِّد خطته؛ كي "يراقب فترةً أطول بقليلٍ، السلوك الجنوني والأحمق لليانكيز"، قبل أن يصدر أي أمر بالتنفيذ.

وجاء الإعلان أثناء زيارة الزعيم الكوري الشمالي لمقر قيادة القوة العسكرية المكلفة بالنشاطات الصاروخية بحسب مصادر إعلامية رسمية في بيونج يانج، فيما قٌرئ وكأنه محاولة من كيم يونغ أون لايجاد مخرج للأزمة التي زادت من حدتها الحرب الكلامية بينه وبين ترامب.

كما قال الزعيم الكوري الشمالي إنه على واشنطن اتخاذ القرار المناسب لتجنب أي نزاع عسكري مسلح في إشارة على ما يبدو الى المناورات العسكرية السنوية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة المقرر انطلاقها قريبا.

وتزامن هذا الإعلان، مع تأكيد ترامب لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في اتصال هاتفي أن واشنطن تبقى دائما مستعدة للدفاع والرد على أي عمل معاد تقوم به بيونج يانج ضد الولايات المتحدة وحلفائها بحسب بيان صدر عن البيت الأبيض.

وأدى التصعيد والتوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والذي بدأته واشنطن بعد وصول ترامب إلى الحكم، لتسريع بيونج يانج تطوير برنامجها الخاص بالأسلحة النووية والصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية تهدد بالفعل بعض المناطق في الولايات المتحدة، فضلا عن تدهور العلاقات مع كوريا الجنوبية المتوترة أصلا لمستويات غير مسبوقة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً