عزتي بعزوتي

صورة تعبيرية

إليكم أكتب اليوم وينتابني شعور وإحساس لم أشعر به من قبل، فخر وعزة بالعزوة، ففي منتصف الأسبوع الماضي تلقيت مهاتفة تليفونية من ابن عمي يدعونني فيها لتجمع عائلي كبير، وهو تكرار لتجمعات عائلية سابقة لم أتشرف أن أتواجد فيها من قبل، ربما لتكاسلي أو لظروف عملي أو بعد المسافة، لكني وبعد الذي شاهدته وشعرت به في هذا التجمع، أخذت عهداً على نفسي بألا أفٌوت أي لقاء قادم مهما كانت الظروف.

وبعد صلاة الجمعة الماضية توجهت مع المدعوين لبيت عمي جاد أطال الله في عمره، عميد عائلتنا والتي اكتشفت أنها فرع صغير من أصل كبير ـــ قبيلة السعديين ــــ وهي بطن من لفيف خمس بطون من جذام اليمنية، كلها تسمى بني سعد، وهي أول القبائل العربية التي دخلت مصر مع عمرو بن العاص إبان الفتح الإسلامي لمصر.

جلست وسط الحضور أستمع واستمتع بما يقال من أبناء عمومتنا ضيوفنا من سيناء عن تاريخ وأصول وفتوحات القبيلة، لينتابني شعور بالفرحة، ممزوج بالحزن، فرح بعائلتي وأهلى وعزوتي، وحزن لتذكري لحوار دار بيني وبين زميل عزيز على ليلة سفري لهذا اللقاء، بدأ بيننا حينما علم أنني على سفر لحضور تجمع عائلي كبير، فقال لي نصاً بنبرة ضعيفة ــ تصدق أنني داخل على الخمسين ومعرفش أعمامي فين ـــ لتحدث المفارقة وتبدأ نفسي كعادتها تطرح جملة أسئلة أعيد طرحها عليكم، ما الذي حدث لنا ولمجتمعنا؟ لماذا أخذتنا الدنيا بهذا الشكل الفج؟ لماذا لم نعد نحرص على التجمع العائلي؟ لماذا لا نحرص على معرفة أصولنا وتعريف الأجيال الصغار بها؟ فالعائلة يا سادة عزوة.. والعزة بالعزوة، فالعائلة واحتضانها لأفرادها في بوتقة الحب والسعادة والأمل تحقق للإنسان الحماية من مصائب المستقبل فضلاً عن الأمان النفسي والاجتماعي والعاطفي، فمن يبحث عن منفذ يفرغ فيه مشاعره المكبوتة يفرغها بعلاقته مع أشقائه وأهله وأفراد عائلته.

العائلة قديماً كانت أقوى ضمانة ضد الانحراف والأمراض النفسية التي تصيب أولادنا في العصر الحديث نتيجة ثورة التكنولوجيا وعصر العولمة الذي اختلطت فيه الأمور وانقلبت إلى حد السكين فجزت الأصول وأبقت الفروع تعصف بها رياح الاغتراب عن الأهل والأسرة.

فالعائلة هي المكان الدافئ الذي تلجأ إليه حينما تتعب أو تغرق في بحر الدنيا ، هم قوتك في ضعفك ، وسعادتك في حزنك، هم ثقتك في خوفك، هم كمالك عند نقصك، ولمة الأهل هي أسمى معاني الإحساس بالأمان، والعزوة هي الذخيرة لمواجهة كربات الدهر، وهي النور الذي يشع في ظلمات الحياة، وهذه ليست دعوة للتعصب أو العنصرية ولكنها دعوة للمة العيلة من جديد ولو على مائدة الطعام، فيا سادة تجمعوا ولا تتفرقوا ، ففلسفة العصر التكتل ، وسياسة المستقبل هي الاتحاد ، عرفوا أولادكم أصولهم وتباهوا بنسبكم، وتفاخروا بأعراقكم.. ولكن بالأصول فبالأصول تحيا الأمم على طوول.

[email protected]

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً