خلال 6 أشهر استطاعت الجماعة الإسلامية، والمتمثلة في حزبها السياسي المكنى بـ"البناء والتنمية"، من إجراء انتخابات داخلية لأكثر من مرة، بعد تجميد النشاط لأكثر من أربعة أعوام، حيث جاءت الأولى، والتي عقدت في مايو الماضي بالقيادي الهارب طارق الزمر، وبعدها بأقل من شهرين قدم استقالته، على إثر اشتعال الموقف الداخلي للحزب الرافضين لتحكم صقور الجماعة الإسلامية بالحزب.
على هذا الأساس لم يبقى أمام الحزب سوى التقدم بأحد المهمشين وغير المعروفين إعلاميًا لرئاسة الحزب، وهذا ما حدث خلال الانتخابات التي أجرت السبت الماضي، وفاز فيها محمد تيسير الأمين العام للحزب في منطقة عين شمس، والذي أكد في حواره لـ"أهل مصر "، على أن الحزب يسير على خطى "الزمر"، في إشارة إلى أن مواقفه من الدولة لن تتغير ما دامت الدولة ترفض التصالح مع الإخوان. وأضاف خلال حواره مع « أهل مصر» الذي أجرى هاتفيًا، والذي كان حذرًا خلاله، أنه مع ضرورة التصالح مع جماعة الإخوان حتى يستقر الأمر في البلد. فإلى نص الحوار...
ما الرؤية المستقبلية للحزب؟
المفروض أن الحزب لا يقوم على شخص واحد، فهناك عدة مؤسسات داخلية، مثل الهيئة العليا للحزب والمكتب الرئاسي، ولهذا لا يوجد أي تفكير فردي، ولكن أي قرارات بكل تأكيد سيتم طرحها ومناقشتها عبر الهيئات المختلفة لإصدار القرار الصائب.
واتمنى أن ينشيط الحزب من الداخل من خلال اللقاءات والاجتماعات، التي أعقدها مع الشباب والقيادات في مختلف المحافظات، كما أتمنى أن يتم التعاون مع جميع الهيئات والأحزاب المتواجدة في مصر، والمشاركة في الحياة السياسية المختلفة، وأن يتم عودة من هم خارج مصر.
تحدثت عن مبادرة لحل للتصالح.. فما هي؟
المبادرة تشمل عودة كل أهل السياسية من هم خارج مصر إليها مرة أخرى، كما فعلها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وهي معارضة موجودة في العراق، كانت تبث إذاعة اسمها "صوت مصر العروبة"، وكانت تشمت وتعادي وتحرض ضد مصر، وتبنت مبادرة قالت فيها "من أخطأ في حق مصر يعود وله الحق في الأمان"، وأتمنى أن يطلق الحزب مبادرة مثل هذه المبادرة، لكل واحد موجود خارج مصر لأسباب سياسية وليس للعمل أو التعلم، بالعودة إلى مصر، ويكون هناك تصفية مواقف، المواقف القانونية نتبنها قبل العودة، ومن لديه أحكام وأثبت مشاركته يتم وضعه تحت القانون.
هل تم عرضها على الأطراف من قبل؟
لم يتم عرضها حتى الآن، لا على الحزب أو على الدولة أو حتى على الأطراف المتواجدة خارج مصر، ولكن بكل تأكيد سأطرحها خلال الأيام الماضية، وتشمل القوائم جميع المتواجدين خارج مصر، طارق الزمر وعاصم عبد الماجد، ووجدي غنيم وجميع قيادات الإخوان والجماعة الإسلامية والأحزاب الذين هربوا منذ ثورة 30 يونيو.
موقفك حال صدور قرار بحل الحزب؟
ليلة إجراء الانتخابات الداخلية للحزب على مقعد الرئاسة، كنت اتحدث مع أحد المحامين والقيادي داخل الحزب، والذي أكد لي أنهم يسلكون كل الطرق القانونية لمواجهة الطلبات التي تقدم بها البعض لحل الحزب، كما أنها لم تكن المرة الأولى، فخلال تأسيس الحزب تم رفع دعوة قضية له، ولهذا أنشأ الحزب بحكم محكمة. فالشئون القانونية الآن تتطلع على القضية، وهي من تقوم بالرد على الشبهات التي يطعنها البعض فيه، لاستمرارية الحزب.
ولوتم حل الحزب، فليس لنا أمر إلا الله، وهذا لا يعني أننا لم نقف العمل السياسي، سنستمر، وأنا كنت في شباب التحالف العربي الاشتراكي، وبعدها انتقلت للجماعة، ومنها للحزب، وهذا يؤكد أن الحل لا يعني أننا نقف دون العمل السياسي، فسوف نقوم بعمل بدائل أخرى، وسننضم إلى حزب قائم.
من أكثر الأحزاب الاتهامات التي وجهة للحزب.. أنه يعمل ضمن أجندة جماعة الإخوان؟
هذه الاتهامات ليست صحيحة، فالحزب يعمل باستقلالية تامة عن جماعة الإخوان، أو عن أي فصيل سياسي أو ديني، فالحزب يعمل ما يراه صحيح من وجهة نظره، أحيانا يعارض الإخوان، وأحيانا أخرى يقف بجانبها وكذلك مع الدولة، كل القرارات تأتي وقف ما يراها الحزب في مصلحة الدولة والشعب المصري.
من أكثر البيانات التي تصدر بين الحين والأخر يطالب فيها الحزب التصالح بين الدولة وجماعة الإخوان الإرهابية.. لماذا؟
أي معارض سياسي، يكون بينه وبين الدولة نزاع سياسي، هو خلاف وليس عداء، ومن المفترض أن نسميه هكذا، فهم من أبناء الوطن ومصلحة الوطن دائمًا تكون في التحام جميع الطوائف، ولهذا نطالب ونسعى للتصالح بين أطياف الدولة المختلفة.
بصفتك رئيس حزب سياسي.. هل أنت مع مد فترة الرئاسة لـ6 سنوات؟
من مصلحة أي رئيس أن يكون هناك تداول في السلطة، ولهذا يجب أن تستمر على أربع سنوات، وهذا في صالح الرئيس والمرؤوس، وموقف الحزب من انتخابات الرئاسة نتركه لحين أن يأتي وقتها، ولكل حديثًا حديث، فمن الصعب تحديد الموقف النهائي من الآن، لأن ما يشغلنا الآن قضية الحزب، والتي مقرر الحكم فيها 21 أكتوبر القادم، فمن الممكن أن يتغير الموقف عن موقف الانتخابات السابقة.
الحزب كان ضد الدولة في ثورة 30 يونيو.. هل سيتغير ذلك؟
حزب البناء والتنمية، والتي كان يرأسه طارق الزمر، كان وقتها ينادي بالحافظ على مؤسسات الدولة، فموقفه ضد الدولة كان لهذا السبب، هذه الفترة كان يحافظ على الدولة لأن الأنظمة تأتي وتزول ولكن الباقي هو الدولة، ولهذا استمر عمل الحزب حتى الآن، موقفنا الآن مع الدولة في حربها ضد الإرهاب، ولكن هناك اختلافات في أمور أخرى. وفي الدول مثل مصر، مصيرها لابد أن يأتي رئيس ذو خلفية عسكرية، وذلك لطبيعة شعبها وأراضيها.
هل يتغير موقف الحزب عن موقف "الزمر"؟
هذا لن يحدث مطلقًا، فالحزب يعمل على خطى الرئيس المستقيل طارق الزمر، ولن يختلف في مواقفه عن ما وضعه "الزمر" قبل أو أثناء رحيله، ولكن تغير الأسماء لا يعني تغيير الاستراتيجية الموضوعة للحزب، هذا ما أرت التأكيد عليه خلال الكلمة التي ألقتها بعد إعلان نجاحي برئاسة الحزب، كما أن "الزمر" استقالته جاءت لرفع الحرج عن الحزب.
كيف يسمح لكم الأمن بإقامة مؤتمرات وندوات خاصة؟
هناك تعاون كامل بين قيادات الحزب والأمن، لأننا أكثر ناس تلتقي بالأمن، لأن هناك العشرات من القيادات كانوا ضمن الضربات التي قامت بها الجماعة ضد الدولة خلال السنوات الماضية، ونبلغهم بجميع التحركات التي نقوم بها منذ تسنيعات القرن الماضي، حيث مبادرة وقف العنف التي وقعت عليها الجماعة، وهناك فصل تام بين الجماعة والحزب، كما يتم فصل العمل السياسي عن الدعوي، ولدينا عدد كبير يكفي لذلك.
هل الحزب يفتقر للشباب؟
بالفعل.. هناك حالة جفاف داخل الحزب من خلال الشباب، لأن هناك عدد كبير من الشباب اعزف عن العمل السياسي منذ ثورة 30 يونيو، وهذا يعد خطر على جميع الأحزاب، لأن العمل السياسي يحتاج إلى الشباب، حيث النشاط والحيوية، وكما يحتاج إلى التفكير والعقل. والخطة القادمة للحزب نسعى لجذب الشباب لمواجهة هذا الفقر.
الحزب أعلن تجميد نشاطه من المشاركة في الانتخابات.. هل يتغير ذلك؟
بكل تأكيد سيكون هناك موقف، إما بالإيجاب أو السلب، ولكن عدم تغيير الأحوال الداخلية للحزب أو للمتغيرات العامة في الدولة، يجعل الوضع مجمد كما هو عليه.
هل تقبل التحالف مع الأحزاب اليسارية؟
أي حزب مصري، سأتعاون معه، ولا أنظر إلى المسميات، فاليساري أو الاشتراكي اجتمع معه على حب الوطن، ولهذا لا أرفض أي تعاون معه، حيث أن العمل السياسي يختلف عن العمل الدعوي والجماعة والتنظيم، كما أن هناك مساحات كبيرة مشتركة مع الجميع، فأنا انسان منفتح على الجميع، والمصالح العائدة من العمل المشتركة هي المحكمة علينا.
هناك اتهامات بالمشاركة في اعتصام رابعة.. فما تعليقك؟
لم أعتصم في ميدان رابعة العدوية، رغم اتفاقي في بعض الأوقات القليلة مع جماعة الإخوان، ولم أشارك في ثورة 25 يناير، رغم مروري في كل الاعتصامات ليل نهار عليهم ذهابًا وايابَا لعملي، ورغم ذلك لم اعتصم فيهم.
هل مازالت ترفض 30 يونيو؟
هناك أثار كبيرة لثورة 30 يونيو، ويجب القضاء عليها، موقفي وموقف الحزب هو عدم تأييد ثورة 30 يونيو.
كيف ترى فصل العمل الدعوى عن السياسي؟
فصل العمل الدعوي عن السياسي، هو الحل لمواجهة الجماعات والتنظيمات المتواجدة في مصر، خلط الدين بالسياسية وادخلها في صراعات سياسية، بعيدة كل البعد عن الدين، كما يستغل البعض هذه الجماعات للطعن في الدين.
نظرية الذئب المنفردة أصلها اخواني عندما تطرح القيادة فكرة ما أو رغبتها في استهداف هدف ما أو اغتيال شخصية ما ثم يتطوع أحد أعضاء الجماعة أو المتأثرين بمنهجها وفكرها لتنفيذ الجريمة وحدث ذلك في العديد من عمليات الإغتيال مثل إغتيال أحمد باشا ماهر، وهذه النظرية طورها تنظيم القاعدة باستحداث أساليب وأدوات جديدة مثل الدهس والطعن، ثم استفاد منها تنظيم داعش في عملياته الأخيرة، وكون خلايا الاخوان السرية العسكرية تستخدمها فهذا ليس معناه تأثر بمنهج داعش لكن ما حدث هو على طريقة تلك بضاعتنا ردت إلينا.