تشهد ظاهرة الطلاق في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، تغولا رهيبا، إذ بات أبغض الحلال في ازدهار بين المسلمين، لم تسلم منه حتى أكثر الدول العربية محافظة دينيا.
ففي مصر، كشفت الدراسات والتقارير الصادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن وجود 105 ملايين حالة طلاق منذ بداية 2017، أي ما يعادل 260 حالة طلاق يوميا كان معظمها بسبب عجز الزوج عن الوفاء بالاحتياجات المالية للأسرة، ليجعل من "أم الدنيا" الأولى عالميا في حالات الطلاق اليومية.
وأشارت التقارير إلى أن ارتفاع الأسعار خلال الفترة الأخيرة تسبب في انتشار ظاهرة الطلاق، وفي بعض الحالات كان الزوج مضطرا إلى الهروب وترك الأسرة، أو أن ترجع الزوجة إلى بيت أهلها، وتختار الطلاق كحل للتخلص من الشجار المستمرة لعجز الزوج عن الإنفاق.
أما في الكويت، فترتفع معدلات الطلاق بنسبة 6 بالمئة سنويا. وقد بلغت وفق أحدث إحصاء نشرته وزارة العدل، 48% من إجمالي الزيجات، وزادت الطاقة الاستيعابية في سكن المطلقات، وهو ما يدل على أن حجم المشكلة يرجع بالأساس إلى عدة أسباب، أهمها تلك الدخيلة على المجتمع، كتأثير مواقع التواصل الاجتماعي في العلاقات الزوجية وانعدام الثقة.
وقد رفض مجلس الأمة مقترحا يلزم المقبلين على الزواج بالخضوع لدورات تثقيفية في مفاهيم الأسرة والارتباط، بسبب ما رآه تعارضا مع الدستور وخروجا على العادات والتقاليد.
لم يكن الطلاق بمعناه الشرعي واردا في أذهان مواطني منطقة الباحة في السعودية، عدا ما يدرج على ألسنتهم عند الحلف بأغلظ الأيمان، إذ كان الطلاق من الأمور المعيبة، التي تتحرج منها الأسر قبل الأزواج، لذلك قلما كان القرويون يسمعون عن حالة طلاق واحدة في العام.
أما اليوم، فباتت محاكم منطقة الباحة تسجل تزايدا ملحوظا في نسب الطلاق، لتصل إلى حالة كل 60 ساعة! فقد سجلت خلال الأشهر الأخيرة 460 حالة زواج، انتهى 143 منها بالطلاق.
وكشفت وزارة العدل السعودية مؤخرا، أن مجموع حالات الطلاق الواردة إلى محاكم المملكة العام الماضي بلغت 9233 حالة، مقابل 707 حالات زواج في الفترة نفسها، وذلك بمعدل 25 حالة طلاق مقابل حالة زواج يوميا.
وتعاني تونس، كغيرها من الدول العربية، من اكتساح ظاهرة الطلاق لمجتمعها، وذلك وفقا للأرقام الرسمية، ويعتبر أمرا مفزعا يحيل إلى الخطورة الجسيمة، التي يمكن أن يخلفها ذلك على المجتمع من تفكك أسري، وتشرد للأبناء وغيرها من الصعوبات النفسية والإجتماعية.
وبمقارنة بعدد السكان المقدر بحوالي 12 مليون نسمة، تشير الأرقام إلى أن تونس إحتلت الصدارة في العالم العربي في نسبة الطلاق عام 2016، والرابعة على المستوى العالمي.
لم يعد العقم وموانع الإنجاب السبب الوحيد الذي قد يدفع الرجل أو المرأة إلى الطلاق في المجتمع السوري، بل التدهور المعيشي وأزمة السكن، اللتان تفاقمتا جراء الأزمة التي تتعرض لها البلد، دافعا لحالات الطلاق والانفصال لتسجل سنوات الحرب أكبر عدد لحالات الطلاق بين الأزواج، ولتجعل من مئات النساء "لا معلقة ولا مطلقة".
وبلغت نسبة الطلاق 100 حالة يوميا عام 2013، وانخفضت عام 2014، إلى 40 حالة يوميا، أي ما يقارب 9 آلاف حالة خلال عام 2014، منها ما يقارب الألفي حالة طلاق بسبب العقم، علما أن حالات الطلاق تنوعت، فمنها الغيابي ومنها الموجود، فكثير من حالات الطلاق لم يتم تسجيلها في المحاكم، بسبب سوء الأوضاع، وصعوبة الوصول إلى المحاكم لتثبيت الطلاق.
ويبقى أبغض الحلال عند الله هو الطلاق.. فإلى أين نحن متجهون؟ وكيف يمكن تجاوز هذه الأزمة التي تهدد استقرار الأسر، وبالتالي تهدد مجتمعاتنا العربية.