قالت الدكتورة خالدة خليل، مستشارة برلمان كردستان، إن الاستفتاء المزعم عقده في 25 سبتمبر المقبل لا إمكانية لتأجيله كما يروج البعض، مؤكدة أنهم ماضون في طريقهم نحو الانفصال.
وأكدت في حوار لصحيفة النيوزويك الامريكية أن الأكراد استنفدوا كل سبل الحوار مع حكومة بغداد، مضيفة: "إذا لم نفلح في أن نكون شركاء حقيقيين، فلنكن جارين نحترم بعضنا".وتطرقت خليل إلى الحديث عن الاستفتاء المرتقب ومتطلباته وشكل الدولة القادمة حال قررت النتائج انفصال إقليم كردستان عن دولة العراق.. وإلى نص الحوار:-بداية هل لازلتم مصرين على إجراء الاستفتاء؟نعم.. لاشك في ذلك لأنه قرار الشعب الكردي الذي طال انتظاره، وقد آن الأوان بعد العقود العجاف أن يقرر هذا الشعب المظلوم على مرّ التاريخ مصيره.-وهل هناك إمكانية للتأجيل؟لا إمكانية للتأجيل، ونحن ماضون في طريق الاستفتاء، ثم لنفترض جدلًا أن الشعب مع القيادة قرراً التأجيل كما يطلبه البعض منهم، فمن حقهم أولا أن يسألوا: ماهي الضمانات الدولية التي يمكن تقديمها للشعب الكردي، وهل هذه الضمانات دولية وإقليمية، وهل هي موقعة ومثبته، وهل سيتم تحديد سقف زمني لإجراء الاستفتاء؟.أشرحي لي وجهات نظر المعارضين والمؤيدين للاستفتاء؟الاستفتاء قرار الشعب الكردي، والكل ينتظر هذا اليوم الذي يحدد لهم مصيرهم، أما عن المعارضين فهم من القلة القليلة وهذا أمر طبيعي أن ترى في كل مجتمع يظهر بين آونة وأخرى بعض الأصوات النشاز التي تخدم جهة معينة، أو تشتغل لمصالحها ضد إرادة الشعب، قرار الاستفتاء يعتمد على غالبية أصوات الشعب الكردي، وإقليم كردستان يتمتع بالديمقراطية.وما هو موقف الدستور من الاستفتاء؟بداية يجب أن نميز بين ما هو حق إنساني وبين القوانين المثبتة في دستور الدولة، فالحقوق تحق لكل إنسان لكونه إنسانًا، أما الدساتير والتشريعات فهي مصادر وطنية لحقوق الإنسان.والاستفتاء هو حق إنساني قبل كل شيء ولا يتعارض مع الدستور علمًا بأن الدستور العراقي قد اتفقت عليه كل الأطراف السياسية في العراق عام ٢٠٠٥ إلا أنه قد حدث به خروقات كثيرة، ولم تطبق مواده وخاصة فيما يتعلق بالمناطق ١٤٠ التي حدد لها الدستور سقفا زمنيا لا يتعدى سنة ونصف إلا أن تطبيق هذه المادة تأخر سنوات طويلة فضلا عن قطع ميزانية الإقليم التي حددها الدستور ب ١٧٪ ورواتب الموظفين ومستحقات البيشمركة الذي يحارب الإرهاب منذ ثلاث سنوات، فهل كل ماحدث من هذه الخروقات قانوني ودستوري؟.لماذا عارضتم فكرة تأجيل الدستور وهل هناك أضرار لذلك؟ولماذا التأجيل وماهي الضمانات؟.. بالعكس الاستفتاء كان يفترض أن يتم في وقت سابق ولكن حكمة القيادة الكردية أجلت هذا الموضوع لأنها كانت تسعى دائمًا إلى بناء عراق فدرالي ديمقراطي يكون فيه الكرد مشاركين فاعلين في العملية السياسية وليسوا مهمشين تتم محاربتهم كما كان الأمر مع الأنظمة السابقة التي حاربت الكرد بشتى الوسائل من خرق معاهدات ومواثيق إلى إبادات جماعية.هناك من يقول إن الاستفتاء سيقود العراق إلى التقسيم؟العراق مقسم ضمنيا حتى وإن كان في شكله الخارجي مايزال محافظا على بقايا وحدته، والتي أبسط ما يقال عنها إنها هشة، وداعش هو أحد أوجه الحرب الطائفية.انتظرتم طويلا لعقد النية على إجراء استفتاء.. لماذا الآن تحديدًا؟لأن كل السبل قد استنفدت ومنها الحوار الذي هو الآلية التي تعتمد عليها القيادة الكردية في حل أي خلافات مع المركز، ومازالت تعتمدها وأذا لم نفلح في أن نكون شركاء حقيقيين فلنكن جارين نحترم بَعضنا البعض كما قال سيادة الرئيس البارزاني.المواثيق الدولية تكفل حق تقرير المصير.. لماذا تقف الكثير من القوى الدولية ضدكم وترفض الاستفتاء؟ليست هناك مواقف رسمية معلنة من أية دولة في رفض الاستفتاء، لأنهم يعلمون أن حق تقرير المصير هو حق مشروع ونحن نعلم جيدا أن هناك مصالح تحرك بعض الأطراف منها ما هو شخصي ومنها ما هو عام لذلك ترى تصريحا هنا وهناك لكنه لا يمثل موقفا دوليا ضد الاستفتاء.هل يحق للرئيس البارزاني الدعوة للاستفتاء في الوقت الذي انتهت فيه مدة رئاسته ؟في العلوم السياسية هناك فرق بين الشرعية والمشروعية، فالشرعية تكون من الشعب والمشروعية من القانون والرئيس البارزاني لديه شرعية لم يحظ بها رئيس آخر في المنطقة كلها كونه مناضلًا وسياسيًا فريدًا وهو من عشيرة البارزاني التي أبيد ثمانية آلاف من أفرادها على أيدي النظام السابق كما أنه ابن المُلا مصطفى البارزاني مؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو أول حزب تنظيمي ضم كل الأحزاب الكردية والقوميات والأقليات تحت لوائه، هذه الشرعية التي يتمتع بها سيادة الرئيس تؤسس للمشروعية، وكل الأحزاب الكردستانية تجتمع على هذا الأمر وليس هناك خلاف على شخص الرئيس كونه قائدا قوميا محنكا.وهل كان قرار الاستفتاء فرديًا اتخذه بارازاني؟قرار الاستفتاء صدر عن الاجتماع الذي ضم قادة وممثلي الأحزاب السياسية في كردستان بتاريخ السابع من شهر يونيو أي أن هذا القرار التاريخي كان بالإجماع ولم يكن قرارًا فرديًا، كما أننا مررنا بظرف عصيب جدا في محاربة الإرهاب طيلة السنوات الثلاث الماضية، وكردستان كانت ومازالت بحاجة إلى حكمة سيادة الرئيس البارزاني لاسيما في قيادة البيشمركة والتمثيل الدبلوماسي الناجح.الكثير من الإيزيديين يعيشون في إقليم كردستان.. هل يجدون في الاستفتاء نهاية لمعاناتهم على مر العصور؟بالتأكيد.. الإيزيديون عاشوا قرونا طويلة من عدم الاستقرار، وكانوا يبادون على الدوام مرة باسم القومية ومرة باسم الدين، والغطاء وإن كان دينيا فهو ذو مدلول سياسي، إذ أن الهدف من الإبادات كان على مر التاريخ لطعن وحدة الشعب الكردي عملا بمبدأ فرق تسد.وآن الآوان لكي تنتهي معاناة الإيزيديين ويعيشون في دولة تضمن لهم كافة حقوقهم، والتجربة في كردستان خلال السنوات الماضية أثبتت أن الإيزيديين هم جزء لا يتجزأ، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.لماذا تتخوف بعض الأقليات من الاستفتاء؟ليس تخوفًا بقدر ما هو حرص على حقوقهم، كل الأقليات والأديان والقوميات أبدت تأييدها للاستفتاء لأنها تدرك بأن كردستان هي صمام الأمان لحقوقهم التي كانوا ينتظرونها من خلال تطبيق المادة ١٤٠ لكن مخاوف بغداد من انضمام هذه المناطق التي تسكنها القوميات والأقليات وبسبب ولائها التام لكردستان جعلها تماطل في تنفيذ هذه المادة أما اليوم فقد عادت هذه المناطق إلى حضن كردستان بفضل البيشمركة وسوف يشملها الاستفتاء وبذلك تنتهي معاناتهم.ماذا بعد إجراء الاستفتاء .. إذا ما أقرت النتائج بالانفصال؟سيبدأ العمل السياسي الفعلي في التهيئة للانفصال وذلك عن طريق الحوار الذي هو الممارسة السلمية المتحضرة في الحصول على ما نتمناه، والحوارات ستبدأ مع كل الأطراف الإقليمية والدولية فضلا عن استمرار الحوار الذي بدأ مع بغداد.وما أولى خطواتكم حال تمكنتم من الانفصال لتكوين دولة كردية؟سيبدأ برنامج وضع أسس الدولة من دستور وقوانين وتشريعات وعلم جديد ربما ونشيد وطني يشير إلى كافة مكونات كردستان، وسفارات وكل ما يمت للدولة بصلة.وما هي أهم ملامح تلك الدولة؟دولة مدنية تضمن كافة حقوق المواطنين وحقوق الأقليات والقوميات الموجودة على أرض كردستان.ما الضمانات التي تتيح لكم الانفصال وتكوين دولة مستقلة بعد نجاح الاستفتاء؟ لقد أثبتت العشرون عاما الماضية نجاح تجربة الحكم الديمقراطي التعددي في إقليم كردستان وأستطيع أن أقول بإن ماحققته كردستان في العشرين عاما الماضية لم تستطع تحقيقه دول استقلت منذ أكثر من سبعين أو ثمانين عاما.فلدينا السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكلها أعطت وجها ناصعًا لكردستان وشعبها ولا شك في أن الدولة ستضيف إليها أكثر بِمَا يحقق لها أفقا أوسع لتمد جناحيها عبر العالم من خلال التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.