قبل أقل من أسبوعين، تلقى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسالة من زعماء الأقليات في مجلس النواب، طالبوه خلالها بطرد ثلاثة من رجاله العاملين معه في البيت الأبيض.الرسالة التي وقع عليها زعماء السود واللاتين والاسيويين، والتقدميين في المجلس تضمنت طلبا صريحا بطرد كبير مساعدي ترمب للشئون الاستراتيجية، ستيفن بانون، ونائبه سيباستيان غوركا، وكبير مستشاريه ستيف ميلر.وجاءت الرسالة مباشرة بعد أحداث مدينة تشارلوتسفيل، فربط زعماء الأقليات بين هذه الاحداث وتأييد الرجال الثلاثة للقوميين البيض، حيث قالوا، "الأميركيون يستحقون أن يعرفوا أن القوميين البيض، والنازيين الجدد ليسوا في وضع يمكنهم من التأثير على السياسة الأمريكية".خروج كبير المستشارين بانونمهندس مواقف ترامب القومية-الشعبوية وانتصاره الانتخابي. لقب بـ"أمير الظلام دارث فايدر" وحتى "الرئيس الظل".أصبحت قوميته الاقتصادية العمود الفقري لسياسات ترامب، حتى عندما كان الخصوم السياسيون يرفضون الكثير من أفكاره.لكن بعد وصول جون كيلي الذي عينه ترامب في منصب كبير الموظفين قادماً من وزارة الأمن الداخلي، أصبحت مواجهاته المتواصلة مع مستشاري ترامب الآخرين لا يمكن الدفاع عنها، وكذلك علاقاته باليمين المتطرف الذي أثار اتهامات بأن ترامب يمثل العنصريين. استمر بانون 210 أيام.بعد أيام قليلة خرج كبير المساعدين الاستراتيجيين من البيت الأبيض بعد ان وصلت موجة المطالبين باقالته الى صفوف الجمهوريين. وغادر ستيف بانون ليكمل معاركه من الخارج مع الداخل، فللرجل أخصام كثيرون ينطلقون من البيت الأبيض والكونغرس ووسائل الإعلام.غوركا يلحق برئيسهرحيل بانون كان مؤشرا على ان أيام نائبه سيباستيان غوركا باتت معدودة، فالمجري الأصل كاد ان يخرج من البيت الأبيض في اكثر من مناسبة، وهو كان مرشحا فوق العادة ليكون اول اللاحقين بمايكل فلين الذي استقال منتصف شهر فبراير، لكن مظلة كبير المساعدين الاستراتيجيين وحماية ترمب له، أبقته في مكان آمن نسبيا.لائحة الاتهامات لغوركا تتضمن معاداة السامية، وتأييد النازيين وتقديم نفسه بصفة (خبير في مكافحة الإرهاب) لا يفقه منها شيئا، وبالمقابل يسجل للرجل تمكنه من البقاء في البيت الأبيض لسبعة اشهر دون الحصول على تصريح أمني.وقالت تقارير أميركية أن غوركا دخل في صراع مع مستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر فيما يخص الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان .وأوضحت التقارير أن غوركا لم يكن راضيا عن القرار الذي أعلنه ترامب، ودعمه ماكماستر الذي سبق أن خدم في عدد من البلدان ومن ضمنها العراق وأفغانستان، حول مسألة إعادة توجيه الاستراتيجية الأمريكية في أفغانستان.ونقلت صحيفة "فيدراليست" عن مصادر مطلعة قولها إن خبير الأمن القومي ومكافحة الإرهاب عبّر في خطاب استقالته عن عدم رضاه عن الوضع الحالي لإدارة ترامب.ونشرت الصحيفة رسالة قالت إن غوركا وجهها للرئيس الأمريكي قبيل مغادرته لمنصبه، ذكر فيها "طبقاً للأحداث الأخيرة بات من الواضح لي أن هنالك قوى داخل البيت الأبيض لا تدعم وعد ماغا (مختصر شعار حملة ترامب الانتخابي اجعل أميركا عظيمة من جديد)".وتابع: "وكنتيجة لهذا وجدت أن أفضل وأكثر الطرق فعالية هو أن أدعم الرئيس من خارج قصر الشعب (البيت الأبيض)".وأوردت شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية أيضاً نبأ استقالة جوركا.وعرف عن غوركا تصريحاته المعادية للمسلمين، وتحذيره من مخاطر ما أسماه "الإرهاب الإسلامي" منذ كان كاتباً في صحيفة برايتبارت الأميركية اليومية التي تمثل اليمين المتطرف.ويشار إلى أن وسائل إعلام كثيرة أوردت أن سيباستيان غوركا قدم استقالته للبيت الأبيض الجمعة، قبل أن يقوم البيت الأبيض بنفي هذه الشائعة.وغوركا هو آخر المستشارين القوميين الذين يجري تغييرهم في مجلس الأمن القومي وأقسام أخرى من البيت الأبيض في الأسابيع الأخيرة مما يظهر أن الأصوات المناهضة لهذا التيار من أمثال ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون في البيت الأبيض هي التي تنتصر في المعركة بين مستشاري ترامب للسياسة الخارجية.
الخطير لا يزال في الداخل
رحل إثنان، ولا يزال الثالث في مكانه، وإذا كان ستيفن بانون قد حصد صيت القرارات التي أصدرها ترمب حيال الهجرة والمسلمين، فإن لستيفن ميلر الفعل في ذلك. فكبير مستشاري الرئيس وكاتب خطاباته كان أوحى لترمب بإطلاق تصريحه الشهير في نوفمبر 2015 والذي تعهد فيه المرشح الجمهوري يومها بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأميركية.
ميلر ادرك لعبة صراعات القوى والنفوذ مبكرا في البيت الأبيض، وهو كان محسوبا على فريق بانون حتى أبريلالماضي، وفي لحظة المواجهة بين الثنائي كوشنر-بانون، إختار كاتب الخطابات الابتعاد عن الثاني لصالح الحياد أولا، وما لبث ان قدم أوراق اعتماده لصهر الرئيس بعد ذلك ليضمن مكانه في البيت الأبيض.
وتقول تقارير إعلامية أن هنالك صراعاً داخلياً في البيت الأبيض سبب مغادرة بعض كبار المستشارين المحيطين بالرئيس الأميركي وأكثرهم تأثيراً عليه وإثارة للجدل، بينهم المتحدث الرسمي شون سبايسر، تبعه كبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس، ومدير الاتصالات أنطوني سكاراموتشي، وكبير مستشاري الاستراتيجيات السياسية ستيف بانون.