حكمت قطر طيلة سنوات في جزء كبير من المشهد السوري المتأزم وحالة الجمود العسكري والسياسي بين المعارضة والنظام، وأدى استمرار الجمود إلى حالة كارثة إنسانية، أسفرت عن نزوح نصف سكان سوريا، فضلاً عن خروج عدة ملايين إلى الخارج لاجئين.
لم يتزحزح النفوذ القطري في سوريا على مدى سنوات عدة سوى في الشهور الأخيرة، حين برزت مصر لاعباً جديداً ومفاجئاً في محيط العاصمة السورية دمشق، ورعايتها تيارات سياسية سورية معارضة، نجحت في إنهاء القتال في الجزء الشرقي من غوطة دمشق، وهي المنطقة الأكثر سخونة عسكرياً منذ منتصف عام 2012.
وفي مؤشر واضح إلى تنامي الدور المصري الساعي لإقرار تهدئة في سوريا تمهيداً لحل سياسي، على حساب دور قطر التخريبي في تلك البلد التي تعاني ويلات الحرب الأهلية منذ ست سنوات، توصلت فصائل الغوطة الشرقية إلى اتفاق من شأنه إنقاذ هدنة تم التوصل إليها في القاهرة بين فصائل الغوطة ووزارة الدفاع الروسية، لكنها شهدت خروقاً عديدة بإيعاز من أطراف خارجية.
مصر تدخلت "راعيةً" لاتفاقين بوقف إطلاق النار في اثنتين من أشد المناطق سخونة داخل الأراضي السورية، الأولى غوطة دمشق الشرقية التي تم توقيع هدنتها في القاهرة بوجود وفد من وزارة الدفاع الروسية ووفد من المعارضة السورية المسلحة في تلك الغوطة، وذلك في 20 يوليو الماضي، ثم توقيع هدنة مماثلة بعد أقل من أسبوعين لمنطقة ريف حمص الشمالي بضمانة روسية أيضاً.
ووفقاً لصحيفة عكاظ السعودية فمصر الآن تؤدي دوراً بارزاً مع الجانب الروسي في محاولة توحيد المعارضة، لكنها لم تحتضن جميع أطياف المعارضة بعد، حيث إنها لم تحتضن سوى تيار الغد السوري ومنصة القاهرة.
التوافق الذي تتمتع به مصر جعل البعض يترقب دوراً أكبر لها في الملف السوري الشائك خاصة على المستوى السياسي، حيث يؤكد المعارض السوري فراس حاج يحيى أن الزخم الشعبي الذي تتمتع به مصر سيسهم في تدخلها بشكل أكبر في الفترة المقبلة.
ويعتقد يحيى أنه في ظل تفجر الملفات في المنطقة، من الممكن أن تشهد المرحلة المقبلة "تفويضاً عربياً لمصر بالتدخل في الأزمة السورية".
وتُعقد حالياً اجتماعات بين المجموعات المعارضة الثلاث "منصة القاهرة" "منصة موسكو" "الهيئة العليا للمفاوضات"، في العاصمة السعودية الرياض، بهدف التوصل إلى وفد واحد ذي رؤية موحدة في القضايا الخلافية بينهم، وعلى رأسها مصير الرئيس السوري بشار الأسد.
النفوذ القطري
وكانت الدوحة قد توصلت، في مايو من العام الماضي، إلى اتفاق بين فصائل الغوطة، مستغلةً علاقتها بتنظيم القاعدة في سوريا، الذي عمل في السابق تحت اسم "جبهة النصرة"، قبل أن يشكل تحالفاً واسعاً تحت اسم "هيئة تحرير الشام"، قبل أن يسقط الاتفاق سريعاً.