في الساعات الأولى من اليوم الخميس وقبل بزوغ الفجر تدفق المئات باتجاه صعيد عرفات للصعود على جبل الرحمة في منتصف منطقة عرفات حيث ألقى النبي محمد خطبة الوداع من فوقه قبل نحو 1400 عام يتلمسون عطر حامل آخر رسالات السماء.وفوق الجبل الصخري الصغير يوجد شاخص ضخم (علامة) يشير إلى الموقع الذي ألقى منه النبي الخطبة في يوم عرفة أثناء حجته الأولى والأخيرة، وصلى الرجال والنساء الفجر على الجبل واتجهوا نحو القبلة رافعين أيديهم بالدعاء إلى السماء.وصعد كثير من الرجال والنساء إلى الجبل منذ مساء أمس الأربعاء ليحجزوا مكانا فوقه قبل اكتمال وصول الحجاج على صعيد عرفات قادمين من منطقة منى التي سيعودون لها في وقت متأخر من الليل بعد توقف لبضع ساعات في منطقة مزدلفة.وفوق الجبل يمكن رؤية وجوه من مختلف الأجناس والألوان تقف أو تجلس إلى جوار بعضها البعض في تضرع وخشوع.وكانت تجلس امرأة إندونيسية والدموع تنهمر من عينيها رافعة يديها إلى السماء وبالقرب منها تجلس نساء أفارقة.وقالت السورية عوفة أحمد نجم التي جاءت مع عائلتها من منطقة قريبة من حمص “شعور لا يوصف. الحمد لله الذي أطعمنا الحج الحمد لله وبندعي رب العالمين أن الله يحفظ سوريا ويحمي أهلها وترجع مثل ما كانت”.وشهدت مواسم حج سابقة حوادث تدافع وحرائق وأعمال شغب سقط فيها قتلى كثيرون وكابدت السلطات السعودية في بعض الأحيان للتعامل مع الموقف.وتقول السلطات السعودية إنها اتخذت كل الإجراءات الاحترازية الضرورية ونشرت ما يربو على مئة ألف من أفراد قوات الأمن و30 ألف عامل في مجال الصحة للحفاظ على سلامة الحجاج وتقديم الإسعافات الأولية.وقتل قرابة 800 حاج في حادث تدافع عام 2015 وفقا للأرقام الصادرة عن الرياض لكن إحصاءات أجرتها دول للجثث التي تسلمتها تشير إلى أن أكثر من ألفي شخص ربما لاقوا حتفهم بينهم أكثر من 400 إيراني.وشاهدت رويترز مجموعة من خيام الحجاج الإيرانيين في عرفات حيث من المتوقع حضور 90 ألف حاج إيراني هذا العام بعدما قاطعت طهران الحج العام الماضي وسط خلاف دبلوماسي مع الرياض. ويتنافس البلدان على النفوذ بالمنطقة.وقال مسؤولون سعوديون إن أكثر من 1500 حاج قطري يؤدون المناسك هذا العام أيضا في أعقاب تكهنات بأن خلافا بين قطر ودول خليجية أخرى أدى إلى عزل الدوحة قد يعرقلهم.وحتى الآن لا تزال تأتي الحافلات من منى وتقل الحجاج الذين قضوا أمس الأربعاء في المشعر اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأتى الآلاف من منى إلى عرفات سيرا على الأقدام أيضا.ويشهد اليوم الخميس أيضا إلقاء خطبة في مسجد نمرة على حدود عرفات وقت الظهر. وبعد الخطبة يؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا.ويلقي الشيخ سعد الشثري، عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي، خطبة عرفات لهذا العام بأمر ملكي من الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد اعتذار مفتي الممكلة عبدالعزيز آل الشيخ للمرة الثانية بسبب ظروفه الصحية.ويعود الحجاج إلى “منى” صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة لرمي جمرة العقبة (أقرب الجمرات إلى مكة) والنحر (للحاج المتمتع والمقرن فقط) ثم الحلق والتقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة.
كتب : شهاب الذقم