يشهد المغرب وتحديدًا منطقة "الريف" الشمالية توترات حساسة وتحديات كبيرة، على إثر إشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن مؤخرًا في عدد من المناطق أبرزها "الحسيمة"، ويحذر مراقبون من أن تنجر الأمور إلى ما لا يشتهي الملك "محمد السادس" حدوثه، وبحسب مصادر مغربية فإن السادس متخوف من أن تتوسع الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة ضد حكومته وأن تتحول تلك الاحتجاجات ضده شخصيًا في أي وقت من الأوقات.
وعاد التوتر مجددًا إلى مدينة "الحسيمة" مركز حركة الاحتجاجات في منطقة الريف شمالي المغرب، إثر دعوة إلى الحراك الشعبي بعد وفاة أحد المتظاهرين متأثرًا بجروح أصيب بها في وقت سابق.
وأعلنت النيابة العامة بالمغرب، وفاة أحد الشبان "عماد العتابي"، متأثرًا بجروح أصيب بها في مسيرة احتجاجية، يوم 20 يوليو الماضي بمدينة الحسيمة.
ويعود أصل التوتر في الريف المغربي الذي كان جمهورية أثناء الاستعمار الفرنسي، إلى مقتل بائع سمك سحقًا بشاحنة لنقل النفايات في أوكتوبر 2016، بعد محاولته استرجاع بضائعه المصادرة من قبل البلدية المحلية، ليشتعل الريف المغربي بكامله بإحتجاجات ومسيرات تطالب بمحاسبة المسؤولين عن مقتل بائع السمك.
وفيما بعد تحولت مطالب المتظاهرين من محاسبة المسؤولين عن مقتل بائع السمك، إلى محاسبة الفاسدين في الدولة، وتحسين الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في المنطقة التي تعاني من التهميش والإهمال.
هذا وعلى إثر تلك المظاهرات تم إعتقال المئات من الشباب المشاركين في الإحتجاجات ليتم الإفراح في يونيو الماضي عن أكثر من ألف معتقل، بينهم 40 شخصًا شاركوا في إحتجاجات الريف.
ويقول ناشطون محليون إن نحو 150 من ناشطي الريف مازالوا قيد التوقيف، أبرزهم "ناصر الزفزافي" الذي أصبح قائدا لحركة الإحتجاج، فيما تشير "منظمة العفو الدولية" في بيان لها، "إن ما لا يقل عن 66 محتجزًا بسبب الاحتجاجات الجماعية في منطقة الريف، أبلغوا عن تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز، ومن بين أشكال هذه المعاملة تعرضهم للضرب والخنق والتجريد من الملابس والتهديد بالاغتصاب وتوجيه الشتائم والإهانات لهم من طرف الشرطة، لإجبارهم على الاعتراف في بعض الأحيان".
كما نوهت المنظمة إلى أن السلطات المغربية إعتقلت أكثر من 270 شخصًا على خلفية الإحتجاجات، مايزال معظمهم في السجون ومن المحتمل أن يتم إصدار أحكام بالسجن المؤبد للبعض منهم.
وبإعلان النيابة العامة مقتل " العنتابي" متأثرًا بجراحه، بعد ضربه من قبل الأمن أثناء مشاركته في مسيرة إحتجاجية، تعود الأمور إلى نقطة الصفر، حيث تظاهر عشرات النشطاء المغاربة أمام مبنى البرلمان في العاصمة "الرباط" إحتجاجًا على وفاة "العتابي"، مطالين بالقصاص لأول قتيل في الإحتجاجات، وتحقيق العدالة والتنمية والقضاء على الفساد، وردد المتظاهرون شعارات مثل "هي كلمة واحدة هاذ الدولة فاسدة" وأيضًا "عماد مات مقتول والسلطة هو المسؤول".
وفي ظل تلك التوترات والمخاطر التي تعصف بالبلاد يواكب الإعلام المغربي الأحداث لحظة بلحظة، حيث كتبت صحيفة "المساء" أن "ملف حراك الريف يتجه نحو مزيد من التعقيد"، في حين عنونت صحيفة الأحداث المغربية عددها قبل يومين بـ "الغليان" في إشارة الإحتجتجات المتصاعدة.