قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى فحص، بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية ضد الأم المصرية جيهان بيومى عباس، المتزوجة عرفيًا من عبد الرحمن حسن محمد شويطة السعودى الجنسية، ومنح الجنسية المصرية لابنتهما "عهود" وبذلك الحكم تكون المحكمة قد انتصرت لإثبات حق من حقوق الطفل وفي ذات الوقت إعطاء الزوجة حق إثبات نسب أبنائها من الزواج العرفى في مجال منح الجنسية.
قالت المحكمة أنه لا يشترط لمنح الجنسية للمولود من أب مصرى أو لأم مصرية أن يكون عقد الزواج موثقًا، فإذا كان المشرع المصرى قد قضى بتوثيق الزواج حفظًا للحقوق والأبناء إلا أن عملية التوثيق ليست ركنًا من أركان عقد الزواج، فالزواج الشرعي يقوم بالرضا والإشهار، وتوثيقه شرط لسماع دعاوى الزوجية، ولا يمتد أثره إلى حق الأبناء فى ثبوت نسبهم أو تحديد بياناتهم ومنها البيان الخاص بالجنسية.
وأشارت المحكمة إلى أن المطعون ضدها قدمت صورة رسمية من عقد الزواج العرفى بينها وبين الزوج السعودي وحصلت على حكم من محكمة شبرا الجزئية بصحة توقيع زوجها على عقد الزواج العرفي ولم ينكره الزوج كما قدمت الزوجة شهادة من وزارة الخارجية السعودية مفادها اقرار الزوج باستعداده لتسوية وضع ابنته في مصر واصل شهادة ميلاد الطفلة.
وأضافت المحكمة أن المشرع الدستوري مستظلًا بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء – وهديًا بالتطور الراهن للحقوق الأساسية للإنسان، والذي جعل منها جزءًا لا يتجزأ من المعاييـر الدوليـة التي تبنتها الأمم المتحضرة والتي باتت تشكل الضمير الإنساني العالمي في الوقت الحاضر، أورد أحكامًا رئيسيـة ترعـى الأسـرة المصرية سواء في خصائصهـا، أو على صعيـد الأفراد الذين يكونوهـا وفقًا للدستور، بحسبان أن الأسرة أساس المجتمع وأن الحق في تكوين أسرة، وما يرتبط به من حقوق للأبناء ثمرة تلك الأسرة، أنما يعد من الحقوق الشخصية اللصيقة بالإنسان، مبرزًا أن قوام الأسرة الدين والأخلاق والوطنية، وأن الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد هو ما ينبغي الحفاظ عليه وتوكيده وتنميته فى العلائق داخل مجتمعها.
وذكرت المحكمة أن الأمومة والطفولة قاعدة لبنيان الأسرة، ورعايتهما ضرورة لتقدمها، ومن ثم فإن توفير العناية والرعاية والحماية من قبل الدولة للأم للقيام بالتزاماتها تجاه أطفالها لم يعد ترفًا وإنما مسئولية ملقاة على الدولة يتعين عليها الاضطلاع بها والذود عنها، وجريًا على هذا فقد حرص المشرع الدستوري على التأكيد على حقوق الطفل بحسبانه أضعف حلقات الأسرة وثمرة قيامها، وتلك الحقوق إنما تشكل في المقابل التزامًا على الدولة وعلى الوالدين كلا في إطار المسئولية الملقاة على عاتقه، وذلك على نحو قاطع لا لبس فيه وأولى هذا الحقوق حقه في الحصول على الجنسية المصرية لكل من يولد لأب مصرى أو لأم مصرية والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقًا رسمية ثبوتية حماية له ولبنيان المجتمع، ومن ثم بات لازما على الدولة أن يكون هاجسها ومحركها الأساسي في كل ما تتخذه من إجراءات حيال الطفل هو تحقيق المصلحة الفضلى له ورعاية حقوقه المقررة دستوريًا والتي غدت حقوقًا شخصية للطفل بوصفه كذلك لا يجوز الانتقاص منها أو التعدي عليها بأي قانون تتخذه الدولة.
وأوضحت المحكمة أن قانون الجنسية المصرى بعد التعديل المشار إليه قد قرر حكمًا عامًا ولم يستثن المولود لأب عربى عندما قرر منح الجنسية المصرية لأبناء الأم المصرية من أب أجنبي، فمن ثم لا يجوز أن يضحى ذلك سندًا لحرمان المولود لأم مصرية وأب سعودى من حقه في التمتع بالجنسية المصرية، وأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها مصرية الجنسية بالميلاد لأب وأم مصريين الجنسية ومولودة بتاريخ 421974 في باب الشعرية بالقاهرة ولها رقم قومى مصرى، وتزوجت بموجب عقد زواج عرفى من عبد الرحمن حسن محمد شويطة السعودى الجنسية، وأنها تقدمت بطلب للجهة الإدارية المدعى عليها لإثبات تمتع ابنتها القاصرة عهود وقد جاءت الأوراق خلوًا مما يفيد أن ثمة أسبابًا تحول قانوناَ دون حصول ابنتها القاصرة على الجنسية المصرية الأمر الذي يتعين معه القضاء بثبوت الجنسية المصرية لها.
واختتمت المحكمة أنه ولما كانت الجهة الادارية (مصلحة الأحوال المدنية) قد استخرجت لإبنة المطعون ضدها شهادة ميلاد تثبت فيها أن الطفلة مولودة لأب سعودي وأم مصرية فلا يسوغ للجهة الطاعنة أن تنال من نسبة الإبنة إلى الأم المطعون ضدها التى تحمل الجنسية المصرية، ويكون من أسباب رفضها منح الجنسية المصرية للابنة أنها نتاج زواج عرفى بين الأم المصرية والأب السعودي غير قائم على أساس سليم ولا يحرمها من حقها الأصيل في الحصول على الجنسية المصرية حتى ولو كان الزواج ناجمًا عن زواج عرفى حماية لها من ألا تكون بجنسية ما، واعترافًا بهويتها الإنسانية.