على خطى نغماته الموسيقية، وقفت أم كلثوم شامخة تغني
"حب إيه"، وعلى تسلسل اهتزازات ألحانه أبدع العندليب الأسمر في
"خايف مرة أحب"، فوقعت الفتيات في غرامه، نشأته في حي شبرا الشعبي،
جعلته يبدع في تلحين أغاني محمد رشدي، التي
قاربت إلى لون الأغاني الشعبية، إنه الملحن بليغ حمدي.
ومع الذكرى الرابعة
والعشرين لوفاة ملك الموسيقى العربية، الملحن بليغ حمدي، الذي ولد في السابع من
أكتوبر عام 1931، وشهد شريط حياته الذي استمر قرابة 62 سنة على نجاحات في التلحين،
فكان عاملًا مشتركًا في أسباب نجاح عمالقة الفن بداية من عبد الحليم حافظ وشادية
وأم كلثوم، وصولًا لمحمد رشدي ومحرم فؤاد، فصوتهم الذي أسر قلوب الجميع، كان يجب
دعمه بالألحان المبدعة، وكان بليغ خير من قام بذلك الدور.
منذ نعومة أظافره وجد
طريقه في حب الموسيقى، فتعلم العزف على آلة العود في سن التاسعة، فالتحق بمعهد الموسيقى
العربية، الذي كان يطلق عليه معهد فؤاد الأول للموسيقي سابقًا، وبدعم من والده،
بدأ "بليغ" يخطو أولى خطواته الفنية، في الأذاعة المصرية، فقام بتسجيل 4
أغنيات بها، ثم اتجه للعمل في التلحين، وفي عام 1957، قدم أولى ألحانه لعبد الحليم،
في أغنية " تخونوه وعمره ماخانكم
ولا اشتكى منكم"، فلمع نجمه في سماء التلحين بنجاح الأغنية.
فتحت أغنية
"تخونوه" باب التلحين لأشهر المطربين على مصراعيه أمام بليغ، فانهالت
عليه طلبات من قبل أم كلثوم، وردة، فايزة أحمد، شادية، نجاة، والشحرورة التي لحن
لها أغنية " أمورتى الحلوة"،
التي وقعت في حبها كل أم مصرية، كما لحن لميادة الحناوى، وعزيزة جلال، كما عاصر
بليغ للفنان علي الحجار، وهانى شاكر، ولحن العديد من أغانيهم.
بالرغم من حياة "حمدي"
الحافلة بأعماله في التلحين، وعلاقاته الواسعة بالنجوم، وتفكيره المستمر في الإبداع
في ذلك اللون من الفن، لم يغفل قلبه عن الوقوع في الحب، فأحب "أمنية طحيمر"،
إحدى فتيات مدينة الإسكندرية، عروس النيل، لكن لم يستمر الحب طويلًا، فبعد سنة من
زواجهم الذي توج بالمشاعر الصادقة، انفصلا، ولم يمر وقت طويل إلى أن مرضت أمنية
وتوفيت.
لم يقف قلب الملحن
الكبير الذي يتملك أصابع ذهبية، تعرف مسارها على أوتار العود، عن الحب بموت زوجته
الأولى، فوقع في حب وردة الجزائرية، بعد عشر سنوات من انفصاله عن أمنية، وكان منزل
الراقصة نجوى فؤاد، شاهدًا على دخول بليغ ومعشوقته وردة قفص الزوجية الذهبي، ولكن
لم يكن عقد قرآنهم هو السبب الرئيسي في دعوتهم لبيت نجوى.
بدأ سيناريو زواج بليغ
بوردة الجزائرية، بدعوة من عبد الحليم حافظ إلى بيت الراقصة نجوى فؤاد لحضور عقد قرآنها، ولكن وسط الفرحة التي غمرت
قلوب الحاضرين، قرر بليغ ووردة عقد قرآنهم في نفس الحفل، بعد قصة حب طويلة رفض
والد وردة أن يدعها تصل للزواج.
لم تدم علاقة بليغ
بوردة في إطار الحب والمشاعر والزواج فقط، بل تطرق الزوجان إلى العمل سويًا، فأخرجا
العديد من الأغاني التي نالت إعجاب الجميع، فحصلت وردة على شهرة واسعة، ومن شدة حب بليغ في
زوجته، منحها العديد من ألحانه التي كانت مخصصة للعندليب الأسمر وأم كلثوم، فأبدعت
وردة بنبرة صوتها العذب في أغنية العيون السود، وخليك هنا، وحكايتي مع الزمان، واسمعوني.
على مدار 6 سنوات، توج
الحب مملكة بليغ ووردة، ولكن محالات وردة في إجهاض نفسها مرتين، رغبة منها في عدم
الإنجاب، جعلت "بليغ" الذي كان يرادوه حلم الأبوة أن يبتعد عنها،
فانفصلا، وبالرغم من ذلك، استمر بليغ في تلحين أغاني ورده "بوعدك"، التي
كانت آخر الأغاني اللي غنتها وردة من تلحين بليغ.
راوغت المشاعر الدافئة
قلب بليغ حمدي مرة أخرى، فحن للجنس الناعم، فاتفق على الزواج من الشحرورة، أثناء
وجودهم في منزل المغنية سميرة سعيد، ولكن بعد انتشار الخبر، خرجت الشحرورة عن
صمتها تنفي ما قيل، معلقة على ذلك بقولها: "ده كان مجرد هزار".
ويومًا تلو الأخر، وقع
الملحن بليغ في الحب، فتقدم لطلب يد ابنة الموسيقار محمد عبد الوهاب، ولكن لم يسر
الأمر كما خطط له بليغ، فعبد الوهاب رفض ذلك الزواج، فتقدم بعدها بليغ للارتباط بالراقصة
سامية جمال، ولكن بعد شهور تم فسخ الخطبة.
وقبل أن تتوقف دقات
قلبه، ويرحل عن الدنيا، ارتبط بليغ بالمطربة ميادة الحناوي، وتوج أغانيها بالعديد
من ألحانه الناجحة.