قليل من الحيل يُجدي أحيانا، وكثير منها يفشل قبل بدايته، هكذا توقع الكثير من رواد مترو أنفاق القاهرة الكبرى، بعد القرار الذي أعلن عنه أحمد عبد الهادي المتحدث الرسمي باسم الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، والذي أوضح قرار رئيس الشركة المهندس على الفضالي، ببدء تطبيق التذاكر الملونة مع بداية العام الدراسي الجديد، مبررًا ذلك بالتيسير على الركاب أصحاب التخفيضات لتميز كل تخفيض بلون معين، وأيضا للتيسير على مفتشى المترو لاكتشاف المخالفات ومنع استغلال بعض الركاب للتخفيضات.
وحسب تصريحات متحدث المترو، فإن التذكرة العادية البالغ سعرها 2 جنيه ستكون باللون الأصفر، والتذاكر فئة 150 قرشا ستكون باللون الأخضر، ويستعملها كل من العسكريين من الجيش والشرطة والصحفيين بموجب كارنيه نقابة الصحفيين والأطفال من 4 – 10 سنوات، والمحاربين القدماء بموجب كارنيه جمعية المحاربين القدماء، كما أن التذكرة فئة 150 والمخصصة لكبار السن ستكون باللون الوردى، بينما ستكون التذكرة فئة 50 قرشا المخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة بموجب كارنيه وزارة التضامن الاجتماعى ستكون باللون اللبنى.
وفي وقت لاحق، أعلن وزير النقل الدكتور هشام عرفات، أن خسائر تشغيل المترو وصلت إلى نحو 200 مليون جنيه، مؤكدًا الحاجة المُلحة لتطوير الخط الأول بتكلفة تصل إلى 300 مليون يورو أى نحو 6 مليارات جنيه، وهو التطوير الذى تأخر 12 عاما بسبب عدم وجود موارد –حسب تصريحات الوزير-، ووسط كل هذا تخرج شركة المترو لتعلن عن تكلفة جديدة بسبب تلوين التذاكر، في إجراء يصفه بعض الخبراء الاقتصاديين بالفشل الذريع.
بالنظر إلى الحال التي وصل إليها مترو الأنفاق، فإن غالبية الشكاوى التي قمنا برصدها من قبل المواطنين من ركاب المترو، تتلخص في الفارق الزمني الكبير بين القطارات "طول زمن التقاطر"، ويأتي ذلك نتيجة سوء حالة الدوائر الكهربائية بالمترو، بالإضافة إلى الماكينات المعطلة في جميع المحطات بلا استثناء، والتي تعد إهدارًا للمال العام، وتساعد في أزمة التسرب من حجز تذاكر المترو، إضافة إلى سوء حالة القطارات القديمة المتهالكة، وعدم وجود وسائل جيدة للتهوية، والتعطل الدائم بالسلالم الكهربائية والمصاعد المخصصة لكبار السن.
ما طرح العديد من التساؤلات لعل أبرزها: هل تقلل الحيلة الجديدة خسائر المترو؟ وهل تستخدم إيرادات التذاكر الجديدة في تطوير القطاع؟
وفي هذا السياق، قال النائب محمد بدوي، عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، في تصريحه لـ"أهل مصر" إن قرار الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو، الخاص بتطبيق التذاكر الملونة، قرار سليم ويأتي في محله، مؤكدًا أن طرح 4 ألوان جديدة لتذاكر المترو، موزعة على الفئات المختلفة، تشمل اللون الأصفر والأخضر والوردي واللبني، يعد خطوة إيجابية، للتيسير على مفتشى المترو لاكتشاف المخالفات ومنع استغلال بعض الركاب للتخفيضات.
وأضاف عضو النقل والمواصلات أن تلوين التذاكر سيقلل نسبة التسريب، وسيمكن المفتش المختص من أداء عمله، عاتبًا على نقص عدد المفتشين المدرجين بالشركة، إضافة إلى أن المفتشين الموجودين لا يعملون بشكل جيد، واعترضت لجنة النقل بالبرلمان سابقًا على عدم أدائهم لعملهم بشكل جيد، ما أدى لنزولهم هذه الأيام وسط الركاب، فزادت الحصيلة بواقع 50 مليون جنيه شهريًا، مشيرًا إلى أن القرار الجديد سيزيد الإيراد لأكثر من 50%.
وأشار "بدوي" إلى أن الركاب الفعليين للمترو وصلوا إلى 5 ملايين راكب يوميًا، في حين أن الهيئة تعلن أنهم 3 ملايين فقط، مضيفًا أنه إذا تم تفعيل عملية الرقابة والتفتيش ستكون نسبة الفاقد من التذاكر واهية، مؤكدًا أن المترو مشروع استرتيجي، يقدم خدمات للجمهور بمختلف طبقاته، بجانب خدمات أخرى يقدمها للحكومة، إضافة إلى تقليل ازدحام المرور في شوارع القاهرة.
وتابع: الماكينات المعطلة هي السبب الأكبر في خسائر المترو، والوزارة تعاقدت على صفقة ماكينات ألمانية جديدة ستصل مصر قريبًا، مشيرا إلى أن لجنة النقل بالمجلس الحالي تحاول جاهدة العمل على إصلاح ما أفسده غيرها على مر سنوات طويلة في عصر الرؤساء السابقين، والذين لم يكن في عهدهم مجلس شعب حقيقي، ما دعا لانتشار الفساد وقتها، وامتداده حتى الآن، مضيفًا أن هناك خطة كاملة لتطوير مترو الأنفاق، سيتم تمويلها من خلال قرض دولي تعمل عليه الوزارة، إضافة إلى جزء من التمويل الذاتي، سيتم تحصيله من الضرائب والإعلانات الخاصة بالمترو وإيرادات التذاكر.
وشدد عضو مجلس النواب على أن السياسة المتبعة في إدارة الإعلانات بهيئة المترو سيئة، حيث تعاقدت مع إحدى شركات السكة الحديد، للإعلانات، بعقد قيمته 35 مليون جنيه في خمس سنوات، ما يعد خسارة فادحة للقطاع، وموارد ضائعة، مؤكدًا أن الإيرادات الناتجة عن المترو ستساهم في عملية تطويره، الفترة القادمة.
فيما قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، تعليقًا على إعلان الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، لتطبيق تلوين التذاكر إلى 4 ألوان للتفرقة بين الفئات المستحقة، إن أي إجراء تنظيمي تقر به الدولة فهو مرحب به، مؤكدًا أن القرار سيكلف الدولة الكثير من الأموال.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحه لـ"أهل مصر" أن القرار عبارة عن إجراء تنظيمي سيحقق توقف في أزمة إهدار المال العام، لكن المشكلة تبقى في أن فكرة تلوين التذاكر ستحمل الشركة مزيدًا من التكاليف، متسائلا: هل سيلزم القرار تغيير في أي من الماكينات التي تستخدم التذكرة ذات اللون الأصفر، أو سيكلف القرار توفير ماكينات جديدة لاستخراجها؟
وأشار "الدمرداش" إلى أنه يجب على الشركة تفعيل دور المفتشين، لتجنب تحمل تكلفة إضافية دون الاستفادة منها، حيث أنه من الممكن أن يستخدم بعض الأشخاص التذاكر المخصصة لفئته ويوزعها على البقية من غير المستحقين، فيصبحوا مستفيدين من التخفيض المقرر دون وجه حق لعدم وجود جهة رقابية، مؤكدًا أن الخسائر الحالية تمنع استخدام إيرادات التذاكر في عملية تطوير المترو.