فارق مهدي عاكف، القطب الأشهر داخل جماعة الأخوان المسلمن، الحياة عن عمر يناهز 89 عامًا، وهو محبوس على ذمة قضايا تتعلق بالعنف.
ويعد عاكف، أعنف مرشد عرفته الجماعة، بسبب ارتباطه بالتنظيم الخاص في الخمسينيات، بعد أن شارك في عمليات أشبه بالعسكرية، مثل حصار المطار، وتهريب عبدالمنعم الرؤوف، أحد قيادات الجيش المنتمين للإخوان، ليتعرض بعدها للسجن عام 1954، وصدر حكم ضده بالإعدام ثم خُفف إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
وخرج عاكف، خريج كلية التربية الرياضية، من السجن في عهد أنور السادات الذي فتح الباب للإسلاميين للمشاركة في الحياة السياسية من جديد، ليشغل عضوية مكتب الإرشاد "أعلى هيئة قيادية داخل الجماعة" منذ عام 1987، وهو العام الذي دخل فيه البرلمان المصري لأول مرة.
وفي عام 1996 وقف "عاكف" أمام المحكمة العسكرية في قضية "سلسبيل" التي ضمت معظم قيادات الإخوان، وصدر حكم بحبسه 3 سنوات قضاها كاملة.
ويعرف عنه أنه، صريح في آرائه لا يخشى شيئاً، فورّط الإخوان في مشكلات عدة، أشهرها حوار "طظ في مصر"، الذي عبر فيه صراحة عن أن المواطن المسلم الماليزي أهم من المسيحي المصري، لكن في نفس الوقت شهدت الجماعة أكبر صعود سياسي في تاريخها، حينما دخلت البرلمان بـ88 نائباً.
وفي عهده أيضاً، تحدى الإخوان النظام، بعد أن نزلت الجماعة للشارع لأول مرة في التاريخ، كان ذلك في عام 2005، تحت شعار "الإصلاح: بالتزامن مع ضغوطات أمريكية على حسني مبارك لإجراء إصلاحات ديمقراطية، وإثر ذلك اعتقلت قوات الأمن ما يقرب من 5 آلاف عضو، فواصل «عاكف» التحدي: «لن نتنازل عن الإصلاح ومستعد لدخول السجن».
ورفض الرئيس السابق للجماعة ترشحه قبل ثورة يناير بنحو عام، لكنه لم يختف من المشهد السياسي، ووقف بقوة ضد معارضي الجماعة، خاصة مع صعود محمد مرسي للسلطة في يونيو 2012، لكن بعد الإطاحة بمرسي، إثر مظاهرات شارك فيها الملايين يوم 30 يونيو، وتحديدًا في الرابع من يوليو 2013، ألقت قوات الأمن القبض على مهدي عاكف، واتُّهم في عدة قضايا تتعلق بالعنف.
وعانى :عاكف" خلال فترة حبسه من تدهور حالته الصحية، واتهمت الجماعة إدارة السجن بالإهمال في علاجه لفترة طويلة، ونُقل أكثر من مرة لمستشفى قصر العيني، وطالبت منظمة حقوقية عدة بالإفراج الصحي عنه. خبر وفاته في العام الأخير بات شائعة تتكرر يوميًا بسبب مرضه، إلى أن رَحل اليوم.
وقال عبد المنعم عبد المقصود، محامي جماعة الإخوان الإرهابية، أن محمد مهدي عاكف، المرشد السابق، الذي وفاته المنية مساء اليوم، أوصى أن يُصلى عليه في مسجد الحمد القريب من منزله بالتجمع الخامس، ودفنه في مقابر "الوفاء والأمل" بمدينة نصر، وعدم إقامة عزاء.
وأوضح "عبد المقصود"، في تصريحات صحفية، أن سبب رغبته في الدفن هناك هو أن يدفن بجوار مرشدي الجماعة السابقين المدفونين هناك"، مؤكدًا أنه أبلغ أسرة "عاكف" بالوفاة بعد إبلاغ الأمن له، مضيفًا أنه أبلغهم بالتوجه إليه في مكان وفاته بالمستشفى.
وكانت "عليا" نجلة مرشد الإخوان السابق "محمد مهدي عاكف" أعلت وفاة والدها، بعد تدهور حالته الصحية في القصر العيني.
وولد عاكف سنة 1928 في كفر عوض السنيطة بالدقهلية، بين عشرة من الأشقاء لوالد ميسور الحال.
وتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة المنصورة الابتدائية، وانتقل إلى القاهرة حيث تعلم في مدرسة فؤاد الأول الثانوية بالقاهرة التي حصل منها على التوجيهية الثانوية العامة، دخل المعهد العالي للتربية الرياضية، وتخرج منه سنة 1950، والتحق بكلية الحقوق سنة 1951.
عرف عاكف الجماعة في وقت مبكر في عام 1940م، وتربى على شيوخ الإخوان وعلمائهم، وعلى رأسهم حسن البنا، وكان من أحبِّ المشايخ إلى نفسه محي الدين الخطيب.
والتحق المرشد الأسبق بكلية الحقوق عام 1951م، ورأس معسكرات جامعة إبراهيم (عين شمس حاليًا) في الحرب ضد الإنجليز في القناة حتى قامت الثورة، وسلَّم معسكرات الجامعة لـكمال الدين حسين المسئول عن الحرس الوطني آنذاك.