أزمة وراء أزمة يسببها وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، بمجرد ظهوره، ففي حين لم تنتهِ بعد مشاكله مع الصيادلة، فتح على نفسه النار حديثًا بعد أن صرح في إحدى جولاته التفقدية، بقراره إيقاف شركات "التول" أو ما يعرف بشركات التصنيع لدى الغير، وهو التصريح الذي أثار ضجة واسعة خرج بعدها الوزير ليؤكد أنه غير خائف ومستعد تماما لتوابع قراره الجديد.
وفي إحدى جولاته التفقدية منذ يومين، أعلن الدكتور أحمد عماد الدين راضى وزير الصحة والسكان، قراره الأخير بإلغاء تراخيص شركات التصنيع لدى الغير، موجهًا الإدارة المركزية لشئون الصيدلة بسرعة دراسة التماسات هذه الشركات، حرصًا على دورها كأحد أعمدة الصناعة ودعما للاستثمارات الخاص بها، والتى تسير جنبا إلى جنب مع مصانع الدواء، فى توفير الدواء بالسوق المصرى.
وبالعودة إلى الدستور فإن المادة 18 منه نصت على تشجيع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقًا للقانون، كما أكدت المادة 28 من الدستور أن الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية مقومات أساسية للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحمايتها، وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، وتعمل على زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد، وأن الدولة تولى اهتمامًا خاصًا بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى كافة المجالات، وتعمل على تنظيم القطاع غير الرسمى وتأهيله، وهو ما استند إليه الكثير من الرافضين لقرار الوزير، والذي أغضب أصحاب الشركات الصغيرة.
وتمثل شركات التول في سوق الدواء المصري حوالي 40% من حجم الشركات، وليست المرة الأولى التي يلوح فيها وزير الصحة بإيقاف تراخيصها، ففي 2013، لوح وزير الصحة وقتها بإيقاف الشركات، وكان المبرر إيقاف ضخ الأدوية المغشوشة التي تتسبب في إنتاجها تلك الشركات، لينفي أصحاب الشركات التهمة الجديدة، ويؤكدون أن الأدوية المغشوشة تصنع في بير السلم وغير مرخصة من وزارة الصحة، أما شركات التول تصنع ويتم تسجيل مستحضراتها بوزارة الصحة وبإشراف معامل الوزارة ثم تصنع لدى أحد المصانع المعروفة والمرخصة من الصحة.
وصعد الدكتور أحمد عماد الدين، العام الماضي، ليلوح أيضا بإيقاف الشركات، ليصبح إيقافها الورقة التي يهدد بها الوزير المخالفين له في كل وقت.
وفي تصريحات سابقة لها، قالت الدكتورة رشا زيادة، رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيدلة، إن الالتماسات التى وردت إليها من بعض شركات "التول" تطلب فيها تنظيم قواعد منح التراخيص، جعلتهم يفكرون في مساعدة الشركات الجادة فقط، والتي ترغب في دعم الدولة المصرية، وتعمل على تنمية سوق الدواء المصري، مؤكدة أن الوزارة حاليا تسعى لمنع التلاعب في السوق المصري من خلال قرارات وزير الصحة.
وردًا على ما سبق، قال الدكتور صبري الطويلة، رئيس لجنة صناعة الدواء بنقابة الصيادلة، إن الشركات هي اختصار لجملة الشركات المصنعة لدى الغير، وعددها حوالي 1225 شركة في مصر، إضافة إلى وجود 145 مصنع دواء مقسمين إلى 3 قطاعات، قطاع الشركة القابضة والقطاع الاستثماري وقطاع الشركات متعددة الجنسيات.
وأضاف "الطويلة" في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن شركات "التول" لديها سجلات تجارية وصناعية لدى الغير، ولكل شركة الحق في إنتاج 20 منتجًا، سواء كانت أدوية بشرية أو بيطرية أو مكملات غذائية يتم ترخيصها من وزارة الزراعة، إضافة إلى الرقابة على كل الشركات من وزارة الصحة، مشيرا إلى أن شركات "التول" عبارة عن شركات قانونية خاضعة لمعايير التصنيع، لأنها تصنع منتجاتها لدى مصانع معترف بيها وتراعي تنفيذ كافة البروتوكولات ومعايير التصنيع الجيد، كما أنها معتمدة من الدولة، ولديها كل الصلاحيات المؤهلة للتصنيع.
وأكد رئيس صناعة الدواء بالصيادلة أن ما تحدث به وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، وتلويحه بقرار وقف إيقاف شركات التصنيع لدى الغير، ليس وليد صدفة، مضيفا أن الوزير دائمًا ما يخرج منفعلًا ومتسرعًا، حاكما بقرارات يتراجع عنها سواء بالموافقة أو الامتناع بعد ذلك، مثل نفيه زيادة الأسعار قبل ذلك، وزيادتها خلال 8 أشهر حوالي 10 آلاف صنف.
وأشار "الطويلة" إلى أن تصريح الوزير سابقا بأنه سيغلق جميع شركات التول ثم تراجعه عن القرار، ومطالبته بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع أصحابها، لإعادة الحسابات، وتابع: "قرارات وزير الصحة غير مدروسة وغير ناضجة".
وتابع: منظومة الصحة في مصر فاشلة بكل المقاييس وكل وزير يأتي "ليرقع" مابها، ونعمل بقوانين فترة الأربعينات حتى الآن، وما نقوم بتعديله من قوانين يكون للأسوأ، فليس لدينا في قطاع الدواء قيمة تنفيذية حقيقية وإنما هم مجرد "سُعاة"، وعلى رأسهم الوزير الذي لا يفقه شئ عن صناعة الدواء، بدليل أزمة نواقص الأدوية التي ينكرها، مؤكدًا أن قراره بإيقاف شركات التول، يأتي تنفيذًا لمصلحة شركات بعينها موجودة في السوق، وأن الوزير لا يجرؤ على إلغاء تراخيص الشركات بحكم القانون والدستور، وإنما سيحاول تقييدها.