مع إشراقة كل صباح يستيقظ الطلاب، بعد صراع يدوم دقائق مع الرغبة في مواصلة النوم، لتنتصر في النهاية الأم التي تنادي بأعلى صوتها: "اصحوا يلى عشان متتأخروش"، في تلك اللحظة استيقظ من يتخذون من المدارس "سبوبة"، حاملين بضائعهم، منهم من اتخذ أسوار المدارس لاستغلالها في فرش البضائع، ومنهم من وجد "المترو" سوقًا متنقلًا يمكن من خلاله البيع بشكل موسع، وهناك من وقف بعربة حلوى و"ترمس" على أبواب المدارس.
في الوقت ذاته يتصارع العديد من الشباب والفتيات التابعين للمراكز التعليمية، للتمركز أمام المدارس، حاملين حقائب مليئة بالكروت الخاصة بتلك المراكز، مع جداول الحصص والمدرسين التابعين للمركز، يحاولون جذب الطلاب للحجز، وإقناعهم أن تلك المراكز تقدم عروضًا تعليمية مفيدة أكثر من الدروس الخصوصية، متخذين من العام الدراسي صفقة يجب الفوز بها، فينهالوا بالإعلانات على الطلاب، وفي النهاية يستقر عدد كبير منها على الأرض، ليأتي عامل النظافة ويزيل كل ذلك، ويأتي اليوم التالي ليتكرر نفس المشهد الذي اعتاد الطلاب أن يجدوه يوميًا.
- "إعلانات كتير والسعر مغري":
تقف "هند"، والدة طالبة في الصف الثاني الثانوي بمدرسة "سراى القبة الثانوية بنات"، أمام باب المدرسة، تدقق النظر في كل إعلانات الدروس الخصوصية في المراكز التي قذفها عليها حاملي تلك الإعلانات، أثناء انتظارها خروج ابنتها من المدرسة، فتقول: "كل يوم من وقت ما الدراسة بدأت وأنا بيترمي عليا إعلانات المراكز التعليمية.. بس أنا محتارة اختار إيه فيهم لبنتي.. الصراحة أسعارهم أقل من الدورس الخصوصية بكتير وده هيوفر لأبوها".
- الحصول على إعلان دروس خصوصية بالإجبار:
فيما أوضحت رباب، الطالبة في الصف الأول الثانوية، بذات المدرسة، التي يتدرج لون الزي المدرسي الخاص بها بين الأخضر والبني، أن هناك شباب تابعين للمراكز التعليمية، يتواجدون يوميًا أمام المدارس، وهناك عدد منهم يجبر الفتيات على أخد ورقة الإعلانات."الموضوع مقلق بالنسبة ليا.. يعني إيه ولد واقف كل يوم يلمسني قدام باب المدرسة بحجة إنه بيديني إعلان دروس خصوصية"، بتلك الكلمات لخصت رباب معاناتها مع الشباب المتواجد أمام المدرسة لتوزيع الإعلانات على الطالبات.
-"أصحاب مراكز الدروس الخصوصية بيستغلوا أولياء الأمور":
"أنا شغال ميكانيكي ولما بيجي موسم المدارس.. بسيب الورشة واشتغل مع سنتر.. اليوم هناك بـ40 جنيه.. ومش بتعب في حاجة أنا بس بوزع إعلانات على باب المدارس.. وباخذ قليل جدًا.. الناس ده بتطلع بملايين من جيوب الأهالي".. عبر مصطفى بتلك الكلمة عن الاستغلال الذي تقوم به المراكز التعليمية في حق الطلاب وأولياء الأمور منذ بدء العام الدراسي.
- "الرزق يوم أه ويوم لأ":
وعلى الباب الأمامي يقف "محمد" ببضاعة بلاستيكية، تتدرج بين "علب للطعام وملاعق وأطباق"، يتخذ من سور المدرسة مكانًا استيراتيجيًا لجذب أنظار المعلمات وأولياء الأمور من السيدات، فيجلس في ذلك المكان منذ السابعة صباحًا إلى الثالثة عصرًا، ويقول: "من 7 الصبح وأنا واقف هنا.. يوم ربنا يرزقني ويوم لأ.. والحمد لله الحياة ماشية".ويتابع محمد، بائع الأدوات المنزلية: "الزباين هما المدرسات والستات اللي جايين ياخدوا بناتهم.. وساعات بنات من المدرسة بتشتري مني.. وأنا واقف على جمب مش بعاكس بنات ولا بضايق حد".
- "ولادنا بيموتوا من التسمم":
وعلى أبواب مدرسة "الجيل الجديد الابتدائية"، يقف بائع "آيس كريم"، ينادي في الميكرفون "يا حلوة يا مانجة يا مسكرة يا فراولة"، لينظر إليه الطلاب المتواجدين أمام المدرسة، ويفكر كل منهم في الشراء، فتقول "سلمى"، والدة الطفل "عمر"، طالب في الصف الثاني الإعدادي: "كل يوم بياع الآيس كريم يجي يقف هنا.. ما بيصدقوا أي فرصة يبيعوا فيها.. وفي الآخر ولادنا هما اللي بيموتوا من التسمم".
- "طول السنة الدنيا نايمة".
وعلى الجانب الآخر للمدرسة، يقف محمد، بائع "الترمس"، يرش الماء على بضاعته، خوفًا من أن تفسدها حرارة الجو، فالإقبال عليه ليس كثيرًا كصديقه بائع "الآيس كريم"، ويقول: "أنا ما صدقت المدارس فتحت عشان اقف قدمها والعيال يشتروا مني.. طول السنة بلف والدنيا نايمة لكن في المدارس الدنيا بتنشي معايا شوية".
- "سعر البضاعة مغري":
وفي إحدى عربات مترو الخط الأول (المرج- حلوان) يتناوب عدد من الشباب والأطفال، على بيع مستلزمات الدراسة في عربة السيدات، فيقول عبد الباسط: "كشاكيل بسعر الجملة يا بنات.. يلي اشتروا عشان المدارس بدأت"، فتتوجه أنظار الجالسات إليه، تتفحص كل منهن البضاعة، فتشتري بعضهن، والبعض الآخر لا يجد أن سعر البضاعة مغري لشرائها من المترو بدلًا من المكتبات.وتقول: "شرين"، إحدى الجالسات في المترو: "اشتري ليه من المترو وأنا ممكن أنزل اشتري الكشاكيل من المكتبة وخامة انضف وبنفس السعر"، مضيفة: "الشباب في المترو أما بيصدقوا أي مناسبة عشان يستفادوا ويستغلوا الزباين.. (حسبي الله ونعم الوكيل)".