بقلبه الذي يحمل معاني الحب، التي تعلمها من كتاب الله، لم يقف شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، صامتًا أمام ما تتعرض له أسماء من إهمال، وضعها على بداية طريق الموت، فكلف بأرسال "كونسلتو" طبي لفحصها، ومساعدتها على النجاة من الغيبوبة التي دخلت فيها بعد ولادتها في مستشفى الزهراء الجامعي.
ترقد في تلك اللحظة "أسماء"، على سرير في غرفة العناية المركزة، يشتم كل من يمر بجانبها رائحة الموت، تتشبث كل قطعة من جسدها بجهاز طبي مختلف، فعلى يمينها جهاز رصد مستوى النبض والسكر، وعلى يسارها أبنوبة الأكسجين، التي يستقر "خرطومها" في "فمها"، فلا يصدر منها إلا صوت النبضات التي تارة تتسارع وتارة تهدأ وتستقر.وخارج أبواب تلك الغرفة يستند محمد أحمد، زوج أسماء، على الحائط، فقلبه لم يعد يتحمل أن يفقد زوجته بعد فقدانه لطفله، ينظر كل لحظة وأخرى عليها من خلف الزجاج، ليتذكر كل لحظة أنها كانت السبب في سعادته، فاليوم الذي اخبرته بحملها، فتحت له بابًا جديدًا من الأمل، فهو سيكون أب للمرة الثانية، لينتبه في تلك اللحظة على صوت الممرضة التي تنادي قائلة: "أستاذ محمد أدخل شوف مراتك لو عايز".بلهفة وشوق تتسارع قدمه مع المسافة التي تفصله عن سرير زوجته، إلى أن وصل إليها، فتساقطت دموعه على جفونها، ليتفاجأ في تلك اللحظة أن هناك "دود" يستقر في "فم" حبيبته وزوجته.وجد نفسه بدون وعي، يفتح كاميرا هاتفه، ويلتقط صورًا للدود الذي يتلاعب في فم زوجته، وينشرها على صفحته الشخصية "فيس بوك"، ليصرخ بأعلى صوته طالبًا المساعدة، فهو عاشق يخاف أن يفقد حبيبته. تناقل مستخدمي "فيس بوك" ما نشره الزوج، وبدأ كل منهم يندد بالإهمال الذي تسبب في دخول أسماء في غيبوبة، وفقدانها الطفل، فتنهال المكالمات على محمد، داعين الله أن ينتقذها من الموت.
بدأ محمد أحمد، صاحب مطعم، يروي لـ "أهل مصر"، ما حدث منذ دخول زوجته أسماء، إلى مستشفى الزهراء الجامعي لوضع طفلها، إلى اللحظة التي انتهى بها الحال على سرير في غرفة العناية المركزة والدود يخرج من فمها.
فيقول: "دخلت بيها المستشفى يوم 18 الساعة 12 بالليل، مدخلتش غرفة العمليات تولد غير 8 الصبح، وطول الليل تصرخ من الوجع، والمستشفى كل اللي عملته ظبطت لها السكر عشان كان عالي وركبت لها جهاز اكسجين".
تتلألأ الدمع في مقلتيه، وهو يقول: "مفيش أي اطمئنان على الجنين قبل الولادة ولا عليها هي، لحد ما دخلت تولد كانت تعبانة، وبعد وقت قليل خرج الدكتور يقولي الجنين مات والأم قامت بالسلامة".
رغم فقدانه لطفله، إلا إنه كان سعيدًا بنجاة زوجته، ليتفاجأ بعد ذلك بانتفاخ في القفص الصدري والمعدة، لتستقر زوجته بتلك الحالة في غرفة العناية المركزة، ويقول: "بعد الولادة لقيت مراتي مش قادرة تتفس والجزء العلوي من جسمها منتفخ.. صرخت في الدكتور لحد ما نزلها العناية المركزة".يتابع محمد، "يوم ورا التالي الحالة بتسوء، لحد ما وكيل الأزهر اتصل بيا وقال أن الطيب، شيخ الأزهر، والطيب أرسل أمس دكاترة تتابع حالتها، ومن وقت المعاملة اتغيرت والأهمال اتغير لاهتمام لأقصى الحدود، البوستات اللي نزلت على (فيس بوك) هي اللي عملت الضجة في الموضوع".مع مشاعر الفرح والحزن يقف محمد حائرًا بين التشخيص الذي يصدره الطبيب المسئول عن أسماء صباحًا، والتقرير الذي يصدره طبيب أخر مساءً، فيقول: "الصبح الدكتور يطلع تشخيص، وبالليل دكتور تاني يطلع تشخيص مختلف، وأنا تايه مش عارف أتصرف إزاي.. حسبي الله ونعم الوكيل".أما عن صورة الدود الذي قام بنشرها على صفحته الشخصية في "فيس بوك"، فيقول: "كشفوا على المعدة لكن سليمة، وبعد فحص كبير توصلوا إلى إن دبانة وقفت على فمها، ومع اللعاب وعدم النظافة تكونت فطريات ومحدش نضفها فعملت دود".في كل قضية إهمال، يكون هناك فاعل، فيقول محمد: "أشكو طاقم العناية المركزة كلها.. هم السبب.. منهم لله.. حرموني من ابني ودلوقتي عايزين يحرموني من مراتي.. وابني الأول يتربى يتيم".بقلب صابر، وملامح مبتسمه اختتم محمد أحمد، زوج المريضة أسماء، التي لا زالت حتى الآن على قيد الحياة، أسيرة الغيبوبة، تفاصيل ما تعرضت له زوجته بمستشفى الزهراء الجامعي، بمدينة نصر، قائلًا: "يمكن اللي حصل لمراتي وابني ده مقصود بيه أن ربنا عايز يكشف الأهمال في المستشفى ده"، مضيفًا: "الحمد لله يمكن فيه حالة أخطر من مراتي هتدخل المستشفى وربنا عايز ينجيها فكشف الأهمال دلوقتي.. ربنا يجعله في ميزان حسانتنا ويرجعها ليا ولابنها بالسلامة".