إن كان القرن الـ20 عرف في معظمه بأنه عصر انتشار الدولة الوطنية والتكتلات الإقليمية، فيبدو أن القرن الـ21 سيكون عصر الانفصالات؛ ما يهدد بتفجر حروب أهلية وإقليمية واسعة.
فبالتزامن مع تحرك إقليم كردستان نحو الانفصال عبر الاستفتاء، تتجه عدة حركات انفصالية في عدة دول ومناطق بأوروبا وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة باتجاه عمل استفتاء مماثل وتكوين دول مستقلة.
-كردستان بالعراقأجرى إقليم كردستان الواقع شمال العراق استفتاءً بالفعل في 25 سبتمبر/أيلول الجاري، انتهى بتأييد 92%، وسط معارضة محلية ودولية واسعة؛ خشية أن تنتقل حمى الانفصال هذه إلى دول أخرى.ويتوزع الأكراد على 4 دول، هي العراق وإيران وتركيا وسوريا، في رقعة جغرافية واسعة متصلة، ولا يعترفون بالحدود التي تفصلهم عن بعضهم.وحصل أكراد العراق على الحكم الذاتي للإقليم في تسعينيات القرن الماضي.
-كتالونيا بإسبانياوبالتزامن مع أزمة استفتاء كردستان، تتصاعد في إسبانيا أزمة مماثلة؛ حيث يسعى إقليم كتالونيا لتنظيم استفتاء على الانفصال الأحد المقبل.وتتخذ الحكومة الإسبانية إجراءات مشددة لإفشال الاستفتاء؛ منها تكثيف نشر أعداد من الشرطة لمنع فتح أي مراكز اقتراع أو توزيع منشورات أو استمارات على السكان، كما سيعتبر أي شخص يملك مفاتيح أو أكوادا لدخول مركز اقتراع متواطئا في جرائم عصيان ومخالفات وسرقة أموال. من جهتها، قالت حكومة كتالونيا إن التصويت سيمضي قدما، وأرسلت إخطارات لسكان الإقليم تطلب منهم فيها حماية مراكز الاقتراع.ويوجد بالإقليم عدة حركات وراء مطالب الانفصال، منها "الجمعية الوطنية الكتالونية" التي اعتبر رئيسها جوردي سانشيز أن الحكومة الإسبانية بمحاولتها منع الاستفتاء تكون قد أعلنت عليهم "الحرب". وإقليم كتالونيا الذي توازي مساحته مساحة بلجيكا، يعتبر إحدى المناطق الأكثر استراتيجية لإسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، ويمثل 20% من إجمالي الناتج الإسباني.
ولايات بالبرازيلفهذا الأسبوع قال سيلسو ديوشير، أحد زعماء حركة "الجنوب الحر" البرازيلية: إن 3 ولايات في الجنوب تخطط لإجراء مشاورات، الثلاثاء المقبل، بشأن إجراء استفتاء للانفصال عام 2018.وبرر ديوشير ذلك بقوله: "نعاني بشدة من فقدان الموارد، ومن سوء توزيع الضرائب. ويدفع تمييز الميزانية الدائم المنطقة الجنوبية إلى مستوى الفراغ، ويمنعنا من الأمل بالمستقبل تحت قيادة البرازيل".والولايات التي يسعى ديوشير ورفاقه إلى فصلها هي: سانتا كاتارينا، وبارانا، وريو جراندي دو سول التي يقطنها 29 مليون شخص. وتتميز هذه الولايات بأعلى نسبة لنصيب الفرد من الدخل في البلاد.وتم تأسيس حركة "الجنوب الحر" عام 1992، في مدينة لاجونا بولاية سانتا كاتارينا، وفيما بعد انضمت إلى الحركة الولايتان الأخريان.
-اسكتلندا بالمملكة المتحدةوعودة إلى أوروبا، تستغل الحكومة الاسكتلندية الحالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لتجديد مساعيها للانفصال عن بريطانيا.ففي يونيو الماضي، قالت رئيس وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن، إنها تتوقع استقلال بلادها بحلول 2025.وفي مارس الماضي، كتبت ستيرجن رسالة إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، تطلب فيها رسميا، أن تسمح بإجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا قبل انتهاء إجراءات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.ورفض الاسكتلنديون الاستقلال في استفتاء عام 2014؛ إذ أيد 55% من الناخبين البقاء ضمن المملكة المتحدة، لكن ستيرجن قالت إن الظروف تغيرت؛ لأنه بينما صوتت بريطانيا ككل مؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي أيد الاسكتلنديون بشدة البقاء فيه.-كاليفورنيا على أول طريق الاستقلال عن أمريكاويجهز عام 2018 خطوة مماثلة في الولايات المتحدة تتمثل في مساعي حركات انفصالية بولاية كاليفورنيا، منها حركة "يس كاليفورنيا"، خلال الانتخابات المقررة في نوفمبر من نفس العام، للحصول على "شرعية" لإجراء استفتاء انفصال الولاية خلال 2019.وبدأت مطلع عام 2017 حملة باسم "كاليفورنيا وطنا" لجمع توقيعات اللازمة لإجراء الاستفتاء.وتعد كاليفورنيا أكبر ولاية أمريكية من حيث عدد السكان، حيث يقطنها نحو 40 مليون نسمة، كما تعتبر ولاية مؤيدة بقوة للحزب الديمقراطي.