اعلان

لماذا لا تصنع مصر الدواء ؟

تعاني صناعة الدواء في مصر من مشكلات عديدة تكاد أن تعصف بها، حسب رأي خبراء ومختصين، فمع تصاعد الشكاوى المقدمة من الجمهور والخاصة بوجود نواقص تجاوزت الـ1450 صنف دوائي، اتجهت الأنظار إلى مصانع وشركات قطاع الأعمال العام والتي تم تأسيسها في العهد الناصري، للبدء في تأسيس صناعة دوائية ضخمة، تباهي بها مصر أفريقيا والعالم كله، لكن خابت الآمال حينما لم تصل إليهم إجابات، فالشركات لا تصنع، فقط تقوم باستيراد المواد الخام وتجميعها، أو تشرف على بعض الصناعات الصغيرة.

وخيبت شركة النصر للكيماويات الدوائية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، الآمال، وهي التي راهن "عبدالناصر" عليها في قيادة الشركة بمصانعها عملية تحقيق الاكتفاء الذاتي في سوق الدواء المصري، إلا أن حلمه لم يتحقق، وباتت مصر أكبر سوق للاستهلاك.

ما طرح تساؤل: هل تنجح مصر في صناعة الدواء؟

قال الدكتور صبري الطويلة، رئيس لجنة الحق في الدواء، وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصيادلة العرب، إن صناعة الدواء صناعة مصرية عريقة، تاريخها يتجاوز قرون، وفي العصر الحديث كان لمصر الريادة فيها بداية من قطاع الأعمال.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أن "شركة مصر" تأسست كباكورة لشركاته سنة 1930، ثم ممفيس للأدوية عام 1936، إلى أن وصلت الآن شركات قطاع الأعمال إلى 11 شركة، كانت تسيطر على 80% من حجم صناعة الدواء في مصر وإفريقيا، إلا أنها ومع الإهمال والخسائر المتكررة أصبحت قوة القطاع لا تتعدى 4.8% كمنافسة في السوق المصري، و2.8% كمنافسة في السوق التصديري.

وأضاف "الطويلة" أن هناك مجموعة من الأسباب أدت إلى تدهور قطاع الأعمال، مثل التي تتعلق بالبعد الاستراتيجي لرؤية الدولة لقطاع الأعمال، أو تحريك سعر الصرف، والسبب الأكبر يتمثل في مجموعة من أصحاب المصالح والنفوذ التي تصدر حق يراد به باطل، متمثلة في قرارات تُغلّب فيها مصالحهم فقط.

وأشار إلى أن قطاع الأعمال يضم 25 ألف عامل في قطاع الأدوية، يتقاضون مليار ونصف المليار جنيه كفيلة بجز عنق أي قطاع، في حين أن القوة الفعلية لتشغيله 8 آلاف عامل وموظف، مؤكدًا ضرورة محاسبة المسئولين عن الحال الذي وصل إليه القطاع، خاصة أصحاب المصالح من أبناء غرفة صناعة الدواء ووزارة الصحة.

فيما قال كريم كرم، مسئول الملف الدوائي بالمركز المصري للحق في الدواء، إنه مع تعاقب الحكومات المختلفة، تبدلت السياسة الحكومية، وأصبحت سياسة الاستيراد هي السائدة، مضيفا أن مجال الأدوية أصبح استثمارًا في المقام الأول في الوقت الحالي، وأصبحت الدولة بحاجة إلى تذكيرها بأن الدواء "أمن قومي" لمصر، حتى تضع الشروط المناسبة، لاستمرار سيطرتها على سوقه.

وأشار إلى أن الهند أصبحت أكثر موّرد للمواد الخام في العالم كله، كما أنها أصبحت الوجهة الأولى التي تستورد منها مصر احتياجاتها، يليها دول أوروبا الشرقية، مؤكدًا أن هناك مشروع طُرح منذ فترة، بتكوين المدينة الدوائية العلمية، والتي بدأت باستثمارات هندية في مصر، بهدف إنتاج التكنولوجيا الخاصة بتصنيع المواد الخام اللازمة لصناعة الأدوية، مضيفًا أنه يرغب هو وزملائه في تحقيق حلم تصميع المواد الخام في مصر، خاصة أن المواد الأولية موجود في البيئة المصرية من نباتات وغيرها من المواد اللازمة، ولا ينقص الأمر سوى التنفيذ والخطة السليمة.

ونفى محمود فؤاد، مدير المركز، أن تستطيع مصر أو أي دولة إفريقية تصنيع المواد الخام، مؤكدًا أن هذا الملف من الملفات الشائكة التي لا تقدر دول العالم الثالث عليها.

وأوضح "فؤاد" أن أسباب رفضه لنجاح الفكرة في مصر حاليًا، تتلخص في عدم وجود التكنولوجيا اللازمة، أو البحث العلمي المناسب، أو حتى الكوادر المؤهلة، بالإضافة إلى أن البيئة المصرية لا تساعد على توافر خامات كثيرة، مؤكدًا أن سوق تصنيع الدواء يقوم على الاختراعات الكيميائية التي تحتاج إلى بحث علمي مستمر، ومليارات من الدولار.

وأكد مدير مركز الحق في الدواء أن مصر أصبحت سوقًا للاستهلاك فقط، وأن فكرة تصنيع المواد الخام لن تتحقق قبل أشواط كبيرة من البحث وتحصيل التكنولوجيا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً