زيارة ملك السعودية لـ"موسكو".. هل تكسر الصمت الروسي

كتب : سها صلاح

عندما يصعد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز طائرته الملكية، متوجهًا إلى روسيا، سيدور في مخيلته كم هي صعوبات هذه الزيارة.

تُشكل هذه الزيارة أهمية كبرى، ليس فقط لكونها الزيارة الأولى التي يقوم بها ملك سعودي إلى الكرملين منذ تأسيس المملكة على يد المؤسس عبد العزيز آل سعود، ولكن لمحاولة التوافق بين البلدين في الكثير من القضايا التي تشغل الساحة العالمية حالياً.

هذه الزيارة تأتي قبل شهر من اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" التي تعد السعودية أكبر أعضائها، ويفترض أن يناقش خلاله تمديد اتفاق خفض الإنتاج الذي أدى إلى تحسين الأسعار.

وكانت الدول المنتجة للنفط في أوبك وخارجها اتفقت في نهاية العام الماضي على خفض الإنتاج بـ1.8 مليون برميل يوميًّا لمدة ستة أشهر، قبل أن يمدد الاتفاق التاريخي لتسعة أشهر إضافية حتى مارس المقبل.

استراتيجية روسية سعودية

لم تمر هذه الزيارة على وسائل الإعلام مرورًا كأي جولة خارجية يجريها خادم الحرمين، فاحتفت الوسائل تلفزيونيًّا وصحفيًّا، بتوجهه إلى روسيا، إلى حدٍ أصبح الحديث عن تشكيل "استراتيجية روسية سعودية".

"أي شراكة؟" هنا قد يسأل سائل عن أي شراكة تتحدث عنها وسائل إعلام المملكة، فبقدر ضخامة الأزمات في المنطقة فإن الخلافات كبيرة بين موسكو والرياض بشأنها.

في سوريا، تمثل روسيا الركن الرئيسي في بقاء نظام الرئيس بشار الأسد حتى اليوم، ويقول محللون إنّه لولا هذا الدعم لما استمر الأسد رئيسًا للنظام حتى اليوم، بينما السعودية وقفت إلى جانب المعارضة كثيرًا إلا أن الأمر ربما تناقص عن ذي قبل، ورغم ذلك لا ترى الأسد رئيسًا في المستقبل، ما يشكل خلافًا رئيسًا مع موسكو.

جانب آخر من هذه الأزمة هي إيران وتركيا، فروسيا تمثل الضلع الثالث للمثلث معهما بحكم علاقاتهم القوية، وطهران وأنقرة يعتبران شريكين استراتيجيين للدوحة، وبالتالي فإنّ السعودية ستجد نفسها في موقف صعب في هذا الصدد.

الأزمة اليمنية

الأزمة اليمنية ليست بعيدة هي الأخرى عن كل هذه التطورات، وهي تمثل حالة مهمة للسعودية كونها تقود حربًا ضد تحالف الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وجماعة أنصار الله "الحوثي"، فالسعودية ربما تسعى للحصول على دعم سواء سياسي أو حتى عسكري من روسيا، التي تتمسك من جانبها بضرورة الحوار وحل الأزمة بما يتوافق مع القرارات الدولية.

وفي الجوانب الاقتصادية والنفطية، أشارت صحيفة عكاظ السعودية إلى أن شركة النفط "أرامكو" أجرت مباحثات مع شركة "سيبور" الروسية المتخصصة في مجال البتروكيماويات، وذلك بغية إنشاء مشروع مشترك في السعودية، وتفكر الشركتان في إنشاء مشروع مشترك لإنتاج المطاط الصناعي.

ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى مذكرة تفاهم بين الشركتين، خلال زيارة العاهل السعودي إلى موسكو، ليكون باكورة المشروعات في قطاع التكرير والبتروكيماويات بين "أرامكو" والشركات الروسية، إذ سبق أن استثمرت الشركة النفطية السعودية مع شركة "لوك أويل" الروسية بالمناصفة، في مشروع "لوكسار" بالمملكة، المختص في قطاع استكشاف وإنتاج النفط والغاز.

أسعار النفط

الصحيفة توقعت أن التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم خلال الزيارة، وبخاصة أن الدولتين تعتبران أكبر منتجين للنفط في العالم، وتعملان بشكل وثيق للتوصل إلى اتفاقات بين منظمة منتجي النفط "أوبك" والمنتجين المستقلين، لخفض إنتاج الخام النفطي، بغية الحفاظ على استقرار أسعاره في الأسواق العالمية.

تقارير دولية تحدثت عن اهتمام روسي بالزيارة، فذكر موقع "Al-monitor" أن موسكو مهتمة بعلاقاتها الثنائية مع السعودية متعددة الجوانب، وأنّ المصالح الروسية السعودية متشعبة ما بين مصالح اقتصادية واستراتيجية وسياسة خارجية.

وتظهر اعتبارات السياسة الخارجية فيما يتعلق بالتقارب الروسي السعودي، وفي هذا الإطار يقول دميتري سوسلوف نائب مدير البحث في المجلس الروسي للسياسة الخارجية والدفاع "الصراع الدائر في سوريا يظل أحد العناصر التكتيكية الهامة التي ينبغي بحثها مع الجانب السعودي والتي تتوقع موسكو أن تحقق نجاحات بشأنها خلال زيارة الملك سلمان للبلاد".

وأضاف من المعروف أن ثقل السعودية في القضية السورية يأتي من كونها أحد أقطاب المذهب السني في المنطقة وبالتالي فإنّ لها كلمة مؤثرة لدى الجماعات المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلي كونها أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة بايرن ميونيخ وفرانكفورت (3-2) في الدوري الألماني (لحظة بلحظة) | جووووووووووووول أوليسي