لازالت مُحافظة المنوفية تُصدر لجمهورية مصر العربية شهداء ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن، فضلًا عن عدد كبير من الوزراء والزعماء في كافة المجالات، لم تخلو قرية من قري المحافظة من شرف امتلاكها "شهيد" سواء في حرب 6 أكتوبر أو في عمليات الإرهاب الخسيسة، كان لـ "أهل مصر" لقاء مع عدد من الأبطال الذين حاربوا وضحوا بأنفسهم من أجل الوطن في أحداث 6 أكتوبر، وكان لنا أيضًا "جولة" داخل متحف الرئيس محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام، ولم ننسي دور الراحل عاطف السادات أول شهيد في الحرب وأحد أبناء المنوفية.
تربع السادات على عرش مصر بعدما تقلد عدد من المناصب الهامة وتدرج بها حتي أصبح بطلًا للحرب والسلام، وكلما تذكرنا حرب أكتوبر يأتي اسم "السادات" دائمًا مرتبطًا بكل شئ، كان الشرف لأهالي قريته "ميت أبو الكوم" ومازالوا يحتفلون وكلهم فخر بأن السادات ينتمي لهم، كان يسكن منزل تم تشييده علي ما يقرُب من 11 فدان، الأهم أن به "متحف" يحوي مقتنيانه الشخصية وصورًا تجمعه برؤساء الدول والشخصيات الهامة.
بعد اغتيال "الزعيم" عُرض المنزل للبيع؛ وقام بشرائه نجل شقيقه محمد أنور السادات، النائب البرلماني السابق، الذي عمل جاهدًا ليُصبح المنزل مزارًا لمُحبي السادات، وبالفعل جعل "المضيفة" مكانًا لاستقبال المواطنين؛ مثلما كان يفعل السادات، اشترطت زوجة الراحل جيهان السادات عدم تغيير أي شئ من أثاث "المضيفة"، يزور المحف سنويًا 18 ألف زائر بينهم 8 آلاف شخص من الدول الأوروبية.
"عاطف" السادات" اسم لازال يتردد على ألسنة جميع سكان مُحافظة المنوفية، فهو أول شهيد في حرب أكتوبر، ولد في 13 مارس عام 1948 م وتخرج في الكلية الجوية عام 1966 م وقضى عامين في الاتحاد السوفيتي تطبيقًا لبرنامج تدريبي على المقاتلات الجوية ثم القاذفات المقاتلة (السوخوى)، ويحكي أقاربه أنه طلب من قائد تشكيله "زكريا كمال" أن يشارك في الضربة الأولى بدلًا من الانتظار إلى ضربة ثانية كانت تُجهز لها القوات الجوية، وأمام إلحاحه استجاب قائده لذلك، فانطلق مع 36 طائرة أخرى من طائرات لواء السوخوي 7، وكانت المهمة ضرب موقع صواريخ الهوك الإسرائيلي للدفاع الجوي ومطار المليز، وكان من قادة التشكيلات في هذه الضربة الرائد زكريا كمال والطيار مصطفى بلابل، وعندما أصبحوا فوق الهدف تمامًا، أطلق "عاطف" صواريخ طائرته مُفجرًا رادار ومركز قيادة صورايخ الهوك اليهودية للدفاع الجوي المحيطة بالمطار، وقام باقي التشكيل بضرب وتدمير مطار المليز وإغلاقه، ثم قام بدورتين كاملتين للتأكد من تدمير الهدف المنوط به تمامًا، وفي الدورة الثالثة أُصيبت طائرته بصاروخ دفاع جوي إسرائيلي، فتحطمت طائرته في منطقة رابعة واستُشهد علي إثر ذلك.
امتكلت مدينة تلا، أحد مدن المُحافظة، ما يزيد عن 20 شهيد، هم الشهداء سعيد السيد التراس ومحمد فتحي إبراهيم وياقوت مرسي سالم وصبحي محمد جاد الله وفتحي علي جاد الله ومحمد زكي الرفاعي ومصطفى طه السعدني ومنير علي باشاي وصبحي مصطفى مسلم وعمر محمود إبراهيم وعبدالواحد كامل عليوة وإبراهيم أحمد مصطفى وحسين محمد نصار ومحمد الصاوي زيد وعبدالمحسن عبدالحميد إبراهيم وجمال عبدالسلام خليل ورزق أحمد التقني ومحمود مصطفي بدر الدين وإبراهيم المرسي إبراهيم وعلي محمد هيكل، ودونت مدينة الباجور اسم شهدائها في قائمة بالنصب التذكاري الذي تم تطويره مؤخرًا.
- ظنوا أنه إسرائيلي والجيش المصري ألقى القبض عليه:التقى "أهل مصر" بـ العقيد محمد أبو عصفور، ابن مركز شبين الكوم؛ والذي شارك في حرب أكتوبر بسلاح الرادار، عمل هو وأصدقائه علي توفير حقل راداري مُفاجئ لجنود العدو، وأكد أنه كان يسعي للنصر أو الشهادة ولم يتردد في المشاركة بالحرب من أجل الوطن، مُشيرًا إلي روح التعاون والوطنية التي كانت تنتشر بين جميع الضباط والجنود؛ فالجميع اتحد علي هدف واحد وسعوا لتحقيقه، وعن لحظة النصر التي ارتفعت فيها الأعلام المصرية فوق الضفة بسيناء وتعالت أصوات التكبير، بعد أن بدأت بشائر النصر بعبور خط برليف؛ كنت في تلك اللحظة بين الأديبة والسويس بصحبة مجموعة من الجنود؛ جميعنا بسيارة واحدة، فجأة تم تدمير السيارة وكتب الله تعالي ليا الحياة، ولهيئتي وشعري الكثيف ظن الإسرائليين أنني واحدًا منهم ولم يتم أسري أو ضربي بالنار، بعدها حاولت العودة إلي السويس؛ ولكنني تفاجئت بأحد الضباط المصريين يُلقي القبض عليا، ظنًا منه أنني ضمن جنود العدو.
يوسف عبدالرحمن أبو زين، التحق بالقوات المسلحة سلاح إمداد وتموين قبل شن الحرب على العدو الصهيوني بشهر واحد فقط، عمل هو وأصدقائه على إعداد المأكل والمشرب لأشقائهم من الجنود، وعمل جاهدًا للمشاركة في الحرب؛ كان حلمه أن ينال الشهادة؛ ولكنه لم ينال تلك الشرف، وأُصيب بطلق ناري في ساقه ومازال يُعاني حتى الآن، ويضيف أن خط برليف تم ضربه 6 مرات، وفي الأخيرة استطاعوا العبور، كما أشار إلي مدته في الجيش والتي استمرت لـ 7 سنوات، ومن ثم التحق اثنين من أشقائه ليكملوا مسيرة الوقوف بجوار الوطن.
يحكي فتحي أبو دراع، مجند بسلاح الخدمات؛ أنه كان ومعه 8 جنود يحاولون إعطاء الجنود "مياه" فإذا بغارة جوية تأتي نحوهم وتُحرق الجميع ويتبقي هو وصديق له، واستمر في الخدمة العسكرية لمدة 5 سنوات، واستكمل أبو المعاطي بدوي "أحد المشاركين بالحرب" والذي تولي عملية تسليم إشارة بدء الحرب إلي قائد الكتيبة، وأثناء ذهابه أُصيب بطلق ناري ولم يُكتب له الموت بينما استُشهد جندي كان يرافقه بطلق ناري في الرأس أودي بحياته في الحال.