اللواء يحيى عبد الحميد اللقانى، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة الذين عبروا فى الساعات الأولى يتحدث عن ساعات الأزمة التى عاشتها مصر وأيام الانتصار.- فى البداية نريد أن نتعرف على السيرة الذاتية للواء يحيى اللقانى؟تخرجت من مدرسة عمر مكرم الثانوية، بنين بمدينة دمنهور بالبحيرة، ثم التحقت بالكلية الحربية سنة 1971 الدفعة 63 حربية، وكانت الدراسة فى الكلية فى ذلك الوقت مقسمة لنصفين، الصف الأول والثانى كانا بدولة السودان، والصف الثالث والرابع بمصر، وذلك خوفًا على الطلاب الجدد الذين لم يتدربوا، تخصصت ضمن سلاح المشاة، وخلال انضمامنا للمشاة أخذنا فرقة صاعقة وفرقة مظلات، وذلك لأننا القوات الأساسية التى ستعبر فى بداية المعركة، تخرجت من الكلية الحربية وتوزعت على الكتيبة 24 اللواء الثامن، الفرقة السابعة، الجيش الثالث الميدانى فى السويس، وكان تمركزها فى مطار كبريت، وعندما وصلت إلى الكتيبة كانت هناك نقطة قوية وعليها العلم الإسرائيلى مرتفعًا على الضفة الشرقية من سيناء، فكان ذلك المشهد كفيلا بأن يستنفر مشاعرنا لضرورة المحاربة لاسترداد الأرض والكرامة.- كيف كان التخطيط والإعداد لحرب أكتوبر المجيدة؟التخطيط والإعداد لحرب أكتوبر المجيدة بدأ منذ يونيو 67 بدليل أن المدمرة إيلات دمرت فى 67، وهذه الضربة غيرت خريطة البحرية فى العالم، حيث دمرت أكبر قطعة بحرية فى العالم بصواريخ وتوربيدات مصرية "صغيرة الحجم " فالإعداد كان مستمرًا "تدريبًا وتسليحًا ومعنويًا ".- كيف تعاملتم مع خط بارليف؟بدأت إسرائيل فى عمل الساتر الترابى، وكانت فكرة الجنرال "حاييم برليف"، رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، واستطاع أن يقنع الكنيست بأن خط بارليف حماية أبدية ولا يقهر، وكان عبارة عن 22 نقطة قوية بارتفاع 17 مترًا، بزاوية شبه قائمة 80 درجة من السويس إلى بورسعيد ويربطها ساتر ترابى وخلفها بعشرة كيلومترات توجد 10 نقاط قوية للمدفعيات وللاحتياطات الخفيفة، وعند المضايق نقطة حفيفة خاصة بالاحتياطات سريعة الاندفاع، والتى ستقوم بالهجمات المضادة على قناة السويس والساتر الترابى بما فيها النقاط القوية الخارج منها مواسير النابالم، فضلا عن 10 نقاط قوية فى العمق كل هذه المنظومة اسمها خط بارليف، وكنا نحن أول موجة عبور وأول مجموعة تنزل المياه.- حدثنا عن يوم الحرب وموقعك فى المعركة؟كنا متمركزين فى مطار كبريت ومن المقرر أن نعبر من جنوب البحيرات، تحركنا يوم 4 أكتوبر على أساس تدريب مشروع عادى، وتم تشكيل مؤخرة وجنود تحرسها، وجاءنى عدد من الجنود "رديف"، تم استدعاؤهم يوم 4 أكتوبر، وكان هذا ضمن الخداع الاستراتيجى، وانضمت لى فصيلة مدافع مضادة للدبابات وأخذنا بيتا قديمًا فى السويس كمبيت لنا.وفى يوم 5 أكتوبر كان النقيب ماهر أبوالمجد على من مدينة دمنهور قد طلب منا 3 قادة فصائل، وكنت أنا وعبدة طه العصفورى ويوسف هلال إبراهيم، وقال لنا كل فرد هدفه الهجومى عند هذه التبة، وأشار بيده على العلامة واتجاه التقدم الثانى بعد العبور، وهذا اليوم أعطانا توقيتات أهم هذه التوقيتات أنه فى تمام الساعة 2.20 سنعبر المياه، لأن سريتنا هى أول موجة عبور وأول مجموعة، ومهمتنا أيضًا التجهيز للمجموعات التى سوف تعبر خلفنا، وبالتالى كنا قد استلمنا قوارب، وكنت قائد فصيلة، وكان معى أربعة قوارب داخل حقائب وموضوعة داخل حفر برميلية تحت الأرض حماية من أى ضربة مدفعية أو طائرات.وكنا قد جهزنا حفرًا طولية بطول القارب بحيث يوضع فيها القارب ويتم نفخه بواسطة منافيخ القدم والقارب مقسم إلى غرف منفصلة بحيث لو دمر جزء من القارب يظل باقى القارب سليما ومعبأ بالهواء، وكان مع كل قارب حصيرة خشبية للوقوف عليها، مع كل قارب زاويتين 2 قدم، حبل بدلون وزاويتين 6 قدم وسلم خشب، وكل قارب مجهز بجماعة مشاة مكونة من 10 أفراد، وتم وضع القوارب فى الحفر الطولية، ونفخها وتسليحها الرئيسى كان "آر بى جى" ورشاش خفيف وأربع بنادق.- تعرضت بالتأكيد للموت فى الحرب فما هى أبرز المواقف التى عايشتها؟كان يوم السابع عشر من أكتوبر أطول يوم فى التاريخ، فكان لزامًا على العدو ألا يسمح للواء 25 مدرع بالتقدم على طريق الشط، وكنت أنا مكلف بخدمة الطريق، فلم أر السماء من كثرة الطائرات الإسرائيلية وكذلك المدفعية وتخندقت الدبابات الإسرائيلية محتلة ربوة عالية وأخذت تصوب مدافعها صوب دباباتنا وتصيبها إصابات مباشرة، وانتشرت الدبابات بالمواجهة وإذا بالجنود يتركون الحفر البرميلية للهرب من هذا الجحيم ووسط هذا، إذ بقائد السرية ينادينى فذهبت إليه وقال لى صدرت الأوامر بتشكيل طاقمى اقتناص وتدمير دبابات العدو المتمركزة أمامنا فقلت له: "أروح إزاى والأرض مكشوفة، وممكن ننضرب قبل ما أوصل إليهم يعنى دى عملية انتحارية"، فقال لى قائد السرية جملة لن أنساها "إذا مت شهيدا ولا تموتش خاين" فقلت له: شهيد بإذن الله، وبالفعل كونت طاقمى اقتناص دبابات وتقدمت مسرعًا نحو الدبابات، وإذا بدانة دبابة للعدو تنفجر على يسارى وتصيبنى بشظاياها، وجاء لى قائد السرية ووضعنى فى حفرة برميلية وقلت له "عايزك تقول لأهلى إنى استشهدت"، فقال لى "هتعيش هتعيش"، وتم إخلائى للمستشفى الميدانى، ولكن حالتى كانت تستدعى إخلائى إلى القاهرة، ووصلت إلى مستشفى دار الشفاء بالعباسية، وبسرعة جهزونى لغرفة العمليات، واستمر العلاج قرابة العام ونصف العام، وأجريت لى 10 عمليات جراحية داخل مصر وعملية جراحية بالمستشفى العسكرى بدولة رومانيا. - ما هى الأوسمة التى حصلت عليها؟حصلت على نوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى، ميدالية جرحى الحرب من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وعلى نوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى من الرئيس السابق حسنى مبارك، وعلى ميدالية العيد الفضى لحرب أكتوبر وغيرها.نقلا عن العدد الورقي.