نقلت صحيفة هآرتس المخاوف الإسرائيلية حيال نتائج إمكانية فوز "مثلث إسلامي" بانتخابات قيادات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) التي ستُجرى اليوم في العاصمة الفرنسية باريس.
وقالت الصحيفة أن تعزيز النفوذ العربي والإسلامي في الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة يشكل هواجس لدى تل أبيب، الأمر الذي سيدفعها إلى العمل للتأثير على سير الانتخابات باختيار قيادات مقبولة وغير مناهضة لسياساتها بغية صد واحتواء المواقف الدولية المناهضة لإسرائيل في اليونسكو.
ولأن إسرائيل ليست عضوة في المجلس التنفيذي فلن يكون بإمكانها المشاركة في الانتخابات على مناصب المدير العام للمنظمة ورئاسة المؤتمر ومنصبين رئيسيين في المنظمة، والمرشحون الأوفر حظا للفوز بهذه المناصب هم من قطر والسعودية وإيران ومصر والمغرب.
هذا الحضور العربي والإسلامي في اليونسكو حذر منه مندوب إسرائيل باليونسكو كرمل شاما هكوهين الذي زعم أن انشغال تل أبيب في الصراع على القدس حال دون أن يكون لها موقف باختيار الأسماء المنافسة في الانتخابات.
وراء الكواليس
قال مدير المعهد الإسرائيلي "ميتفيم" المتخصص بالسياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط نمرود جورن إن انتخابات الهيئات والمناصب الرفيعة بمنظمة اليونسكو لم تدرج لغاية الآن على أجندة حكومة بنيامين نتنياهو.
المجلس التنفيذي لليونسكو صوت عام 2016 على قرار يعرف الحرم القدسي بأنه مكان مقدس للمسلمين ولم يذكر أي علاقة له باليهود.
لكن جورن قال أن التحذير من إمكانية أن تتولى دول عربية وإسلامية مناصب رئيسية في اليونسكو يشير إلى هواجس ستدفع إسرائيل للتأثير على سير ونتائج الانتخابات وتحقيق المكاسب التي قد تحول دون اتساع السياسات العدائية لتل أبيب بالأمم المتحدة وهيئاتها.
-نتنياهو وصناعة العدو
وخلافا للطرح الإسرائيلي المعلن الذي يصور منظمات الأمم المتحدة بأنها معادية لتل أبيب تري الصحيفة أن المجتمع الدولي منحاز لإسرائيل ونتنياهو الذي يجيد "صناعة العدو" ويريد البقاء بحالة صدام مع العرب والمسلمين، وسيوظف الانتخابات المستقبلية لهيئات اليونسكو لتبرير أجندته وسياسته تجاه القضية الفلسطينية.
وتقول إن نتنياهو وبمعزل عن نتائج الانتخابات سيروج لدى الرأي العام الإسرائيلي أن العالم العربي لم يتغير ويكن العداء لإسرائيل، وسيواصل التعامل مع الهيئات الدولية كحلبة مصارعة تخدم مصالحه السياسية والحزبية في إسرائيل حفاظا على منصبه وحكومته.
ورأت أن الدليل على هذا التوجه من قبل نتنياهو هو أن تل أبيب تعلم جيدا أن منظمات الأمم المتحدة لا تشكل ضغوطا عليها، وأن القرارات الصادرة عنها في كل ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي فقط للبروتوكول، بينما الإدارة الأميركية لها القول الفصل في السياسات الدولية.
اختيار المرشحين في اليونسكو
ويختار المجلس التنفيذي لليونسكو قائدا جديدا ليحل محل المدير المغادر إيرينا بوكوفا، الذي تشوبت فترة ولايته بتمويل المشاكل والتوتر بشأن إدراج فلسطين كعضو فيها.
وشكلت الخلافات الدبلوماسية الشديدة السباق بين سبعة مرشحين ليصبحوا المدير العام المقبل لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.
وقد أرادت الدول العربية منذ فترة طويلة أن تقود المنظمة، على الرغم من أن الانقسامات حول العضوية الفلسطينية أدت إلى تعقيد دفعها.
يبدأ التصويت من قبل المجلس التنفيذى لليونسكو الذى يضم 58 عضوا بعد قليل ويستمر خلال الاسبوع حتى يحصل المرشح على اغلبية.
ثم يختار الاختيار إلى الجمعية العامة الكاملة لليونسكو في الشهر المقبل للحصول على الموافقة النهائية.
ومن بين كبار المرشحين تشيان تانغ من الصين ووزيرة الحكومة المصرية السابقة مشيرة خطاب ووزير الثقافة السابق قطر حمد بن عبدالعزيز الكواري.
وستعطي أولوية قصوى للمدير القادم الدعم المالي في اليونسكو، التي تشتهر ببرنامجها للتراث العالمي لحماية المواقع الثقافية والتقاليد في جميع أنحاء العالم.
وتعمل الوكالة أيضا على تحسين تعليم الفتيات في البلدان الفقيرة للغاية وفي المجالات العلمية، وتعزيز فهم أفضل لأهوال المحرقة، والدفاع عن حرية وسائل الإعلام، من بين أنشطة أخرى.
وكانت الولايات المتحدة - التي كانت أكبر مساهم مالي لليونسكو - وإسرائيل قد علقت تمويل اليونسكو عندما صوت أعضائها لجعل فلسطين دولة عضوا في عام 2011.
ورأى الكثيرون أن التصويت كدليل على التحيز المتأصل ضد إسرائيل داخل الأمم المتحدة، حيث إسرائيل وحلفاؤها وهو ما يفوق بكثير البلدان العربية ومؤيديها.
وقامت اليابان بعد ذلك بحجب مستحقاتها في العام الماضي، قائلة إنها ترغب في التأكد من أن اليونسكو تعزز الثقة بشكل صحيح بين الدول الأعضاء - وهو قرار ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره ردا على إدراج اليونسكو لوثائق الاغتصاب الصينية نانكينغ كذكرى للعالم.
تجدر الاشارة إلى أن اليابان تعارض وجهات النظر التاريخية للصين حول مذبحة عام 1937 وان الفوز للصين فى سباق المخرج قد يعرض للخطر مساهمة اليابان المالية.
وفي الوقت نفسه، فإن الخلاف بين قطر وجيرانها حول أنه يرعى التطرف الإسلامي يهدد بالتأثير على المرشح القطري - إلى جانب تقارير إعلامية تشير إلى أن قطر تحاول شراء الدعم بين أعضاء اليونسكو.
ومع دور الولايات المتحدة في اليونسكو قيد البحث، يتصور البعض أن الصين تحاول الاستفادة من الفراغ للسيطرة على اليونسكو ووكالات الأمم المتحدة على نطاق أوسع.