الكاروشي.. نمط حياة يصيب مدمني "الإفراط في العمل" ولا يصيب الشعوب العربية

كشف الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس أن ظاهرة (الكاروشي) التي تحظي حاليا باهتمام علمي عالمي ناشئ عن تداول الإعلام لخبر وفاة فتاة يابانية فجأة نتيجة الإفراط في العمل ، باتت موضوعا ملحا ل ٤٥ دراسة وبحث لغرابتها وحصرية مناطق حدوثها.

وقال "بدران": "إن هذه الظاهرة التي تعد مجازا (مرضا جديدا) تؤدي إلى الوفاة المبكرة وتنتشر في الشعوب التي تعشق العمل وتقدسه وتتفانى فيه (اليابان والصين) وتصيب بصفة خاصة فئة العمال والصحفيين فيما ولا يعرفها أغلب شعوب دول العالم الثالث.

وأضاف : "إن المتفانين في العمل والخاضعين للأعمال الشاقة كالبناء وغيرها من المصريين لديهم مناعة ذاتية ضد الإصابة بهذا المرض الذى يعد نمط حياه عصريا" موضحا أن "كروشي" يعد مصطلحا يابانيا يعني الوفاة المهنية المفاجئة نتيجة الإفراط في العمل حيث حب العمل المتأصل في الثقافة اليابانية إلى حد الانتحار وتفضيل البعض للموت وهو يعمل ، الأمر الذي دفع الحكومة اليابانية بالإعلان عن إجراءات لتقليص عدد ساعات العمل الإضافية لمنع الموظفين من الانهماك فيه حتى الوفاة.

وأشار بدران إلى أن ٢٠% من الموظفين اليابانيين يواجهون خطر الموت نتيجة الإفراط في العمل حيث يعملون أكثر من 80 ساعة إضافية شهريا، مشددا إلى أن الكاروشي بات قضية أكثر خطورة في الصين إذ يصيب العمال المهرة والمهندسين ، والظاهرة الأشد ضررا أنه أصبح وباء قاتلا صامتا للأطباء الصينيين حيث يسبب لهم الموت المفاجئ نتيجة زيادة ساعات العمل والتوتر الشديد الناتج عن الزيادة المفرطة في عدد المرضى المتناسب مع عدد السكان حيث يعيش ٢٢ % من إجمالى البشر في العالم بالصين.

وقال : إن العمل إكسير للحياة ويفتح شهية المرء على الانغماس في دوامة الحياة التي تعصف بالكسول وتجعله يدور في فضاء التيه وكأنه محروم من الجاذبية الأرضية والعمل يعطي الإنسان توازنا يعينه على التماسك النفسي والثقة بالنفس بالإضافة إلى أن ما تؤمن به المجتمعات المتدينة من أن العمل والعبادة.

وأرجع استشاري المناعة سبب الوفاة الناتجة عن الكاروشي إلى الإجهاد المفرط في العمل وسوء التغذية وعدم توافر وقت للعلاج من الأمراض المزمنة موضحا أن الأسباب الطبية الرئيسية المعلنة لوفيات كاروشي هي فشل القلب والسكتة الدماغية والتوتر والحرمان من الطعام فترات طويلة والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وقلة النوم والضوضاء.

ولفت إلى أن هناك عوامل أخرى تمهد لحدوث هذه الظاهرة المرضية منها إهمال الصحة العامة وسوء التغذية وربما تكون الحاجة المادية وراء الإفراط في العمل وما يستتبع ذلك من ضغط الإنفاق وعدم توازن الوجبات الغذائية في الكم والنوع وتفشي ظاهرة باقات تعدد الأمراض المزمنة ، وتأخر أو إهمال علاجها والعمل تحت ضغط بشري هربا من الحروب والصراعات المسلحة( كما يحدث في تجارة البشر).

وقال : إنه طبقا لدراسة حديثة منشورة في فبراير الماضي تبين أن الإفراط في العمل ربما يسبب الوفاة وأن من بين عوامل الخطر المهنية ساعات العمل الطويلة والحرمان من النوم اللذين يمكن أن يسببا تعرض العمال للإجهاد في مكان العمل مما قد يؤدي إلى زيادة خطر الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، لافتا إلى أن النوم لأقل من ست ساعات يزيد من خطر الموت المبكر بنسبة 12 % ويمهد للوفاة المبكرة وأن تقليص ساعات النوم لفترات طويلة يعد عامل خطورة لتطور أمراض العصر كالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية.

وأضاف : إن النوم يغسل التعب من الجسد خاصة النوم ليلا في جنح الظلام التام والسكون التام بلا أية ضوضاء..مشددا على ضرورة الحصول على قسط وافر من النوم لثمان ساعات على الأقل فى المتوسط وفي مواعيد منضبطة وتنظيم وقت النوم لتفادي حدوث اضطراب بالساعة البيولوجية للجسم وإيقاع مستوى الهرمونات ودرجة حرارة الجسم.

وتابع بدران : إن تعطيل توقيت الساعة البيولوجية والإخلال به ربما يسبب عواقب وخيمة على المناعة والقلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي والصحة العقلية وأن قلة النوم تسبب التوتر ونقص المناعة وقلة الاستجابة للتطعيمات المناعية .. مشيرا إلى أن هناك علاقة بين نمط النوم والمناعة فالحرمان من النوم ليوم كامل يقلل المناعة من أربعة إلى سبعة أيام ويرجع هذا إلى تعزيز النوم للذاكرة المناعية التي تحمي الإنسان من عدوى الأمراض أو التخفيف من حدتها وتقل المناعة مع النوم المتقطع وقلته كما تزيد من معدلات الإصابة بالبرد.

وشدد على أنه ينبغى على مرضى الحساسية الحذر من قلة النوم حيث تزيد الخلايا التحسسية مع قلة النوم مما يسرع من أعراض الحساسية، مؤكدا أن قلة النوم تقلل من قراءة تعابير الوجوه خاصة المعبرة عن الغضب والمعبرة عن الرضا والسعادة وتقلل كذلك من القدرة على قراءة العواطف وترجمتها والتي تعد عاملا شديد الأهمية للتفاعل الاجتماعي.

ودعا بدران إلى الحفاظ على الصحة العامة مقدما ١٢ نصيحة تحمي الإنسان من الوقوع في براثن الكاروشي وهي عدم إهمال علاج الأمراض المزمنة والصيام المتقطع وممارسة الرياضة يوميا لأثرها في التقليل من التوتر ورفع المناعة وزيادة الحالة المزاجية وصفاء الذهن وتناول الأغذية الطبيعية المتوازنة في الكم والنوع والنوم بحلول الظلام ومكافحة تلوث الهواء ونشر زراعة الأشجار في كل مكان ومحاربة إدمان التبغ والمخدرات والملح والسكر وتناول العقاقير بدون مشورة طبية والابتسام والقهقهة والفضفضة والقراءة والعمل بروح الفريق والترفيه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً