قانون التبرع بالجسد.. أمال لوقف تجارة الأعضاء.. "الصحة" غير مستعدة لاستقبال المتبرعين.. والأطباء: لم نُخطر بعد بالتفاصيل

كثير من الموت قد ينفعك أحيانًا، فمصائب قوم عند قوم فوائد وربما تتخطى مرحلة الفائدة لتصل إلى الحد الفاصل بين الحياة والموت، فموت أحدهم قد يكون سبيلا لحياة آخر، قد تحتاج إلى عضو من جسده لتحيا بعد مرض طويل، وتكتب لك النجاة فورًا، وهو ما يحتاج إلى قوانين جديدة في دولة يحكمها الدين والعُرف، واللذان يمنعان تناقل الأعضاء البشرية، تطبيقًا لحًرمة الموتى.

وفي تطور جديد، أعلن الدكتور على محروس رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص وعضو اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة، أمس، فتح الوزارة باب تلقى الوصايا الموثقة من الشهر العقارى لمن يرغب فى التبرع بالأعضاء من المتوفين حديثًا.

وقال "محروس" إن القانون يسمح بالتبرع شرط وجود وصية موثقة فى الشهر العقارى، على أن تقوم اللجنة العليا بالحصول على أعضائه بعد الوفاة وحفظها وتوفيرها بالمجان لمن يرغب فى نقل الأعضاء وحالتة المرضية تستدعى ذلك، مضيفا أن الوزارة ليس لديها أى بنوك لحفظ الأعضاء التى سيتم الحصول عليها من المتبرعين بعد الوفاة، كما أنه لم يتم تحديد أى مستشفيات يتم فيها الحصول على الأعضاء.

وبالفعل، صدرت أول وصية موثقة بالشهر العقاري المصري من المهندس يوسف حنا، وتقدم بها إلى اللجنة العليا لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة، وتقضي بقبوله نقل أي جزء أو عضو من جسده بعد وفاته دون مقابل مادي.

ويفتح إعلان وزارة الصحة حالة جديدة من الجدل بين المواطنين والوزارة من ناحية، وبين الوزارة والأطباء من ناحية أخرى، بسبب عدم ظهور ملامح المشروع الأساسية وإعلان "الصحة" بشكل مبهم عن خطوة جديدة لم يتوقع أحد.

وتذكر الحالة الجدلية الدائرة حاليًا، بماضٍ قريب، حينما أعلن الدكتور عادل عدوي وزير الصحة والسكان الأسبق، أن اللجنة العليا لزراعة الأعضاء ستفعل نقل الأعضاء من الأموات للأحياء قريبًا، وقتها انتشرت حالة من الجدل، وانقسم المصريون إلى فريقين أحدهما معارض ويجرم الفعل ويدعو علماء الأزهر لإصدار فتوى مانعة، وآخر مؤيد وينظر إلى الأمر على إنه فرصة لكثير من المرضى لحياة ثانية، وقتها، صدرت فتوى من دار الإفتاء المصرية، تجيز التبرّع بالأعضاء من حي أو ميت.

قانون 5 لتنظيم زرع الأعضاء البشرية

وصنفت منظمة الصحة العالمية، في عام 2010، مصر ضمن الدول الخمس التي تنتشر فيها بشكل كبير التجارة غير الشرعية للأعضاء البشرية، فأصدرت مصر قانونًا لتنظيم التبرع بالأعضاء البشرية، يشترط أن يكون التبرع بين الأقارب حتى الدرجة الرابعة ويتيح نقل الأعضاء من الموتى في حالة "ثبوت الموت يقينيا"، ولا يتيح القانون نقل الأعضاء من الموتى إكلينيكيا، أي بعد موت جذع المخ وهو التعريف المتفق عليه دوليا.

وبالعودة للقانون المصري، فيما يخص نقل الأعضاء وزراعتها من الأحياء أو الموتي، وجدنا قانون رقم 5 لسنة 2010، بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية، والذي تم نشره بالجريدة الرسمية للدولة، وجاء فيه..

مادة (1): لا يجوز إجراء عمليات زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة بنقل أى عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حى أو من جسم إنسان ميت بقصد رزعه فى جسم إنسان آخر إلا طبقًا لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له.

مادة (9): تنشأ لجنة عليا تسمى (اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية) تكون لها الشخصية الاعتبارية تتبع رئيس مجلس الوزراء، ويصدر بتشكيلها وتنظيم عملها وتحديد مكافآت أعضائها ومعاونيهم قرار منه بناء على عرض وزير الصحة. ويتولى وزير الصحة رئاسة اللجنة ويعين أمانة فنية لها، وتتولى اللجنة إدارة وتنظيم عمليات زرع الأعضاء وأجزائها والأنسجة، وتحديد المنشآت التى يرخص لها بالزرع وكذلك الإشراف والرقابة عليها وفقًا لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له.

مادة (14): لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسد ميت إلا بعد ثبوت الموت ثبوتًا يقينيًا تستحيل بعده عودته الى الحياة، ويكون إثبات ذلك بموجب قرار يصدر بإجماع الآراء من لجنة ثلاثية من الأطباء المتخصصين في أمراض أو جراحة المخ والأعصاب، أمراض أو جراحة القلب والأوعية الدموية، والتخدير أو الرعاية المركزة، تختارها اللجنة العليا لزرع الاعضاء البشرية، وذلك بعد أن تجري اللجنة الاختبارات الإكلينيكية والتأكيدية اللازمة للتحقق من ثبوت الموت، طبقًا للمعايير الطبية التي تحددها اللجنة العليا ويصدر بها قرار من وزير الصحة، وللجنة في سبيل أداء مهمتها أن تستعين بمن تراه من الأطباء المتخصصين علي سبيل الاستشارة. ولا يجوز أن يكون لأعضاء اللجنة علاقة مباشرة بعملية زرع الأعضاء أو الأنسجة، أو بمسؤولية رعاية أي من المتلقين المحتملين.

مادة (15): يُشكل في كل منشأة من المنشآت المرخص لها بزرع الأعضاء البشرية فريق طبي مسئول عن الزرع، يتولي رئاسته مدير لبرنامج زرع الأعضاء من الأطباء ذوي الخبرة الفنية والإدارية. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون قواعد تشكيل هذا الفريق والشروط الواجب توافرها في أعضائه، واختصاصاته. ويكون المدير مسؤولًا عن إدارة البرنامج وتقييم أداء الفريق، وحُسن أداء الخدمة الطبية والاجتماعية للمرضي والمتبرعين، وتذليل العقبات أمام تنفيذ برنامج الزرع علي الوجه الافضل، وتمثيل البرنامج أمام اللجنة العليا، وسائر الجهات الطبية والإدارية ذات الصلة.

ورغم وجود مثل هذا القانون إلا أنه لم يتم تطبيقه ولم يعرف عنه أحد شيئًا منذ التفكير به، ويرى خبراء أن قانون لتنظيم نقل الأعضاء من الموتى قد يكون السبيل إلى مكافحة جدية لتجارة الأعضاء والتي انتشرت في مصر مؤخرًا، وحسب تقارير وزارة الصحة فإن المواطن يستطيع التبرع بأعضائه، من خلال التسجيل في مراكز زراعة الأعضاء في مصر، والتي يتجاوز عددها الأربعين مركزًا أو من خلال التسجيل كمتبرع، أو زيارة مركز اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية.

وفي هذا السياق، نفى الدكتور هاني مهنا، عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، عرض وزارة الصحة أي أمر يتعلق بإعلانها قبول التبرع بأعضاء الموتى، مؤكدًا أن النقابة من الجهات المنوط بها مناقشة أي قرار أو تشريع طبي جديد.

بينما ذكر لنا الدكتور نبيل عبد المقصود مدير مستشفى قصر العيني الفرنساوي الجديد، أنه إذا تم تطبيق مثل هذا القانون فإنه سيعود بالخير على الجميع من مرضى ومنظومة صحية، مما يعد بمثابة خطوة ناجحة للوزارة، مضيفا أنه لا يعرف ملامح القانون بعد أو طريقة تطبيقه لذا سينتظر حتى يتعرف إليه أكثر، ثم يدلي برأيه.

وأضافت الدكتورة جيهان الخولي، نائب رئيس مستشفى قصر العيني التعليمي الجامعي، لـ"أهل مصر" أن الوزارة لم تخطرهم بعد بقبول حالات تبرع بالأعضاء بعد الوفاة، مشيرة إلى أن قصر العينى وغيره من المستشفيات يخضعون للقوانين التي تنظمها الدولة، وبناء عليه لا يستطيعون تنفيذ التبرع بالأعضاء بشكله الجديد إلا من خلال توجيهات مباشرة من الدولة متمثلة في البرلمان ووزارة الصحة.

وطالبت "الخولي" بتوضيح من المسئولين حول ما تم نشره، مضيفة أنه إذا اتخذت الدولة مثل هذا الأمر فلابد لها من تشريعات قوية تضمن ألا تتحول المسألة من مجرد فكرة لمحاربة تجارة الأعضاء وتوفير احتياجات المرضى، إلى تجارة أكبر في الأعضاء وبصيغة قانونية.

وأشارت نائب مدير قصر العيني إلى أنه يجب تطبيق مبدأ التشاور وأخذ رأي العلماء والمختصين قبل تفعيل أي قانون جديد، مؤكدة أنه يجب وضع المريض المصري أمام المسئول وهو يخطط لقوانين جديدة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً